تحت شعار “استدامة الهياكل الأساسية والخدمات والحماية الاجتماعية للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات”..يحيي العالم غداً (الاثنين) اليوم الدولي للمرأة الريفية 2018، حيث يضع هذا الموضوع قضية تمكين المرأة الريفية في مركز القلب من الجهود المبذولة لتحقيق رؤية أهداف التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز على مختلف الجهات، يظل التفاوت بين الجنسين منتشراً في كل بعد من أبعاد التنمية المستدامة؛ وفي كثير من المجالات لم يزل التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع حلول عام 2030 بطيئاً، ويتوقف الوفاء بالالتزامات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، كما نصت عليها خطة عام 2030، على الموارد المخصصة وتضافر الجهود التي تبذلها الحكومات والجهات أصحاب المصلحة، فالخدمات الأساسية التي تعتمد عليها النساء والفتيات الريفيات ضعيفة التمويل أو غير متاحة، وغالبا ما تطالها تدابير التقشف.
وفي عام 2018، يتوقع أن يخفض 124 بلداً ميزانيتها، مما يعني تآكلاً لتدابير الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية التي تعتمد عليها النساء والفتيات الريفيات وهذا الأمر ليس حتمي الوقوع فهناك مجال لزيادة الموارد أو إعادة تخصيصها بما يعزز الخدمات العامة الضرورية للنساء والفتيات، إنها مسألة إرادة سياسية واستخدام المتاح من أدوات وضع السياسات.
وكانت الجمعية العامة قد حددت بموجب قرارها 136/62 في 18 ديسمبر 2007، اعتماد يوم 15 أكتوبر بوصفه يوماً دولياً للمرأة الريفية، وذلك تسليماً منها بما تضطلع به النساء الريفيات، بمن فيهن نساء الشعوب الأصلية، من دور وإسهام حاسمين في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف.
وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالته، إن تمكين النساء والفتيات الريفيات أمر لا غنى عنه لبناء مستقبل ينعم فيه جميع الناس بالازدهار والإنصاف والسلام على كوكب ينعم بالعافية، وهو ضروري لتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان العمل اللائق للجميع، والقضاء على الفقر والجوع واتخاذ إجراءات بشأن المناخ، ولكن، لا تزال النساء والفتيات الريفيات يتأثرن أكثر من غيرهن بالفقر وعدم المساواة والاستبعاد وآثار تغير المناخ.
وأضاف أنه في هذا اليوم الدولي للمرأة الريفية، أهيب بالبلدان إلى اتخاذ إجراءات لضمان تمتع النساء والفتيات الريفيات تمتعاً كاملاً بحقوق الإنسان الواجبة لهن، وتشمل هذه الحقوق الحق في الانتفاع بالأراضي وضمان حيازتهن لها؛ والحق في الغذاء الكافي والتغذية؛ وفي حياة خالية من جميع أشكال العنف والتمييز والممارسات الضارة؛ وفي أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية؛ وفي تعليم جيد وميسور التكلفة وفي المتناول طوال دورة حياتهن، ولكي يتحقق هذا لابد من إصلاحات في مجالات الاستثمار والقانون والسياسة العامة، ولابد من إشراك المرأة الريفية في القرارات التي تؤثر على حياتها، وإننا إذا استثمرنا في رفاه النساء والفتيات الريفيات وسبل عيشهن وقدرتهن على الصمود، نحقق التقدم للجميع.
يزداد الاعتراف بما للنساء والفتيات من دور في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة، وتمثل النساء بنسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في إطار أسرهن في المناطق الريفية، كما أنهن يسهمن إسهامات كبيرة في الإنتاج الزارعي وإتاحة الأمن الغذائي وإدارة الأراضي والموارد الغذائية، فضلا عن إسهاماتهن في بناء القدرات على التكيف مع المناخ.
ومع ذلك، تعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية من فقر متعدد الأبعاد، وتدعم سبل العيش لحوالي 2.5 مليار شخص، وعلى الرغم من أن المزارعات ربما امتلكن ما يمتلكه نظراؤهن من الرجال من القدرة على الإنتاج والريادة التجارية، إلا أنهن أقل قدرة على الحصول على الأرض والائتمان والمدخلات الزراعية والأسواق وسلاسل الأغذية الزراعية عالية القيمة، فضلا عن تلقيهن لعروض سعرية أقل لمحاصيلهن، ولم تزل الحواجز الهيكلية والأعراف الاجتماعية التمييزية تعوق سلطة صنع القرار للمرأة ومشاركتها السياسية في الأسر والمجتمعات الريفية.
وعلى الصعيد العالمي، وباستثناء عدد قليل من الحالات، تكشف المؤشرات المتعلقة بنوع الجنس والتنمية عن أن المرأة الريفية تعاني أكثر من الرجل في المناطق الريفية، فضلا عن ما يعايشنه من فقر وإقصاء وتأثر بتبعات تغير المناخ، وإن تأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك القدرة على الوصول إلى الموارد الإنتاجية والطبيعية، تزيد من غياب المساواة بين الجنسين في المناطق الريفية، ويختلف تأثير تغير المناخ على الأصول التي يمتلكها الرجال عن تأثيره على تلك التي تمتلكها النساء، كما يختلف رفاه كل منهم في ما يتصل بالإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والصحة والمياه المأمونة ومصادر الطاقة، والهجرة والصراعات الناجمة عن تغير المناخ، والكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ.
