بدأ الصينيون اليوم ولمدة ثلاثة أيام الاحتفال بأحد أهم الأعياد الروحية الصينية، وهو عيد الصفاء والنقاء المعروف باسم “تشينغ مينغ” أو عيد “كنس (تنظيف) القبور” التي يقوم فيه الصينيون بتكريم أسلافهم والتعبير عن إجلالهم لأفراد أسرهم وأصدقائهم المتوفين.
ويبتكر الصينيون منذ العام الماضي طرقا جديدة لإحياء هذه المناسبة التقليدية المهمة، بسبب تفشي فيروس “كورونا الجديد” (وباء كوفيد-19)، حيث يتم إحياء ذكرى الأموات في المنزل أو على الانترنت، فيما تتعاقد العائلات التي تحتاج إلى تنظيف القبور أو زيارتها مع وكالة متخصصة عبر خدمات التسجيل المسبق، إذ تحدد الوكالة مواعيد زيارتهم للقبور بشكل متفرق ومنظم منعا للزحام.
وتمثل أعياد كنس القبور، وقوارب التنين، والربيع، ومنتصف الخريف، الأعياد التقليدية الأربعة في الصين، كما يمثل عيد كنس القبور أحد أهم الأعياد الروحية الصينية.
واعتاد الصينيون، إلى جانب الذهاب إلى المقابر، قضاء هذا العيد في التنزه في ضواحي المدن واللعب بالطائرات الورقية وزراعة الأشجار وغيرها من الأنشطة؛ للاستمتاع بالطبيعة بعد انتهاء الشتاء البارد، إلا أن تفشي “كورونا” وجهود الوقاية منه ومكافحته أرغمت الصينيين على تقليص هذه الأنشطة حرصا على عدم حدوث موجات جديدة لانتشار الفيروس.
وبدأ الصينيون الاحتفال بهذا العيد منذ عهد أسرة “تشو” أي قبل أكثر من 2500 سنة، وعادة ما يصادف عيد كنس القبور طقسا ممطرا، ويعبر عن الدخول في أوج فصل الربيع.
ويعتبر “تشينغ مينغ” كذلك أحد المواسم الزراعية الأربعة والعشرين في الصين، ويحل في الأسبوع الأول من أبريل. ومع وصول العيد، تشهد درجات الحرارة ارتفاعا تدريجيا ويزداد تساقط الأمطار، ما يجعله موسما جيدا للزراعة الربيعية، إضافة إلى أنه يجمع العديد من الأنشطة الشعبية.
ويمزج عيد “تشينغ مينغ” بين الحزن والفرح، حيث يزور أبناء القوميات الصينية سيما قومية “هان” قبور أسلافهم، ولا يطبخون الطعام خلال هذا اليوم بل يتناولون الأطعمة الخفيفة تعبيرا عن حزنهم.
ويقوم الزوار بتنظيف قبور الأسلاف أولا، ثم يضعون عليها الزهور وبعض الأشياء التي كان يحبها الراحلون في حياتهم، ثم يشعلون البخور ويحرقون الأوراق ويقدمون احترامهم في صمت.
أما الجانب الآخر لهذا العيد، يتمثل في استقبال الصينيين له بفرح وأمل الربيع، لاسيما وأنه يحل مع بدايات فصل الربيع، فتبدو الأجواء مفعمة بالحيوية والنشاط، ويحرص الصينيون على الخروج للتمتع بالمناظر الطبيعية والآثار التاريخية.
ومن المتعارف عليه أن عادات الطعام في الصين تختلف باختلاف الأعياد، حيث تقوم كل عائلة خلال عيد “تشنغ مينغ” بإعداد أطعمة خاصة، تتمثل أكثرها شيوعا في فطيرة “تشينغ مينغ”، وهي حلويات تصنع من عصير الشيح والأرز اللزج.
كما يتناول الصينيون خاصة في مناطق الجنوب وجبة “تشينغ توان تسي”، حيث تستخدم العائلات لصناعتها نوعا من النباتات البرية يسمى “جيانغ ماي تساو” يتم سحقها وضغطها للحصول على عصيرها، وبعد تجفيف العصير يتم خلطه جيدا مع الأرز اللزج والسكر الناعم الذي يستخدم كحشو، ثم يتم سلق “تشينغ توان تسي” بالبخار لتنضج، وبعد ذلك يتم تغطية سطحها بزيت الخضروات الناضجة، ليصبح لونها أخضر كاليشم، ويكون قوامها شمعي وناعم، لتكون في هذه الحالة جاهزة للتناول، وهي تعد من المأكولات الرئيسة التي يتم إعدادها لتقديم القرابين للأسلاف في جنوب الصين.
وتوجد أيضا في شمال وجنوب الصين عادة تناول وجبة “السان تسي” خلال هذا العيد، وهي وجبة غذائية محمرة في الزيت، ذات رائحة شهية وشكل جميل، يتم إعدادها بطريقة رئيسية من دقيق القمح والأرز.
المصدر : أ ش أ