ازدادت حدة التشنج في العلاقات الألمانية – التركية على خلفية تظاهرة لأنصار الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان في مدينة كولونيا الأحد منعت خلالها السلطات الألمانية إردوغان من إلقاء كلمة عبر الفيديو بالحشد الذي تجاوز 40 ألفا، فردت أنقرة الاثنين باستدعاء القائم بالأعمال الألماني واصفة منع المحكمة الدستورية الألمانية إردوغان من إلقاء كلمته بـ “غير المقبول”.
واعترف المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر بأنّ العلاقات بين ألمانيا وتركيا تسير “على أرض وعرة لكن التجارب في الماضي تظهر أن هذا يمكن تجاوزه” على حد تعبيره.
وقال شيفر خلال مؤتمر صحافي “مررنا في السابق بمراحل كانت وعرة ومراحل كانت الأمور تسير فيها بسلالة مذهلة. الآن نحن في مرحلة وعرة إلى حد ما”.
وكان عشرات الآلاف من أنصار إردوغان تظاهروا الأحد في مدينة كولونيا الألمانية تأييدا للرئيس التركي الذي يواجه انتقادات على خلفية حملة التطهير التي يقوم بها إثر محاولة الانقلاب عليه.
وتحدثت الشرطة المحلية عن انتهاء التظاهرة بعد الظهر من دون الإشارة إلى أعداد المشاركين، الذين قدرت أعدادهم بنحو أربعين الف شخص، وكان المنظمون يأملون في حشد خمسين الفا.
ولوح هؤلاء بآلاف الأعلام التركية على الضفة اليمنى لنهر الراين. وحمل البعض لافتات تشيد بإردوغان “المناضل من أجل الحريات”.
وفي مستهل التجمع, قال خطيب “نحن ألمانيا” فرد عليه الحشد بهتاف “الله أكبر” وفق وسائل الإعلام الألمانية، وأنشد المشاركون النشيد التركي ثم الألماني قبل أن يلتزموا دقيقة صمت حدادا على 270 شخصا قتلوا في محاولة الانقلاب في 15 يوليو والتي باشر إردوغان بعدها عملية تطهير واسعة النطاق لتمتين سلطته.
ووجه الدعوة إلى التظاهرة اتحاد الديموقراطيين الأوروبيين-الأتراك وهو مجموعة ضغط تؤيد الرئيس التركي.
وفي كولونيا نشرت الشرطة 2700 من عناصرها لمواجهة أي حوادث محتملة وخصوصا أن تظاهرات صغيرة مضادة نظمت في أمكنة عدة من المدينة، واضطرت إلى التدخل للفصل بين نحو مئة تركي قومي قريبين من اليمين المتطرف وعدد شبه مواز من الأكراد.
ولم يسجل سقوط إصابات، كذلك فرقت قوات الأمن عصرا تظاهرة شارك فيها 250 شخصا تجمعوا في وسط المدينة تلبية لدعوة مجموعة محلية مناهضة للمسلمين.
وقبيل التظاهرة المؤيدة لإردوغان نددت الرئاسة التركية بقرار للمحكمة الدستورية الألمانية منع الرئيس التركي من إلقاء كلمة مباشرة أمام المتظاهرين عبر الفيديو، لكن تليت خلال التجمع رسالة من الرئيس التركي شكر فيها المشاركين معتبرا أن “تركيا أقوى اليوم مما كانت عليه قبل 15 يوليو”.
وخشيت السلطات الألمانية أن يفاقم هذا الأمر التوتر في صفوف الجالية التركية في ألمانيا علما بأنها الأكبر في العالم.
وفي ألمانيا، أكد معارضو حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنهم تعرضوا لتهديدات في غمرة حملة التطهير التي قامت بها السلطات.
وطالبت أنقرة برلين هذا الأسبوع بتسليم أعضاء شبكة الداعية فتح الله جولن الموجودين على أراضيها حيث تتهم تركيا جولن بتدبير محاولة الانقلاب.
وفي هذا السياق رفض وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير “نقل الاضطرابات السياسية الداخلية التركية” الى بلاده معتبرا أنّ “تخويف الذين لديهم قناعات سياسة أخرى أمر لا يجوز”.
ورفضت الشرطة الألمانية أن يشارك مسؤولون في الحكومة التركية في تظاهرة كولونيا. وسمح فقط لوزير الشباب والرياضة التركي عاكف كغتاي كيليش بالحضور.
ويأتي ذلك على خلفية تدهور العلاقات بين ألمانيا وتركيا إثر تصويت النواب الألمان في يونيو على قرار يعترف بإبادة الأرمن إبان السلطنة العثمانية في 1915.
هدّد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بتراجع بلاده عن اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى دوله إذا لم يمنح الاتحاد المواطنين الأتراك حق السفر إليها دون تأشيرة.
وتعرض السماح بدخول الأتراك إلى دول الاتحاد دون تأشيرة إلى التأجيل أكثر من مرة بسبب خلاف بشأن تشريع تركي لمكافحة الإرهاب وحملة أنقرة ضد المعارضين في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة.
ولفت تشاووش أوغلو إلى أن الاتفاق بشأن وقف تدفق اللاجئين كان فعالا بسبب “إجراءات مهمة للغاية” اتخذتها أنقرة، مضيفا “لكن كل ذلك يعتمد على إلغاء شرط التأشيرة لمواطنينا الذي هو أحد بنود اتفاق 18 مارس .
وقال “إذا لم يتبع ذلك إلغاء للتأشيرة سنضطر للتراجع عن الاتفاق.. وعن اتفاق 18 مارس”، معتبرا أن الحكومة التركية بانتظار تحديد موعد دقيق لإلغاء شرط التأشيرة، وقال ”ربما يكون ذلك في أوائل أكتوبر أو منتصفه
لكننا بانتظار موعد محدد”.
وفي وقت سابق ذكر مفوض الاتحاد الأوروبي إنه لا يرى أن يمنح الاتحاد الأوروبي الأتراك حق السفر دون تأشيرة هذا العام بسبب حملة أنقرة التي تلت المحاولة الانقلابية.
المصدر : وكالات