تحيي منظمة الصحة العالمية يوم 17 مايو من كل عام (اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم) ويأتي الاحتفال هذا العام 2019 تحت شعار” أعرف أرقامك”حيث يهدف إلى التوعية بأهمية القياس الدوري لضغط الدم ، ومعرفة المستويات الطبيعية له.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن ارتفاع ضغط الدم يحدث عندما يكون ضغط الدم الانقباضي يساوي أو أعلى من 140 ملم، ويساوي ضغط الدم الانبساطي أو أعلى من 90 ملم ؛ وأن 2 من كل 5 أشخاص بالغين في الشرق الأوسط مصابون بارتفاع ضغط الدم؛ وأن نمط الحياة غير الصحي من الممكن أن يزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم مثل : تناول الكثير من الملح، وزيادة الوزن، وقلة ممارسة الرياضة، والتدخين.
وتم الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم لأول مرة في مايو 2005، وأصبح حدثًا سنوياً معتمداً منذ ذلك الحين.. والغرض منه هو تعزيز الوعي لدى المجتمع بارتفاع ضغط الدم، وتشجيع المواطنين في جميع البلدان على منع ومكافحة هذا القاتل الصامت ، والذي يعد وباء العصر الحديث.
وارتفاع ضغط الدم هو حالة شائعة، حيث إن قوة تأثير المدى الطويل ضد جدار الشرايين هي مرتفعة بما يكفي إلى أن تسبب في النهاية مشكلات صحية، مثل مرض القلب، ويتم تحديد ضغط الدم من خلال كمية الدم التي يضُخها القلب ومقدار مقاومة تدفق الدم في الشرايين.. كلما ضخ القلب كمية من الدم كبيرة وكانت الشرايين ضيقة كان ضغط الدم مرتفعاً.
ومن الممكن الإصابة بارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم) لسنين بدون ظهور أي أعراض، ولا توجد علامات أو أعراض لدى معظم المصابين بارتفاع ضغط الدم، ولو كانت نتائج قياس ضغط الدم تشير إلى مستويات مرتفعة خطيرة.. وقد يعاني بعض المصابين بارتفاع ضغط الدم حالات الصداع وضيق التنفس أو نزيف الأنف، ولكن هذه العلامات والأعراض ليست محددة ولا تحدث عادة إلا بعد بلوغ ارتفاع ضغط الدم مرحلة حادة للغاية أو مهددة للحياة، وحتى وإن كان بدون ظهور أعراض يستمر تلف الأوعية الدموية والقلب ويمكن الكشف عنه.
يزيد ارتفاع ضغط الدم غير المتحكم فيه من خطر الإصابة بمشكلات صحية خطيرة، بما فيها النوبة القلبية والسكتة الدماغية، ويتطور ارتفاع ضغط الدم بشكل عام على مدار سنوات، ويؤثر على ما يقرب من جميع الأشخاص في النهاية، ولحسن الحظ يمكن الكشف عن ارتفاع ضغط الدم بسهولة، وبمجرد أن تعرف أنك مصاباً بارتفاع ضغط الدم، يمكن أن تتعاون مع طبيبك للتحكم فيه.
ويُرجح أن يقيس المريض ضغط الدم كجزء من الإجراءات المعتادة في موعد زيارة الطبيب، وينبغي مطالبة الطبيب بقياس ضغط الدم على الأقل كل سنتين بداية من 18 عاماً.. إذا كنت في سن الـ 40 أو أكبر، أو إذا كان عمرك يتراوح بين 18 و39 عاماً وكنت معرضاً بشدة لخطر ارتفاع ضغط الدم، فيجب قياس ضغط الدم لديك كل عام.
وينصح بإجراء قياسات متكررة إذا كان قد تم تشخيص المريض بارتفاع ضغط الدم أو كانت لديه عوامل خطورة أخرى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.. ويخضع الأطفال في سن 3 أعوام أو أكبر عادة لقياس ضغط الدم كجزء من الفحوصات السنوية، وهناك نوعان من ضغط الدم المرتفع وهما:
1- فرط ضغط الدم الأساسي (الجوهري): فبالنسبة لمعظم البالغين، لا يوجد سبب محدد لضغط الدم المرتفع، ويتطور هذا النوع من ضغط الدم المرتفع، المعروف باسم ضغط الدم المرتفع الأساسي أو ضغط الدم المرتفع الأولي، تدريجيًا عبر العديد من السنوات.
2- ارتفاع ضغط الدم الثانوي: وتكون الإصابة ناجمة عن حالة مرضية كامنة، ويظهر هذا النوع من ضغط الدم المرتفع فجأة، ويتسبب في ارتفاع ضغط الدم أكثر من ضغط الدم المرتفع الأولي.. وقد تؤدي مختلف الحالات المرضية والأدوية إلى ارتفاع ضغط الدم الثانوي، مثل (انقطاع النفس الانسدادي النومي، مشكلات الكلى، أورام الغدة الكظرية، مشكلات الغدة الدرقية؛ بعض العيوب في الأوعية الدموية التي يولد الشخص بها (عيوب ولادية) ، أدوية معينة مثل حبوب منع الحمل، وعلاجات البرد، ومزيلات الاحتقان، ومسكنات الألم المتاحة بدون وصفة طبية وبعض العقاقير الموصوفة، العقاقير غير الشرعية مثل الكوكايين والأمفيتامينات، تعاطي الكحوليات أو التناول المزمن للكحول).
