ما يزال الحدث السوري يسيطر على عناوين غالبية الصحف العربية الصادرة اليوم،حيث تناولت صحيفة الشرق الأوسط يتحدث الكاتب عن خطر تخلي الجولاني عن إرثه المتشدد.
وتنقل الصحيفة عن السوريين مقولتهم الشام غلَّابة والشام هي أولاً وأخيراً دمشق، بطبقاتها الحضارية المتراكمة، الآرامية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والأموية والعثمانية والفرنسية.. هي الحاضرة الفريدة بقدرتها على التكيف والتطور عبر آلاف السنين، ونقطة التقاء الحضارات والثقافات والأديان، صنعت من مرونتها الثقافية إرثاً مدنياً فريداً ومستداماً، يختصر مكانتها المحورية، سواء كمركز للمسيحية المبكرة أو مدينة رئيسية في التاريخ الإسلامي حين اختارها الأمويون عاصمة لإمبراطوريتهم وجدوا فيها مختبراً لا يتكرر للبراغماتية التي أسسها معاوية بن أبي سفيان عبر إدارة التوازن بين الهيمنة السياسية واحترام التعددية الثقافية والدينية.
وبحسب الصحيفة أن بهذا المعنى، مدينة غيرت ناسها والوافدين إليها أكثر مما غيروها، بروحها العميقة القادرة على احتضان التنوع واستيعاب التناقضات. يصلها الوافد وسرعان ما «يتدمشق»، مكتسباً صفات المدنية نفسها وناسها وأسواقها التي تميزها المرونة الاجتماعية وسيادة منطق الربح المشترك البعيد عن أي تعصب ديني أو عرقي.
يكاد تجزم الصحيفة أن فائض العنف الذي مارسه النظام الأسدي على سوريا يعكس، بشكل مباشر، استعصاء المدنية نفسها وصعوبة إخضاعها بما يتناقض مع طبيعتها، إلا عبر مستويات خرافية من القمع والتوحش.
تتحدث الصحيفة عن خطر تخلي الجولاني عن إرثه المتشدد ما قد يؤدي إلى انشقاقات داخل تنظيمه وفقدان قاعدته الشعبية بين الفصائل ويختم مضيئا على بيان لجنة الاتصال الوزارية العربية الذي يفتح بابا سياسياً ودولياً «للتدمشق» السياسي، والخضوع لإرث التسامح لأقدم مدينة مأهولة في التاريخ.
المصدر: الشرق الأوسط