في ظل تراخ حكومي، وتخبط سياسي، وصراع طائفي، وجدت الجماعات الإرهابية في العراق أرضا خصبة للنمو والتمدد والتوسع، وبات العراق مؤخرا مهدا لكل الجماعات المسلحة، التي حلت تقريبا في كل مكان غابت عنه الدولة.
ويعج الميدان العراقي هذه الأيام بعشرات الجماعات المسلحة التي تتقاسم نفوذ السيطرة على البلاد، أبرزها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ماليا وعسكريا ومعنويا، والتي تعمل في العلن بتأييد حكومي لا تغفله عين أي مراقب.
وتعد ميليشيات مثل “عصائب أهل الحق” و”جيش المهدي” و”لواء أبو الفضل العباس” و”فيلق بدر” و”جيش المختار” من أبرز المجموعات الشيعية المسلحة، التى تمتلك قدرات مالية وبشرية كبيرة، وتتلقى دعما إيرانيا غير محدود.
وعلى الرغم من أن بعض هذه الميليشيات قد تشكل في الخارج (فيلق بدر تأسس في إيران عام 1981)، وأخرى تأسست بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 (عصائب أهل الحق تأسست في 2007)؛ فإن السنوات الأخيرة شهدت بروز جماعات جديدة.
فمع اجتياح مسلحي تنظيم داعش أجزاء واسعة من شمال وغرب العراق قبل أكثر من عامين، انبرى متطوعون شيعيون وجماعات مسلحة أخرى إلى تشكيل “الحشد الشعبي” الذي أصبح لاحقا أداة الحكومة الرئيسة في مواجهة تنظيم داعش.
وتحظى أغلبية هذه الميليشيات بدعم حكومي، فقد قال رئيس الوزراء العراقي حيد العبادي “إن الحشد الشعبي يعتبر منظومة أمنية ضمن المؤسسة الأمنية العراقية”، وله ميزانية تقدر بـ60 مليون دولار أميركي من ميزانية عام 2015.
وتضم هذه الميليشيات آلاف المسلحين، الذين قد تفوق أعدادهم مجتمعة، أعداد المنتسبين إلى الجيش العراقي نفسه. ويضم “الحشد الشعبي” مثلا من 60 إلى 90 ألف شخص، وفيلق بدر 12 ألف مسلح.
ويضاف إلى هؤلاء كلهم جماعات مسلحة غير مركزية ولا تتبع فصيلا محددا، وقد تشكلت في بعض المدن العراقية من عائلات أو أفراد للدفاع عن مناطقهم من تمدد فيها تنظيما القاعدة وداعش.
وأمام هذا المشهد الميداني العراقي الذي يعج بالميليشيات المسلحة، يبرز تساؤل بشأن الدور الحكومي في كيفية بسط الأمن داخل البلاد في ظل سطوة الجماعات المسلحة التي زحفت رويدا رويدا على صلاحيات الدولة إلى أن أصبحت تقوم بها.