يحيي العالم غدا اليوم العالمي للعمل الإنساني 2017 تحت شعار “لست هدفا”، حيث تتسبب الصراعات بخسائر فادحة على معايش الناس في كل أنحاء العالم.. ويجد ملايين المدنيين أنفسهم محاصرين ومجبرين على الاختباء بسبب الحروب التي ليس لهم فيها يد.
فالأطفال يخرجون من المدارس، والأسر تتشرد، والمجتمعات تتمزق فيما العالم لا يفعل ما يكفي لوقف معاناتهم. وفي الوقت نفسه، يجد العاملون في مجال الصحة، وهم الذين يجازفون بأنفسهم لرعاية المتضررين من العنف، أنفسهم مستهدفين بشكل مضطرد.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار (63/L.49) الذي حدد يوم 19 أغسطس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني، وهو مخصص للاعتراف بمجهودات العاملين في المجال الإنساني وأولئك الذين فقدوا حياتهم أثناء تأديتهم المساعدات الإنسانية. ويصادف اليوم 19 أغسطس، اليوم الذي قتل فية الممثل الخاص للأمين العام في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو و 21 من زملائه في تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد عام 2003.. وبينما يتعرض الملايين من الناس للحصار في الحروب التي ليست من صنع أيديهم، لا يفعل العالم ما يكفي لوقف معاناتهم.
وبمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، أطلقت الأمم المتحدة حملة عالمية على الإنترنت تضم شراكة مبتكرة مع الفيسبوك لايف، تحت شعار “لست هدفا” ## NotATarget## للتأکید علی أن المدنیین ليسوا أهدافا، والتعريف بأولئك ممن هم الأشد ضعفا في مناطق الحرب، ومطالبة قادة العالم ببذل ما في طاقتهم لحماية المدنيين في الصراعات.
فالمدنيون في المناطق الحضرية يكافحون كل يوم للعثور على الغذاء والماء والمأوى الآمن، ويتم تجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال، وتستخدم مدارسهم لأغراض عسكرية. ويتعرض النساء للاعتداء الجنسي من قبل المقاتلين، وحتى عندما يقدم العاملون في المجال الإنساني والطبي المعونة وعلاج الجرحى والمرضى، فإنهم يكونون هدفا مباشرا، ويمنعون تقديم الإغاثة والرعاية إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وكثيرا ما تنتهك الأطراف المتحاربة قواعد الحرب الدولية الراسخة منذ زمن طويل، وأهمها: حماية المدنيين في المدن والبلدات، وكذلك منازلهم والخدمات الأساسية التي يعتمدون عليها.. التعهد بحماية الأطفال بإنهاء تجنيدهم واستخدامهم في القتال، والحفاظ على حصولهم على التعليم من خلال إقرار إعلان المدارس الآمنة.. منع جميع أشكال العنف الجنسي في حالات النزاع، ومحاسبة مرتكبيها المسؤولية الكاملة عن جرائمهم، وتزويد الناجين بالفرص والدعم الذي يمكنهم من الانتعاش وإعادة الاندماج في المجتمع.. احترام حق الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم لطلب اللجوء في بلد آخر، ودعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للحد من التشرد الداخلي إلى النصف، بحلول عام 2030.. ضمان حصول العاملين في مجال الإغاثة على وصول آمن وبدون إعاقة لتقديم الإغاثة الإنسانية إلى المحتاجين.. السماح للعاملين الصحيين بمعالجة ورعاية الجرحى والمرضى بغض النظر عمن هم، وإنهاء الهجمات ضد العاملين في مجال الصحة، وسيارات الإسعاف، والمستشفيات.
وتسير الحملة المشار إليها وفق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين، الذي دشن في وقت سابق من هذا العام. وأرسى الأمين العام، معالم “طريق إلى الحماية”، داعيا إلى تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والطبي فضلاً عن الهياكل الأساسية المدنية. ومن خلال الوقوف مع الأمين العام للأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني الملتزمين في كل مكان، نطلب من قادة العالم ممارسة كل ما لديهم من نفوذ دبلوماسي وسياسي واقتصادي لضمان احترام جميع أطراف النزاع وحماية المدنيين. ومن أجل مستقبل مزدهر نريد جميعا أن نعيش فيه، نطلب منك دعم هذه القضية.
وقد أفاد تقرير بعنوان “البقاء وتقديم المساعدة” حول المساعدات الإنسانية في المناطق الخطرة بأن عددا قليلا فقط من منظمات الإغاثة يتمكن من مواصلة العمل ومساعدة المستضعفين في مناطق الصراع. وقد أشار ” ستيفن أوبراين ” وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ، و” ويان إيغلاند ” الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، بأن التقرير الجديد متابعة لدراسة صدرت عام 2011 ، قادها يان إيغلاند حول كيفية استمرار وجود وعمل المنظمات الإنسانية في البيئات الخطرة. ووفق التقرير الجديد فإن عوامل مثل الطبيعة المتغيرة للصراعات والهجمات ضد عمال الإغاثة ونقص التمويل، منعت زيادة عدد المنظمات الموجودة في بعض أخطر المناطق الساخنة في العالم. وقال يان إيغلاند إن المجتمع الدولي خذل الكثيرين في أماكن كثيرة. وذكر أن التهديدات الخطيرة تشل قدرة الكثير من المنظمات على توصيل المساعدات المنقذة للحياة. وأضاف إيغلاند ، أنه يجب أن نكون صرحاء بشدة مع أنفسنا، لا يوجد سوى عدد قليل من عاملي الإغاثة في الأماكن التي يحتاجنا بشدة فيها النساء والأطفال والجرحى والأكثر ضعفا. هذا وضع خطير وصعب للغاية. ومن الصعب البقاء وتوفير المساعدات حول الفلوجة في العراق، وفي الريف بالصومال، وفي شمال شرق نيجيريا.”
