يحتفل الصينيون بمهرجان قوارب التنين تكريما للوزير والشاعر والباحث المشهور تشيو يوان الذى توفي منذ 2295 عاما، ومن المتوقع أن ينفق الصينيون خلال الاحتفال نحو 4.8 مليار دولار أمريكي على الطعام والأنشطة الترفيهية خلال عطلة المهرجان التي بدأت أول أمس الأحد وتنتهى اليوم الثلاثاء الذي يعد ذروة المهرجان.
ومن المتوقع أيضا أن يقوم 80 مليون صيني بالسفر في أنحاء مختلفة من البلاد للسياحة أو زيارة الأهل والأقارب خلال اجازة هذا العيد الذي يطلق عليه بالصينية عيد “دوان وو” والذي يتميز بعدة مظاهر منها القيام بسباقات قوارب التنين وتناول لفائف” تسونغتسي” والتي هي عبارة عن نوع من الأرز اللزج المطبوخ المحشو بالحلوي أو اللحم والملفوف بأوراق القصب أو البامبو.
ويأتي توقيت المهرجان في اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم القمري الصيني أي في وقت دخول الصيف وتزداد درجات الحرارة وتكثر الحشرات والآفات والأمراض ، فقد توارث الصينيون عن أجدادهم القدماء عادة تعليق أكياس العطر في رقاب الأطفال وتعليق أكياس تحتوى على مجموعة من الأعشاب الطبية على ابواب المنازل وشرب المشروبات المفيدة والمغذية ليحافظوا على صحتهم خوفا من الأمراض المعدية.
وتعود قصة المهرجان إلى الوزير الشاعر تشيو يوان الذى عاش فى عصر الدويلات السبع المتحاربة : تشي وتشو ويان وهان وتشاو ووي وتشين، حيث أرادت مملكة تشين ،التي كانت الأقوى بين تلك الدويلات، ضم الدويلات الست الأخرى.
وكان تشيو يوان رجل ذكي واسع الأفق والمعرفة كما كان مسئولاً رفيع المستوى ذا كفاءة عالية في دويلة تشو، وكان يدعو إلى الإصلاح السياسي في دويلته والتحالف مع الدويلات الاخرى للوقوف فى وجه مملكة تشين كما قدم للملك الكثير من الخطط والمقترحات حول إدارة الشؤون الداخلية والخارجية للمملكة، ولكن هذه المقترحات والأفكار كانت دائما ما تحظى برفض ومعارضة المسؤولين المحافظين في الحكومة، الذين نددوا به وشهروا بسمعته باستمرار أمام الملك لكى لا يقربه منه ولا يستعين به حتى وصل الامر فى النهاية الى ان تم عزله ونفيه.
وحزن الشاعر تشيو يوان حزنا شديدا ولم يقبل حقيقة الاستبعاد والعزل، فكتب الكثير من الأشعار الجميلة التى لا تزال محفوظة حتى اليوم والتى عبر فيها عن تطلعاته الوطنية والمشاعر الغاضبة الحزينة التى تجيش فى نفسه.
وحسب السجلات التاريخية، فإن الشاعر تشيو يوان نفي من بلاده إلى منطقة نهر مي لوه بمقاطعة هونان قبل وفاته، حيث حظى بالاحترام البالغ والمحبة الكبيرة من قبل المحليين هناك. وبعد مدة، انهزمت مملكة تشو خلال معاركها مع جيش مملكة تشين مما أدى إلى زوالها في النهاية وعندما سمع تشيو يوان بهذا الخبر، شعر بيأس كبير وأصيب بحالة من الحزن الشديد، ولم يستطع تقبل تلك الحقيقة، فألقى بنفسه في نهر مي لوه منتحرا في اليوم الخامس من الشهر الخامس للتقويم القمري الصيني في عام 278 ق م.
وما إن سمع الناس هذا الخبر، حتى هرعوا إلى جانب النهر وأابحر بعضهم بالقوارب لانتشال جثمان تشيو يوان ، وبعضهم قام برمى قطع الخيزران المحشوة بالأرز في النهر باستمرار رغبة في إبعاد الأسماك والحيوانات المائية خشية أن تأكل جثمانه .
ومنذ ذلك الوقت، كلما يحل هذا اليوم يأتي الناس إلى جانب النهر أو يجدفون القوارب إلى داخل النهر لرمى قطع الخيزران المحشوة بالأرز في المياه لإحياء ذكرى الشاعر الوطني ولإذكاء أخلاقه الحميدة، ومع مرور الأيام ، تغيرت قطع الخيزران المحشوة بالأرز إلى طعام ” تسونغتسي” وأصبح تجديف قوارب التنين في الأنهار والبحيرات واقامة سباقات لتلك القوارب تقليدا شعبيا.
وفي اللغة الصينية، يعني دوان مطلع الشهر، كما يسمى الشهر الخامس في التقويم القمري الصيني بشهر وو. فيعني دوان وو اليوم الخامس من شهر الخامس للعام القمرى الصيني وهذا العيد يطلق عليه أيضا عيد دوان يانغ أو عيد الخمسة المزدوجة ويعتقد الكثير من الصينيين انه خلال هذا العيد يستطيع الشخص أن يحصل على الحظ السعيد لمدة عام إذا نجح فى خلال هذا اليوم من الشهر أن يوقف بيضة عموديا فى الساعة الثانية عشر ظهرا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)