إن تغير المناخ يعني أن هناك فرصة متناقصة لسد الفجوات بين الجنسين مما يحد من قدرة النساء المزارعات على الحصول على تمويل طويل الأجل وخدمات إرشاد زراعي ميسورة التكلفة، وزيادة عبء عملهن على الرعاية غير المدفوعة الأجر، حيث تصبح المياه والوقود شحيحين وتتعرض النساء المزارعات لخطر الوقوع في دوامة هبوطية في غياب الجهود المنسقة لسد هذه الفجوات بين الجنسين، ولذلك من أولويات تعزيز تمكين المرأة من خلال نهج الزراعة المرنة للمناخ، خلق سياسات زراعية مرنة للمناخ؛ وزيادة أمن حيازة الأراضي للمرأة.
وتشير أحدث البيانات إلى أن 66% من النساء على مستوى العالم ينتجن 50% من المواد الغذائية، في حين يحصلن على 10% فقط من الدخل، ويمتلكن 1% من الممتلكات، وعلى الرغم من التقدم المحرز في قضية تمكين المرأة في السنوات الأخيرة، تمثل النساء والفتيات ثلثي الأميين في العالم، و6 من أصل 10 الأفقر على مستوى العالم .
وتدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة قيادة المرأة الريفية ومشاركتها في صياغة القوانين والاستراتيجيات والسياسات والبرامج بشأن جميع القضايا التي تؤثر على حياتها، بما في ذلك تحسين الأمن الغذائي والتغذوي وتحسين سبل المعيشة الريفية ويزودهم التدريب بالمهارات اللازمة لمواصلة سبل العيش الجديدة وتكييف التكنولوجيا مع احتياجاتهم.
وتمثل المرأة الريفية في أفريقيا، ولا سيما المزارعات، فهي العمود الفقري للإنتاج الزراعي للأسرة والمجتمع والأمن الغذائي، وتقدم النساء الأفريقيات أكثر من 60% من العاملين في القطاع الزراعي، مما يجعلهن من المساهمين المهمين في إنتاج الأغذية وحفظها.
وهناك قلق دولي متزايد للوقائع والتحديات التي تواجه المرأة الريفية، وركزت الدورة 62 للجنة مركز المرأة هذا العام 2018، على اعتبار المرأة الريفية أولوية، وفي مداولاتها، اعترفت اللجنة بأن النساء والفتيات اللواتي يعشن في المناطق الريفية أكثر عرضة للتخلف عن الركب وأن قدرتنا على تلبية احتياجاتهن هي أكبر مساهمة يمكن أن نقدمها لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومن خلال مبادرة برنامج الرائد حول برنامج الزراعة المرنة للمناخ، تدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة الدول الأعضاء في جهودها لتعزيز أمن المزارعات في حيازة الأراضي والحصول على المعلومات المناخية والتمويل، وسلاسل القيمة الأعلى والأسواق حيث يهدف ذلك إلى حماية الأمن الغذائي والتغذوي في أكثر من 13 دولة أفريقية.
كما تقوم هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي، بتنفيذ برنامج مشترك بشأن “تسريع التقدم نحو التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية” في 4 بلدان أفريقية إثيوبيا وليبيريا والنيجر ورواندا، حيث نصل إلى أكثر من 40 ألف امرأة للعمل معاً من أجل تحسين الأمن الغذائي والتغذية ؛ زيادة فرص الدخل؛ تعزيز القيادة والمشاركة ؛ بيئة سياسات مستجيبة للنوع الاجتماعي.
وعلى مدى الـ18 سنة الماضية، أحرز تقدم كبير في حماية حقوق النساء والفتيات اللواتي يعشن في المناطق الريفية، إلى جانب تحسن الأمن الغذائي العالمي أيضاً، لكن لا تزال هناك تحديات وهذا هو السبب في أن تمكين المرأة الريفية والأمن الغذائي يمثلان أولوية رئيسية في جدول أعمال الاتحاد الأفريقي 2063 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ومع اقتراب عقد النساء الأفريقيات من نهايته في عام 2020 وتزامناً مع الذكرى 25 لإعلان ومنهاج عمل بيكين، هناك زخم للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وتحقيق نتائج ملموسة بحلول عام 2020، ومن أجل تعزيز هذا الزخم، دعت اللجنة الدول الأعضاء إلى دعم مبادرة كليمنجارو لتعبئة النساء الريفيات للمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهن وسبل عيشهن ؛ الإسراع في تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الإدارة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي القطري؛ الاستفادة من بروتوكولات واتفاقيات الاتحاد الإفريقي (المجموعات الاقتصادية الإقليمية) من أجل التكامل الاقتصادي الإقليمي وزيادة تجارة السلع الزراعية العادلة والمنصفة للمزارعات؛ ودعم استعراضات أهداف التنمية المستدامة الإقليمية التي تدمج شواغل المرأة الريفية.
المصدر: أ ش أ