وذكر التقرير أن المنظمات التي تمتلك موارد مرنة كانت من بين الجهات التي تمكنت من البقاء مدة أطول في الأماكن الخطرة. وأكد إيغلاند أهمية دور المانحين في عمليات الإغاثة الإنسانية، مشددا على ضرورة إقامة علاقات شراكة قوية معهم. وقال إن على المانحين الاستثمار في مجال إدارة المخاطر والجهود الأمنية الضرورية.
وقد أشارت تقارير الأمم المتحدة، إلى أنه في جميع أنحاء العالم، يعمل عمال الإغاثة الإنسانية في بيئات خطيرة وصعبة. وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية ، تعرض للهجمات 4132 من عمال الإغاثة. وفي عام 2016، قتل 91 من عمال الإغاثة، وأصیب 88 شخصا، و 73 خطفوا أثناء تأدیة واجبھم. وقد وقعت معظم ھذه الھجمات في خمسة بلدان وهي : جنوب السودان وأفغانستان وسوریا وجمھوریة الکونغو الدیمقراطیة والصومال . وهو أمر يبعث على الأسى هذه الاعتداءات ضد العاملين في مجال تقديم المساعدة والتي تمثل انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي. وبالإضافة إلى تعريض العاملين في مجال المعونة للخطر، فإن هذه الهجمات تهدد العمليات الإنسانية وحياة الملايين من الناس الذين يعتمدون على المساعدة الإنسانية لبقائهم.
كما أظهر تقرير “الاتجاهات العالمية” الصادر عن المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن عدد اللاجئين والنازحين حول العالم صعد إلى 65.5 مليون شخص حتى نهاية العام الماضي 2016. وبحسب التقرير فإن عدد اللاجئين والنازحين في عام 2016 صعد بنحو 300 ألف شخص، مقارنة مع العام السابق عليه. وتعتبر الحرب السورية المنتج الأكبر للاجئين حول العالم، بـ 5.5 مليون شخص، لكن جنوب السودان شكلت العامل الأكبر الجديد في عام 2016، بفعل انهيار جهود تحقيق السلام في يوليو الماضي، مما دفع إلى مغادرة 739.9 ألف شخص بحلول 2016، و1.87 مليون حتى اليوم.
وأشار ” فيليبو غراندي ” المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن هذا العدد غير مقبول بكل المقاييس، ويشير أكثر من أي وقت مضى للحاجة إلى التضامن، وإلى هدف مشترك متمثل في الحد من الأزمات وحلّها.
وأورد التقرير موافقة 37 بلداً على إعادة توطين 189.3 ألف لاجئ ، في حين تمكن نصف مليون لاجئ من العودة إلى بلدانهم الأم، ونحو 6.5 مليون نازح داخلياً إلى مناطقهم الأصلية، خلال العام الماضي. وحتى نهاية العام الماضي، وجد أن معظم اللاجئين في العالم منهم 84% في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط. وقدرت المفوضية عدد الأشخاص الذين لا يحملون جنسية، أو المعرضين لخطر انعدام الجنسية بحلول نهاية 2016، بـ 10 ملايين شخص على الأقل.
وتشير البيانات إلى أن تركيا استقبلت نحو 3 ملايين لاجئ، تليها باكستان بمليون و300 ألف لاجئ، ثم لبنان وإيران وأوغندا وإثيوبيا. واحتلت الأردن المرتبة السابعة في لائحة الدول المستقبلة للاجئين بنحو 664 ألف لاجئ، تليها كل من ألمانيا والكونغو وكينيا. وأوضحت المفوضية أن أغلبية اللاجئين في تركيا قدموا من سوريا والعراق. وأضافت أن سوريا تصدرت الدول المصدرة للاجئين، تلتها أفغانستان والصومال وجنوب السودان.
وفيما يتعلق بطلبات اللجوء السياسي، أشارت المنظمة الأممية إلى استقبال ألمانيا العدد الأكبر من تلك الطلبات، مسجلة نحو 772 ألف طلب خلال 2016. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية من حيث عدد مقدمي طلبات اللجوء السياسي لها، ثم إيطاليا، وتركيا.
وفي نفس العام، تحول 22.5 مليون شخص إلى لاجئين، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وحول الهجرة عبر البحر، أظهر آخر تقرير إحصائي صادر عن الداخلية الإيطالية، في مايو الماضي، ارتفاعاً غير مسبوق في عدد المهاجرين القادمين بحراً. وتعد إيطاليا هي الأكثر تضرراً من موجة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط. ووصل للسواحل الإيطالية في الفترة من 1 يناير وحتى 11 مايو 2017، 45.101 ألف شخص، بارتفاع 44.29% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، والتي وصل فيها إلى 31 ألفاً و258 شخصاً. وأوضح التقرير أن جنسيات القادمين كانت في معظمها من دول أفريقيا وهي على الترتيب وفق عدد القادمين: نيجيريا، بنجلادش، غينيا، ساحل العاج، جامبيا، السنغال، المغرب، مالي، باكستان، غانا، الصومال، الكاميرون.
في حين أشارت وثيقة أمنية ألمانية، إلى أن نحو 6.6 مليون مهاجر ينتظرون العبور إلى أوروبا، في دول جنوبي البحر المتوسط وشرقه، وأبرزها دول شمال أفريقيا، والأردن. ولفتت إلى أن عدد المهاجرين الذين ينتظرون العبور إلى أوروبا ارتفع في ثلاثة أشهر فقط من 5.95 مليون في نهاية يناير الماضي، إلى 6.6 مليون في نهاية أبريل الماضي، أي بزيادة قدرها 12 % .
المصدر:أ ش أ