زيارات متبادلة، تنسيق أمني وسياسي، تقارب في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وصفقات عسكرية واتفاقيات اقتصادية وتجارية، هذا هو ملخص العلاقات بين مصر وروسيا المستمرة منذ أكثر من 70 عاما، وهو الأمر الذي دفع الكثيرين إلى استبعاد تأثر العلاقات المصرية الروسية بحادث الطائرة الروسية المنكوبة في سيناء، خاصة في ظل أجواء متوترة يستغلها البعض للوقيعة بين القاهرة وموسكو.
عقب تطورات الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية تسعى روسيا لبناء تحالفات جديدة وإعادة الصداقات القديمة، وتحديدًا مع القاهرة التي تعتبر الشقيقة الكبرى للدول العربية، فيما تحاول مصر العودة لدورها الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بقضاياه المتعددة والملحة، كما توجهت نحو تنويع علاقاتها الخارجية مع القوى الدولية من أجل تعظيم الاستفادة وتحقيق المصالح المصرية.
و انطلاقًا من هنا عادت العلاقات المصرية الروسية إلى سابق عهدها، خاصة في ظل التوافق فيما بينها حول العديد من الأزمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأزمة السورية، وفي هذا الإطار زار الرئيس “عبد الفتاح السيسى” فبراير 2014، عندما كان وزيرا للدفاع موسكو، ناقش خلالها عددًا من القضايا، وأعلن المتحدث الرسمي وقتها أن الزيارة تأتى رداً على “الزيارة التاريخية” لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين “سيرجي شويغو” و”سيرجي لافروف” للقاهرة في منتصف نوفمبر 2013.
وعقب فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي فى الانتخابات الرئاسية زار روسيا فى الفترة ما بين 25ـ 27 أغسطس 2014، وتم خلال الزيارة بحث دعم التعاون بين الجانبين ومناقشة تعزيز العلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى جذب استثمارات روسية، خاصة بعد إطلاق عدد من المشروعات القومية منها شق قناة السويس، مشروع استصلاح وزراعة مليون فدان، وفي الفترة ما بين 9 و10 فبراير الماضي استقبلت مصر الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بالقاهرة، وشملت أجندة المباحثات مناقشة الوضع فى منطقة الشرق الأوسط خاصة فى العراق وسوريا وليبيا والقضية الفلسطينية، بالاضافة الى مناقشة بعض الملفات الاقتصادية المصرية، منها المشاركة فى إقامة محطة الضبعة النووية، ناهيك عن تبادل زيارات الوفود الروسية ومصر، وزيارات وزراء الدفاع والخارجية من البلدين، والمبعوثين من رئاسة البلدين.
أما في المجال العسكري نجد السجل حافل بالإنجازات بين مصر وروسيا، بداية من عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، مرورًا بالسلاح الذي استخدمه الجيش المصري في حرب أكتوبر، وحتى الفترة الأخيرة، حيث سعت مصر في هذه الفترة إلى تنويع مصادرها الدفاعية لتواكب التطور التكنولوجي العسكري، وهنا حازت روسيا على نصيب الأسد من الصفقات العسكرية مع مصر، بداية من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر في مطلع العام الجاري، والتي انتهت بتوقيع بعض الصفقات.
خلال شهر أغسطس الماضي وقعت مصر على عقد شراء مجموعة من الطائرات المروحية من نوع K-52″، وهي طائرات حربية قوية، كما حصلت مصر على 12 مقاتلة جوية “سوخوي 35 كا” من الجيل الرابع، والمعروفة باسم “سيدة السماء”، حيث تتمتع بقدرة على تنفيذ عمليات استطلاعية وعمليات ضد أهداف برية وبحرية في الظروف الجوية السيئة وأثناء الليل، وتحتوي على إلكترونيات الطيران المعقدة، بما في ذلك معالج للبرمجة لمعالجة إشارات الرادار لرسم خرائط سطح الأرض، على متن كمبيوتر رقمى للسيطرة على أنظمة الملاحة والأسلحة والرادار.
وعقدت مصر صفقات عسكرية أخرى مع روسيا كان من بينها صواريخ الدفاع الجوى “أس 400″، القادرة على رصد وتدمير الأهداف من على بعد 400 كلم، وتشمل تلك الأهداف الطائرات والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، كما أنها تستطيع التعامل مع الطائرات الشبحية مثل طائرة إسرائيل المستقبلة “إف 35″، وصفقة طائرات “مج 28″ التي تتميز بمهام قتالية عالية، وصواريخ “كورنيت” المضادة للدبابات والتي أثبتت جدارتها في حرب 2006 ضد الكيان الصهيوني.
في المجال الاقتصادي والتجاري، وقع مؤخرًا رئيس مصلحة الجمارك “مجدي عبد العزيز” ورئيس هيئة الجمارك الفيدرالية بروسيا الاتحادية “أندريه بلينوف”، اتفاقية التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشئون الجمركية ومكافحة المخالفات الجمركية، وبروتوكول التعاون في مجال تقدير قيمة السلع المتبادلة بين البلدين وعمليات المراجعة اللاحقة، وذلك في آخر خطوة لتفعيل اتفاقيات التعاون الجمركي بين مصر وروسيا.
في ذات الإطار أثمرت الزيارات المصرية- الروسية على المستوى الاقتصادى، عن توقيع هيئه القومية لسكك حديد مصر مع الحكومة الروسية ممثلة فى شركة إفراز الروسية، التابعة للحكومة اتفاقًا لتوريد قضبان لتطوير سكك حديد مصر، حيث بلغت قيمة الصفقة نحو ١٦ مليون يورو.
المصدر : وكالات