تبدو مناطق محافظة صلاح الدين التي تم طرد عناصر تنظيم داعش منها شبه خالية من سكانها المدنيين وحتى من الحيوانات.
وتبدو مظاهر الحرائق على جميع القرى والبلدات التي تعج بالعجلات المدمرة والمحترقة وبالحفر التي خلفتها انفجارات العبوات الناسفة والقنابل وكذلك بمخلفات السيارات المدمرة.
وتنتشر على طول الطريق نقاط حراسة لا يفصل بين إحداها والأخرى أكثر من 2 كم تساندها عجلات عسكرية ومدنية مع عناصر مختلفة الملابس والرايات والتوجهات ولا يجمع بينهم سوى حمل السلاح ومقاتلة الطرف الآخر. وترفع القوات المنتشرة على طول الطرق رايات متعددة الأشكال والألوان وترفع شعارات مختلفة تدل على أسماء المنظمات والمجاميع العسكرية التي تنتمي إليها، فيما يغيب العلم العراقي ولا يرفع إلا على استحياء في عدد من سيارات الجيش والشرطة العراقية وكذلك بعض الأماكن.
وتبدو في منطقتي تل كصيبة والناعمة شرق تكريت هناك أول علامات للحياة في هذه المنطقة التي تضم بيوتا لقبيلة شمر رفعت رايات بيضاء على المنازل والسيارات والجرارات الزراعية فضلا عن راية الكتيبة الذي يسيطر على القاطع الذي تقع فيه تلك المنازل.
في مناطق شمر لاحت أولى علامات الحياة حيث بدت المنازل عامرة بأهلها ولم تصب بأذى فيما راحت قطعان الماشية ترعى في الحقول الخضراء دون خوف أو وجل فيما شكل أبناء القبيلة نقاطا للحراسة على جميع الطرقات التي تمر في مضارب القبيلة.
أما في نقطة الدخول إلى ناحية العلم (15 كلم شمال شرقي تكريت) التي قاومت سيطرة مسلحي داعش لأسبوعين كاملين فقد كانت الصورة مختلفة نوعا ما حيث يشارك أبناء قبائل الجبور والعبيد والعزة والجميلة في عمليات مسك الأرض والسيطرة عليها وتنظيم حركة العائدين إلى ديارهم.
وفي مبنى مديرية الناحية، قال رئيس المجلس البلدي جاسم العفري للوكالة إنهم يعملون ليل نهار في سبيل تهيئة ظروف عودة النازحين من أبناء الناحية في المحافظات الأخرى وكذلك لإعادة التيار الكهربائي والمياه والخدمات الصحيحة إلى السكان العائدين.
بدوره، انتقد ليث حميد، مدير الناحية، تباطؤ أجهزة الدولة العراقية بتوفير الخدمات واحتياجات السكان المدنيين من المواد الغذائية على الرغم من الأوامر التي أصدرها رئيس الوزراء حيدر العبادي، مشددا على أن “المنطقة تحتاج لجهد استثنائي لرفع مخلفات الحرب والنفايات وإعادة الحياة إلى دوائر الدولة والمرافق الصحية والخدمية والمدارس”.
وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة يدعى نعيم محمود: إن “الوضع جيد حاليا لكن هناك مخاوف من عودة عناصر تنظيم داعش بسبب الانقسامات والمشكلات التي تعصف بمنتسبي الحشد الشعبي والشرطة العراقية”، معربا عن مخاوفه من قلة التسليح والتجهيز الذي تحصل عليه شرطة العلم وأبناء الحشد فيها. ومضى قائلا: “لا ندري كيف نحمي منطقتنا ببنادق قديمة من نوع كلاشنيكوف فيما يمتلك الطرف الآخر مختلف أنواع الأسلحة الحديثة والمؤثرة ملقيا باللوم على قادة الحشد والشرطة وحكومة بغداد التي لا تريد تسليح أبناء الطائفة السنية على الرغم من وقوفهم مع الدولة”.
وبدت على جدران المباني شعارات متطرفة لتنظيم داعش تم تمزيقها ومحو جزء منها واستبدلت بشعارات طائفية لا تقل تطرفا وعدائية عن سابقتها مما يزيد من مخاوف السكان المحليين الذين وإن استقبلوا قوات الحشد الشعبي بالترحاب إلا أنهم يخشون أن يعمل عناصر الحشد على إيذائهم أو إجبارهم على تغيير مذهبهم.
وبسؤال بعض عناصر الحشد الشعبي تبين أنهم يعملون بموجب أوامر تصدرها قياداتهم دون الرجوع لقادة الجيش والشرطة مع ملاحظة أن عناصر منظمة بدر التي يقودها النائب الحالي ووزير النقل السابق هادي العامري هم الأكثر وجودا وتنظيما وتسليحا من بين عناصر ومجاميع الحشد الشعبي.
ووسط كل ذلك لا تغيب عن العين مشاهد البيوت المدمرة والمحترقة في مناطق العلم والدور وتل كصيبة والناعمة التي، حسب الوكالة، قال عنها أعضاء الحشد إنها بيوت لعناصر تنظيم داعش فيما يؤكد مواطنون كثيرون على أنها منازل لمواطنين عاديين لا علاقة لهم بالتنظيم المتطرف.
وفي الدور (22 كم شرق تكريت) كانت عمليات نسف وحرق المنازل مستمرة بشهادة عدد من الجنود الذين حسب الوكالة، رفضوا السماح لطاقمها بسلوك الشارع العام وسط المدينة لكنهم، وقالوا بصريح العبارة إن “الحشد مشغول بنسف البيوت وإنه لا يمكنهم المرور حفاظا على حياتهم”.
وفي أعلى خزان المياه الذي يغذي مدينة الدور تبدو للعيان الشعارات التي تؤكد أن الحرب تنحو منحى طائفيا حيث قام عناصر الحشد بتغيير شعار كتبه تنظيم داعش إلى شعار طائفي بديل.