وهناك العديد من عوامل خطر ارتفاع ضغط الدم، وتتضمن:
- العمر: حيث يزداد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم مع تقدم العمر، يعتبر ارتفاع ضغط الدم هو الأكثر شيوعًا لدى الرجال خلال فترة منتصف العمر المبكر، أو في حوالي عمر 45.. وتعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم بعد سن 65.
- العرق: وينتشر ارتفاع ضغط الدم بين ذوي البشرة السوداء بشكل خاص، وغالباً ما يتعرضون للإصابة به في سن مبكر أكثر من ذوي البشرة البيضاء.. كما تعد أيضاً المضاعفات الخطيرة، مثل السكتة الدماغية والنوبة القلبية والفشل الكلوي، أكثر شيوعا لدى ذوي البشرة السمراء.
- التاريخ العائلي: ويميل ارتفاع ضغط الدم للانتشار بين أفراد الأسرة الواحدة.
- كونك تعاني من زيادة الوزن أو السمنة (كلما زاد وزنك، احتجت إلى كميات أكبر من الدم لإمداد الأنسجة بالأكسجين والمواد الغذائية، وكلما زاد حجم الدم الذي يسير عبر الأوعية الدموية، يزيد الضغط أيضًا على جدران الشرايين).
- عدم الحفاظ على نشاطك البدني: ويميل معدل ضربات القلب لدى الأشخاص الذين يعيشون حياة غير نشطة إلى الزيادة. وكلما زاد معدل ضربات القلب، يجب على القلب أن يعمل بجدية مع كل عملية انقباض وزادت القوة الضاغطة على الشرايين. يؤدي نقص النشاط البدني أيضًا إلى زيادة خطر زيادة الوزن.
- استخدام التبغ: ليس التدخين أو مضغ التبغ فقط هو ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل مؤقت على الفور، ولكن يمكن للمواد الكيميائية الموجود في التبغ أيضاً العمل على إتلاف بطانة جدران الشرايين، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تضيق الشرايين مما يزيد من ضغط الدم.. كما يمكن للتدخين السلبي زيادة ضغط الدم.
- زيادة الملح (الصوديوم) في النظام الغذائي: ويمكن أن تؤدي زيادة الصوديوم في نظامك الغذائي إلى احتفاظ الجسم بالسوائل مما يزيد من ضغط الدم.
- نقص البوتاسيوم في النظام الغذائي: ويساعد البوتاسيوم على توازن كمية الصوديوم في الخلايا، وفي حالة عدم الحصول على ما يكفي من البوتاسيوم في نظامك الغذائي، فقد تتراكم كمية كبيرة من الصوديوم في دمك.
- نقص فيتامين (د) في النظام الغذائي: ومن غير المؤكد ما إذا كان نقص فيتامين (د) في نظامك الغذائي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم . ويمكن أن يؤثر فيتامين (د) في أحد الإنزيمات التي تنتجها الكلى والتي تؤثر في ضغط الدم.
- شرب الكثير من الكحول: ويمكن أن يؤدي الإفراط في شرب الكحول بمرور الوقت إلى الإضرار بالقلب، ويمكن أن يؤثر تناول أكثر من مشروبين يوميا بالنسبة للرجال ومشروب واحد يوميا بالنسبة للنساء في ضغط الدم.
- الضغط النفسي: ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الضغط النفسي إلى زيادة ضغط الدم. إذا كنت تحاول الاسترخاء بتناول المزيد من الطعام أو استخدام التبغ أو شرب الكحول، فإنك قد تزيد من مشكلات ارتفاع ضغط الدم فقط.
- بعض الأمراض المزمنة: ويمكن لبعض الحالات المزمنة أيضا زيادة خطر ارتفاع ضغط الدم، مثل مرض الكلى وداء السكري وانقطاع النفس النومي. وأحيانا ما يشارك الحمل أيضا في ارتفاع ضغط الدم.
وعلى الرغم من أن ارتفاع ضغط الدم شائع لدى البالغين، فإنه من الممكن أن يكون الأطفال أيضا معرضين للخطر.. وتتسبب المشكلات في الكليتين أو القلب في ارتفاع ضغط الدم، بالنسبة لبعض الأطفال، ولكن بالنسبة لعدد كبير من الأطفال تشارك عادات نمط الحياة السيئة كاتباع نظام غذائي غير صحي والسمنة ونقص التمارين الرياضية في ارتفاع ضغط الدم.
