اعتبرت مصادر عربية أن سيطرة الحوثيين (أنصار الله) على محافظة الجوف اليمنية ذات الحدود الطويلة مع المملكة العربية السعودية تشير إلى نيّة هؤلاء التوسّع في اتجاه مناطق يمنية أخرى، خصوصا في اتجاه محافظات جنوبية أُخرجوا منها في العام 2015.
وأوضحت أن ذلك يشير إلى رغبة في زيادة خياراتهم ذات الطابع الجغرافي بما يشمل اليمن كلّه ويؤكّد الطموحات الإيرانية القديمة في إيجاد موطئ قدم للجمهورية الإسلامية في هذا البلد ذي الموقع الاستراتيجي والذي هو جزء لا يتجزّأ من شبه الجزيرة العربيّة.
ولاحظت في هذا المجال أن أهمّية الجوف لا تعود إلى الحدود القائمة بينها وبين السعودية فحسب، بل إلى كونها على تماس أيضا مع محافظات أخرى هي صعدة وعمران وحضرموت ومأرب.
وأشارت إلى أن أيّ تمدّد حوثي في داخل حضرموت سيعني العودة إلى الحلم القديم لـ”أنصار الله” والقاضي بالسيطرة على اليمن كلّه.
وأكد سياسي يمني يعرف الحوثيين عن كثب أنّ محافظة الجوف يمكن أن تشكّل نقطة انطلاق في اتجاه شبوة ومنها إلى أبين.
وقال السياسي في تصريح لـ”العرب” إن ذلك سيؤدي إلى تطويق من كلّ الجهات لمأرب التي هي المعقل الأساسي لـ”الشرعية”.
ومعروف أن شبوة ذات أهمّية استراتيجية كبرى نظرا إلى أنّها تسمح بتهديد جزء كبير من الساحل الجنوبي في اليمن، خصوصا أنّها تتحكّم فعليا بمحافظة أبين، مسقط رأس الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي.
وذكر السياسي اليمني أنّ الحوثيين يطمحون في الوقت ذاته إلى استعادة المبادرة عند ساحل البحر الأحمر انطلاقا من ميناء الحديدة الذي يسيطرون عليه، مثلما يسيطرون على المدينة.
وتساءلت مرجعيات يمنية عن السبب الذي يمنع “الشرعية” اليمنية من التصدّي للحوثيين، مشيرة إلى أن هجومهم على الجوف وتوغلهم فيها وصولا إلى السيطرة على المدينة الأهمّ في المحافظة (الحزم) مستمر منذ منتصف يناير الماضي.
وفسرّت ذلك بغياب القيادة الموحّدة لدى “الشرعية” واعتمادها في تلك المنطقة على ميليشيات تابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح وبعض القبائل في حين كان مطلوبا إيجاد مركز عمليات واحد يتولى التنسيق بين القوات التي تتصدّى للحوثيين.
وكشفت هذه المرجعيات اليمنية أن لدى الحوثيين القدرة على زج قوات كبيرة تمتلك أسلحة متطورة مع تركيز خاص على منطقة معيّنة واحدة فقط، وهذا ما فعلوه في عمران ثم في صنعاء صيف العام 2014 وكرّروه أواخر العام 2017 لدى تنفيذ عملية اغتيال الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.
ولاحظت أنّهم استخدموا التكتيك نفسه في الجوف ابتداء من منتصف يناير الماضي.
واستغربت هذه المرجعيات عدم فتح جبهات أخرى مع الحوثيين في الوقت الذي يركزون فيه على جبهة معيّنة.
ورأت أنّ ذلك يعكس عجزا تاما لدى “الشرعية” في منع التمدّد الحوثي الذي وضعت حدّا له “عاصفة الحزم” التي شنّها التحالف العربي في مارس 2015.
وذكّرت بأن الحوثيين كانوا في تلك المرحلة في عدن كما كانوا يسيطرون على ميناء المخا الذي يتحكّم بمضيق باب المندب من الجانب اليمني للمضيق.
وأبدت المرجعيات اليمنية تخوّفها من أن تكون سيطرة الحوثيين على الجوف بداية عودة لهم إلى المحافظات الجنوبية في غياب أيّ ردّ فعل فعّال للشرعية، خصوصا للرئيس الانتقالي ونائبه علي محسن صالح الأحمر اللذين يقيمان في السعودية.
وعن مكامن الضعف في أداء الشرعية اليمنية، وطريقة تعاطيها مع الملفات وإدارتها للأزمات المتتالية التي تسببت في سقوط الجوف، يشير ناصر ثوابة، وهو شيخ قبلي من محافظة الجوف، وعضو سابق في مؤتمر الحوار الوطني، إلى أن الخلل يكمن في القيادة السياسية وغياب الرؤية الاستراتيجية وليس في أبناء الجوف الذين صمدوا لأسابيع في وجه الزحف الحوثي الشرس.
وقال ثوابة، في تصريح لـ”العرب”، “إن القيادة عاجزة عن القيام بأدنى واجباتها ومهامها إضافة إلى قيامها بتوظيف الصراعات”، مضيفا أن الجوف على سبيل المثال كانت بحاجة ماسة إلى قيادة تكون معبّرة عن المجتمع وتعرف كيفية التعامل مع احتياجات أبناء المحافظة ومراعاة التوازنات القبلية وقيادة عسكرية تتميز بالكفاءة والمهنية، إضافة إلى ضرورة معالجة الأخطاء التي لحقت بالمدنيين.
المصدر : وكالات