بين المعارضة والموافقة والإقناع ، تترقب إيران والدول الغربية وروسيا ودول منطقة الشرق الأوسط ، القرار الذى سيتخذه الكونجرس الامريكى / غدا الجمعة / بشأن تعليق العقوبات المفروضة على إيران ، و مصير الاتفاق النووي الموقع بينها وبين الدول الست الكبرى (الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) فى عام ٢٠١٥ ، إذ يعتبر الرئيس الامريكى دونالد ترامب الصفقة مع إيران حول برنامجها النووى الأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق عدم التصديق على التزام طهران بالاتفاق النووى دون أن يعلن انسحاب أمريكا منه ، مما يعد تحولا كبيرا فى السياسة الأمريكية تجاه إيران ، حيث كانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تنظر إلى علاقتها بطهران بنسبة كبيرة من منظور الحاجة للتفاوض، بهدف التوصل لاتفاق يكبح البرنامج النووي الإيراني ، كما كان حلفاؤها الغربيون وروسيا يعتبرون أن الميزة في الاتفاق النووي، هي “ترحيل المشكلة”، وتأجيل أي مواجهة عسكرية محتملة مع إيران، بسبب برنامجها النووي.
استبقت إيران احتمال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق والقرار الذي سيعلنه الكونجرس الأمريكى بإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بتوجهاتها بشأن قرار ترامب المقبل في حال لم تحترم الولايات المتحدة التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015 ، وجاءت تأكيدات وكيل وزارة الخارجية الإيرانية سيد محمد كاظم سجادبور بأن الاتفاق النووي الإيراني هو اتفاق دولي ، وأن الجانب الأمريكي مهم للاتفاق ، ولكنه ليس اتفاقا من جانب واحد مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن هناك تأكيدا بالتزام طهران بالاتفاق وفقا لسبعة تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
سيجال وحرب تصريحات كلامية مستعرة بين طهران وواشنطن فى هذا الشأن مستمرة إلى أن يصدر فيها القول الفصل ، حيث أحاله ترامب إلى الكونجرس، وقال إنه سيستشير حلفاء الولايات المتحدة في كيفية تعديله. ، متهما إيران بدعم “الإرهاب”، وشدد على أنه سيغلق “جميع الطرق على طهران للحصول على السلاح النووي” ، وإن الاتفاق الموقع فى عام ٢٠١٥فيه تساهل كبير، إذ سمح لإيران بتجاوز كميات الماء الثقيل المحددة، وإن طهران تخيف المفتشين الدوليين ، وأنها تستفيد من مزايا رفع العقوبات الاقتصادية .
وحذر من أن الولايات المتحدة تحتفظ لنفسها بحق الانسحاب من الاتفاق في أي وقت ، وإن إدارته ستفرض عقوبات صارمة تستهدف برنامج طهران للصواريخ الباليستية.
وأكد ترامب في وقت سابق أن أمريكا حاولت وقف تطوير إيران لأسلحتها النووية بموجب هذا الاتفاق، إلا أنها لم تلتزم ، مشيرا إلى أنه بناء على سجل الوقائع فإنه لا يمكن التصديق ولن نقدمه ، ورأى أن إيران انتهكت بنود الاتفاق عدة مرات ، متابعا إن بعض النقاط فى الاتفاق النووى سمحت لإيران بتطوير برنامجها النووى ، وأن الاتفاق أعفى طهران من العقوبات ، وأعطاها الدعم المالى ، وأنها تعد من أهم ممولى المنظمات الإرهابية وأن صواريخها تهدد حلفائها فى الشرق الأوسط.
وفي إطار حرب التصريحات بين واشنطن وطهران ، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في خطاب عبر التليفزيون أن الاتفاق لم توقعه طهران مع الولايات المتحدة وحدها، ليفعل به ترامب ما يريد ، وأن ترامب لا يعرف أن الاتفاق لا يسمح بإدخال أي تعديلات عليه ، و إن إيران تعتبر الاتفاق النووي اتفاقا متعدد الأطراف وتلتزم به مادامت مصالحها مصونة.
و فى ممارسات اعتبرها بعض المراقبين بمثابة تحد للقوى العالمية الأخري التى وقعت الاتفاق ، تابعت واشنطن خطواتها وفرضت حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على طهران ، وتركز هذه العقوبات على الشركات التي تورد معدات إلى البرنامج االصاروخي الإيراني، والجماعات التي تساعد في تسليح ما تعتبرهم واشنطن منظمات إرهابية في المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران منذ عام 1980، على خلفية اتهامها لطهران بدعم “الإرهاب الدولي”، وبسبب برنامجها النووي. وقطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع طهران عام 1988 ، وفى عام 2015 عقدت إيران والدول الست (الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) ، مفاوضات ماراثونية استمرت 18 شهرا في جنيف و فيينا ونيويورك و لوزان ، وفى مدينة لوزان السويسرية تم التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني ، وإلغاء جميع العقوبات علي إيران بشكل تام ، تميزت جولة المفاوضات بلوزان بكونها بدأت ثم علقت ثم تواصلت ثم مددت.
ونص اتفاق لوزان على رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية ، بمجرد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من احترام إيران لالتزاماتها وكل النقاط الأساسية فيه ، ويمكن إعادة العمل بها في حال عدم تطبيقه .
وتضمن الاتفاق عددا من البنود :
.. أن إيران ستواصل برنامجها النووي السلمي بدرجة تخصيب 3.67 فى المائة ، و سيكون التخصيب بمنشأة نطنز الواقعة في شمال اصفهان.
.. ستتحول منشأة فوردو من موقع لتخصيب اليورانيوم، إلى مركز لأبحاث النووية و التقنية، وسيتم في هذا المركز التشجيع على التعاون الدولي في مجالات الابحاث والتنمية المتفق عليها. ولن تكون في فوردو مواد قابلة للانشطار.
.. يبقى أراك موقعا للماء الثقيل مع إجراء تغيير في قلب المفاعل، بحيث لا ينتج مادة البلوتونيوم لاستخدامه في التسلح، ولن تتم فيه إعادة المعالجة وسيتم تصدير الوقود المستهلك فيه.
.. سينهي الاتحاد الأوروبي كل الحظر الاقتصادي والمالي المرتبط بالبرنامج النووي، كما ستوقف الولايات المتحدة عن تنفيذ الحظر المالي والاقتصادي الثانوي المرتبط بالبرنامج النووي، تزامنا مع تنفيذ إيران لالتزامتها النووية الرئيسة عبر مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
.. سيتم إصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يؤيد فيه البرنامج الشامل للعمل المشترك، وستلغي فيه كل القرارات السابقة المرتبطة بالموضوع النووي، وستوضع بعض التدابير المقيدة المحددة لفترة زمنية متفق عليها.
المصدر : أ ش أ