يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن العمل على “إنقاذ” الاتفاق النووي الإيراني، الذي تخلى عنه سلفه دونالد ترامب، مع اقتراب انتهاء المهلة الإيرانية لتقليص نشاط المفتشين في 21 فبراير.
وتبدو أمام الإدارة الأمريكية خيارات عدة للعودة إلى الاتفاق، وسط سباق دبلوماسي لمنع طهران من ارتكاب المزيد من الانتهاكات لالتزاماتها بموجب الاتفاق.
“احترام كامل من أجل الاحترام الكامل”، هكذا يلخص بايدن شروط عودته إلى الاتفاق الموقع عام 2015، ويفترض أن يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
بعبارة أخرى، يبدي بايدن استعداده للانضمام مجدداً إلى الاتفاق، وبالتالي رفع العقوبات الصارمة التي فرضها ترامب، ولكن فقط عندما تلتزم طهران مجدداً بالقيود النووية الواردة في الاتفاق.
لكن طهران التي بدأت في التحرر من هذه الالتزامات رداً على العقوبات الأمريكية بالتحديد، تطالب بأن ترفع واشنطن أولاً كل هذه الإجراءات العقابية.
خلال الأيام المقبلة، يتوقع أن تجتاز السلطات الإيرانية عتبة تثير قلق المراقبين والأطراف الآخرين في الاتفاق، فبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون، في ديسمبر الماضي، يتعين على الحكومة تقليص نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال لم يتم رفع العقوبات.
وأشار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تصريحات سابقة، الى أن المهلة التي يمنحها القانون قبل الإقدام على هذه الخطوة، تنتهي في 21 فبراير.
وترى كيلسي دافنبورت، من “منظمة مراقبة التسلح”، أن “معظم الانتهاكات” للاتفاقية التي ارتكبتها طهران حتى الآن، خصوصاً في مجال تخصيب اليورانيوم “يمكن عكسها بسرعة”، ويشير العديد من الخبراء إلى مهلة أقصر من 3 أشهر.
وحذرت دافنبورت، من أن “الانتهاكات التي خططت لها إيران للأشهر المقبلة أخطر ويصعب عكسها”، بدءاً من مسألة التفتيش لأن “أي خسارة لإمكانية الوصول” إلى المواقع الإيرانية “ستغذي التكهنات حول نشاطات غير مشروعة لإيران”.
وفي فترة لاحقة، قد تؤدي الانتخابات الإيرانية في يونيو المقبل، إلى تعقيد الوضع إذا فاز المتشددون فيها.
وحذر دبلوماسي سابق في الاتحاد الأوروبي من اقتراب موعد 21 فبراير بسرعة، معتبراً أنه “من الضروري تفعيل العمل الدبلوماسي”.
وقال “الأيام العشرة المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة ما إذا كان من الممكن إقناع إيران بعدم المضي قدماً في هذا الانتهاك الجديد، أم لا”.
ويؤكد مصدر أوروبي، أن “كل الرهان يتعلق بأن هذه العتبة لن يتم تجاوزها بحلول ذلك الموعد”، مشيراً إلى أنه “خط أحمر لدى روسيا والصين” أيضاً.
ويعتقد جون وولفستال، الذي كان يقدم المشورة لبايدن، عندما كان في منصب نائب الرئيس، أن الولايات المتحدة وإيران “تفكران في إصدار إعلان قبل فبراير، يؤكد نيتهما المشتركة باحترام الاتفاق من جديد”.
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الجمعة، أن يكون 21 فبراير موعداً نهائياً، وقال “لا نحدد أي موعد نهائي دقيق”.
وحالياً تركز إدارة بايدن، التي عينت روب مالي أحد المهندسين الأميركيين لنص الاتفاق الموقع في 2015، مبعوثاً لإيران، على اتصالاتها مع حلفائها الأوروبيين والدول الأخرى الموقعة للاتفاق، ولن يبدأ الحوار المباشر مع طهران، إلا في مرحلة لاحقة.
لكن في الكواليس كما يعتقد مستشار سابق للبيت الأبيض في عهد باراك أوباما، فإن “المسؤولين الأمريكيين بدأوا بالفعل التحدث مع المسؤولين الإيرانيين”.
ويرى توماس كونتريمان، الذي كان مساعداً لوزير الخارجية في إدارتي أوباما-بايدن، أن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يرفع بمرسوم “بعض العقوبات لإثبات حسن نيته”.
لكن ذلك يبدو غير ممكن ما لم تتتخذ إيران الخطوة الأولى، ففي البلدين يجب على القادة أن يبرهنوا على أنهم “لا يخضعون للضغوط”، على حد قول كانتريمان.
ولا يستسيغ اليمين الأمريكي، ومعه بعض الديمقراطيين، استئناف الحوار، ويحثون بايدن على عدم تقديم أي شيء للإيرانيين من دون ضمانات عملية.
والخيار الآخر على حد قوله هو “إعلان نوايا متبادل بين طهران وواشنطن يلتزمان فيه بالعودة الكاملة للاتفاق” قبل تفاوض على الشروط والجدول الزمني.
وكان ظريف، اقترح أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً من أجل “ضبط إيقاع” إجراءات البلدين، في وقت سابق.
المصدر: الفرنسية (أ ف ب)