تمثل الهجرة الجماعية التي تقوم بها الفراشة الملكة لمسافة 4800 كيلومتر في أمريكا الشمالية واحدة من أكثر مهرجانات الفراشات ابهارا في العالم حين تشرع الملايين من هذه الحشرات في رحلة خريفية مضنية من كندا شمالا وحتى المكسيك وسواحل كاليفورنيا جنوبا.
وقدم العلماء الذين فحصوا الطاقم الوراثي (الجينوم) لهذه الفراشات الزاهية الألوان رؤية دقيقة أمس الأربعاء لهذه المغامرة السنوية في الجو.
ووضع العلماء ايديهم على جين بعينه يختص بكفاءة العضلات المتعلقة بالطيران والذي يلعب دورا مهما في هجرة الفراشة الملكة.
وحددت دراستهم التي نشرتها دورية (نيتشر) أيضا الجين المسؤول عن الألوان الساحرة للفراشات التي تتدرج من البرتقالي وحتى الاسود.
وقال ماركوس كرونفورست أحد الباحثين واستاذ البيئة والتطور بجامعة شيكاجو “وجدته أمرا مذهلا ان تعيش هذه الفراشات الصغيرة بضعة أشهر وتطير آلاف الاميال لاتمام هذه الهجرة السنوية.”
وأضاف “تبين دراستنا أن الفراشات الملكة تقوم بذلك كل عام ومنذ ملايين السنين. لا يوجد ما يضاهي ذلك على الكوكب.”
وتراجعت بشكل هائل اعداد الفراشات المهاجرة خلال السنوات الأخيرة. وقال كرونفورست إنه في حين هاجرت فراشات الملكة التي قدر عددها بالمليار إلى المكسيك عام 1996 فقد بلغ هذا الرقم نحو 35 مليونا في الشتاء الاخيرة.
وقال الخبراء إن من بين المخاطر التي تتعرض لها هذه الفراشات فقدان مكان المعيشة (الموئل) بسبب الأنشطة البشرية والمبيدات الحشرية التي تقتل نبتة حشيشة اللبن الذي تعيش عليه علاوة على تغير المناخ.
ورغم ان انواع الفراشة الملكة تعيش اصلا في أمريكا الشمالية الا انه يمكن ان توجد أيضا في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وأماكن أخرى. اما الانواع التي توجد خارج أمريكا الشمالية فلا تهاجر.
وقام الباحثون بفحص التسلسل الجيني لنحو 92 من أنواع الفراشة الملكة من شتى أرجاء العالم بما في ذلك الأصناف غير المهاجرة علاوة على تسعة من أنواع الفراشات القريبة وراثيا.
ومن أجل دراسة الأساس الجيني لأنشطة الهجرة قام العلماء بعقد مقارنة بين الشفرة الجينية للفراشات المهاجرة وتلك غير المهاجرة.
وقال كرونفورست إنه عثر على جين في جينوم الفراشة الملكة مسؤول عن انتاج الكولاجين -وهو مكون رئيسي للانسجة الضامة- وهو ذو اهمية جوهرية لوظائف العضلات الخاصة بالطيران.
واصيب العلماء بالدهشة لأن هذا الجين كان اقل نشاطا -وليس أكثر نشاطا- في الفراشات المهاجرة. لذا فإن هذا الجين بدلا من يجعل الفراشات أكبر حجما وأقوى على الطيران فانه فضل ان يزيد من كفاءة الطيران لديها.
وقال كرونفورست “المقارنة هنا ربما تكون في الفارق بين عدائي الماراثون (الفراشات المهاجرة) ومتسابقي المسافات القصيرة.”
والفراشات البالغة تزهو باللون البرتقالي لاجنحتها ذي العروق السوداء والبقع البيضاء بمحاذاة الحواف الخارجية. وتصل أقصى مسافة بين الجناجين إلى عشرة سنتيمترات ولون الجسم أسود.
ويقول العلماء إن اللون البرتقالي يخبر الكائنات المفترسة المحتملة بأن مذاقها فظيع وقد تسبب التسمم عند التهامها بسبب مواد كيماوية موجود في نبتة حشيشة اللبن التي تغذي هذه الحشرة وهي في طور اليرقة.
وأضاف كرونفورست إن الفراشة الملكة التي تعيش في جبال روكي تقضي فصل الشتاء في المكسيك هربا من الجو البارد في حين تقضي الفراشات التي تعيش إلى الغرب من جبال روكي فصول الشتاء على سواحل كاليفورنيا قبل ان تعود ادراجها إلى مكان معيشتها الاصلي مع حلول فصل الربيع.
المصدر: رويترز