وقد يؤدي الضغط المفرط على جدران الشرايين الناتج عن ارتفاع ضغط الدم إلى الإضرار بالأوعية الدموية، علاوة على أعضاء الجسم، فكلما زاد ارتفاع ضغط الدم وزادت فترة تركه دون علاج، كلما كان الضرر أكبر، وقد يؤدي عدم علاج ارتفاع ضغط الدم إلى النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.. وقد يتسبب ارتفاع ضغط الدم في تصلب الشرايين وزيادة سماكتها (تصلب الشرايين) مما قد يؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية، أو السكتات الدماغية أو غير ذلك من المضاعفات.
كما يمكن أن يتسبب في تمدد الأوعية الدموية.. حيث يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يسبب ضعفًا في الأوعية الدموية وانتفاخها، ويؤدي إلى الإصابة بأم الدم، إذا تمزقت أم الدم، يمكن أن يكون ذلك مهددًا للحياة.. إضافة إلى فشل القلب، حيث إنه لضخ الدم لمقاومة الضغط العالي في الأوعية تتضخم عضلات القلب وفي نهاية المطاف، قد تجد العضلات المتضخمة صعوبة في ضخ دم كافٍ لتلبية احتياجات الجسم، والتي قد تؤدي إلى فشل القلب.
كما يمكن أن يؤثر على عمل الأوعية الدموية الضعيفة والضيقة في الكليتين ويمنعها من العمل بشكل طبيعي، إضافة إلى فقدان الرؤية حيث يقوم بالتأثير على الأوعية الدموية المتضخمة والضيقة والممزقة في العينين.. كما أنه يمكن أن يسبب (متلازمة الأيض) وهذه المتلازمة عبارة عن مجموعة من الاضطرابات التي تصيب أيض الجسم، بما في ذلك زيادة محيط الخصر؛ وارتفاع نسبة الدهون الثلاثية؛ وانخفاض مستوى كوليسترول البروتين الدهني مرتفع الكثافة (HDL)، الكوليسترول “الجيد”؛ وارتفاع ضغط الدم؛ وارتفاع مستويات الأنسولين تؤدي الحالات المذكورة إلى زيادة احتمالية الإصابة بداء السكري، وداء القلب والسكتات الدماغية.
ويمكن لضغط الدم أن يسبب مشاكل كبيرة في الذاكرة والفهم.. حيث تعتبر المتاعب المرتبطة بمفاهيم الذاكرة والإدراك أكثر شيوعًا بين الأفراد المصابين بارتفاع ضغط الدم.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى توجد أعلى معدلات انتشار لارتفاع ضغط الدم في أفريقيا (46% من البالغين) في حين توجد أقل معدلات انتشاره في الأمريكيتين (35% من البالغين).. وبصفة عامة، تقل معدلات انتشار ضغط الدم في البلدان المرتفعة الدخل (35% من البالغين) عنها في الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل (40% من البالغين) بفضل السياسات العامة المتعددة القطاعات الناجحة وإتاحة الرعاية الصحية على نحو أفضل.
وأكدت دراسة حديثة نشرت في مجلة (ساينس) أن تعديل نمط الحياة من خلال ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام وتناول الطعام الصحي يمكن أن يقلل من اعتماد المرضى الذين يعانون من “ارتفاع ضغط الدم” على الأدوية.
وأشارت الدراسة التي عرضت مؤخرا ضمن أعمال المؤتمر السنوي الذي تنظمه الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، إلى أن التغيير الذي طرأ على نمط حياة مجموعة من المرضى الذين خضعوا للتجربة لمدة 16 يوما كان له أثر إيجابي في استغناء نسبة كبيرة منهم عن العقاقير اللازمة لخفض ضغط الدم.
ويقول “ألان هيندرليتر” الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا والباحث الرئيسي للدراسة، إن تعديل نمط الحياة من خلال تناول الطعام الصحي وأداء التمارين البدنية المنتظمة يقلِّل إلى حدٍّ كبير من عدد المرضى الذين يحتاجون إلى تعاطي أدوية لخفض ضغط الدم. وينطبق هذا، على وجه الخصوص، على الأفراد الذين يتراوح ضغط الدم الانقباضي لديهم بين 130 إلى 160 ملم زئبق، والانبساطي بين 80 و99 ملم زئبق.
وأشارت دراسة أخرى، امتدت في الفترة ما بين 1975-2015 إلى أن عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم، أي الذين لديهم ضغط دم أكبر من 140/90 مم زئبقي (ملليمتر من الزئبق) زاد من 594 مليون في عام 1975 إلى أكثر من 1.1 مليار في عام 2015، وأن الزيادة الأكبر كانت من نصيب جنوب آسيا وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. وشملت الدراسة التي يقودها باحثون من منظمة الصحة العالمية يعملون مع مئات من العلماء على مستوى العالم- قياسات لضغط الدم أُجريت على 19 مليون فرد من 200 دولة.
كما انتهى الباحثون إلى أن ارتفاع ضغط الدم هو السبب الرئيسي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تؤدي إلى سكتات دماغية وأزمات قلبية، ما يؤدي لـ7.5 ملايين حالة وفاة سنويا في أنحاء العالم.
المصدر:أ ش أ