يعتبر توقيت زيارة الرئيس الصيني شى جين بينج للمنطقة – والتى تشمل السعودية ومصر إضافة إيران – بالغ الأهمية إذ ترغب بكين بتحقيق أهداف محورية سياسيا واقتصاديا في ظل اشتعال المنطقة بالأزمات والاضطرابات وفشل السياسة الأميركية في حل قضايا الشرق الأوسط المشتعلة بالأزمات والاضطرابات من جهة وهبوط أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي من جهة أخرى.
فعلى الصعيد السياسي، يبدو أن بكين تحاول إعادة ترتيب سياستها في الشرق الأوسط بعد فقدانها الثقة بواشنطن إزاء قضايا المنطقة وتزايد الشكوك حول السياسية الأميركية في إيجاد سبل حل تلك القضايا وإعادة الاستقرار لها خاصة عقب ما يوصف بالخريف العربي، إذ كانت تعول بكين وعلى مدى عقود على الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار المنطقة.
ومع توالي الخيبات التي منيت بها واشنطن في سياستها الخارجية وتعاقبها على أزمات المنطقة، إلا أنها لا ترغب في التنازل عن الدور المحوري الأميركي في المنطقة، وتحاول تأمين مصالحها دون تحمل أي تبعات اقتصادية تثقل كاهلها وتحمل دول المنطقة فاتورة “خدماتها” بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
ورغم التصريحات المتحفظة للحكومة الصينية التي غالبا ما تأتي عن طريق الوسائل الإعلامية الرسمية، إلا أن بكين تعتبر لاعبا مركزيا في ميزان القوى الدولية المنطقة بسبب أهميتها الكبرى للجانبين سواء الأميركي أم الصيني مع تباين السياسات الخارجية إزاءها.
وستسهم جولة الرئيس الصيني في إعادة صياغة الدور الصيني إزاء المنطقة الذي طالما تميز عن الدور الأميركي من خلال السياسة المرنة والمتزنة في التعاطي مع قضايا المنطقة التي ترقد على صفيح من نار.
وتكتسي زيارة الرئيس الصيني للقاهرة والرياض بأهمية بالغة إذ تعد مصر البوابة الكبرى لإفريقيا بالإضافة إلى الدور الريادي لمصر والسعودية كعامل استقرار للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رغم التوترات وتعقد الخيوط والأوراق السياسية بين دول المنطقة.
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الصيني للصحفيين “إن الصين لا تنحاز لأحد، فهي تؤيد بشدة استكشاف كل دولة في المنطقة على حدة طريقا للتنمية يتلاءم مع ظروفها الوطنية.”
أما من الناحية الاقتصادية، تنظر الصين للمنطقة كإحدى العوامل الحاسمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي للصين في ظل البيانات الاقتصادية الصينية مؤخرا والتي تؤشر على تراجع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وتعزز المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في أزمة جديدة في ظل تراجع أسعار النفط والأسهم وتباطؤ معدلات النمو في الاقتصادات الصاعدة.
وتحتاج الحكومة الصينية الى النفط لدعم التنمية الاقتصادية ،كما ترغب في فتح الأسواق الدولية لمنتجاتها. كما أن الصين التي تعتبر أكبر مستورد للنفط في العالم على المنطقة لتزويدها بإمدادات الخام، خاصة السعودية التي تعد أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كما تتطلع الصين والدول العربية لشراكة في مبادرة طريق الحرير الريادي الذي دشنته بكين كحزام اقتصادي وثقافي يربط بين الصين ودول العالم.
وأشارت وكالة الأنباء شينخوا أن طهران أيضا ستكون جزءا مهما من مشروع طريق الحرير، خاصة بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، لتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال مبادرة “الحزام والطريق، إذا أن من المتوقع أن يبلغ حجم الاستثمارات إلى أكثر من 500 مليار بحلول عام 2020.
وبحسب المؤشرات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن التوقعات تشير إلى أن الاقتصادات الأميركية والبريطانية تفقد زخمها شيئا فشيئا في حين يظهر الاقتصاد الصيني بعض علامات الاستقرار رغم البيانات في الأشهر الأخيرة التي تظهر ضعفا في الأداء الاقتصادي.