أثار انسحاب الجيش السوري أمام الهجوم الذي شنته فصائل سورية مسلحة منها هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى بعضها مدعوم من تركيا على مدينة حلب، أسئلة عدة؛ بيد أن الإجابة عنها باتت مرهونة بصورة كبيرة بالموقف الأمريكي.
وفرضت عطلة عيد الشكر صمتاً في واشنطن عدَّه البعض فرصة مواتية لتحقيق أكبر قدر من الأهداف، بينما لم يظهر من موقف واشنطن سوى تصريح نقله موقع أكسيوس، عن مسؤول أمريكي أن الهجوم فاجأ إدارة الرئيس جو بايدن، مضيفاً أن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في الهجوم.
وفي ظل استمرار وتوسع الهجوم ليشمل نطاقات أوسع في سوريا، أضيفت تساؤلات أمريكية جديدة عن خيارات إدارة بايدن الراحلة بعد قليل أو إدارة ترمب المقبلة، وما إذا كان يهم إذا كانت حلب تحت حكم الرئيس بشار الأسد بتحالف مع إيران وحزب الله وروسيا، أو بعهدة تنظيمات المتشددين المسلحين.
يقول الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي إن الموقف الأمريكي أساسي لمعرفة إلى أين تتجه الأمور. وحتى الآن لم تصدر سوى تعليقات خجولة على منصة «إكس» تندد بالنظام وبدوره، لكنها لا تضيف شيئاً.
وأضاف بربندي في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، إن ما جرى قد يكون له أوجه إيجابية، بمعزل عن تقييم أهداف الجهة التي قامت بالهجوم؛ فالسيطرة على حلب ومناطقها قد تفيد في إعادة أكثر من 300 ألف عائلة سورية هجرت منها، بدلاً من الخيام والتشرد والضغوط والمضايقات التي يعيشونها في تركيا.
واستدرك بربندي : كما أن التطورات تعني إنهاء وتقويض الوجود الإيراني، ليس فقط في حلب، بل قد يكون مقدمة لإنهاء هذا الوجود في كل سوريا، وينهي عملياً مشروعها الإقليمي.
وبالنسبة إلى الأخطار، يقول بربندي إن المشكلة تتمثل في أن القوى التي دخلت المدينة، هي قوى متطرفة وليست معتدلة، وهو ما قد يعيد إلى الاذهان الخوف على التنوع في المدينة، والأخطار التي يمكن أن تحدق مجدداً بالنسيج الاجتماعي والطائفي والعِرقي في حلب.
من جانبه ، يقول بسام إسحاق ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن (مسد)، الذي يمثل الأقلية السريانية ، لصحيفة الشرق الأوسط إن المناقشات الرسمية في (مسد) لا تزال بانتظار الموقف الأمريكي ، لكنه يعتقد بشكل شخصي أن ما جرى لم يكن حركة اعتباطية؛ فالحرب الإسرائيلية ضد (حزب الله) في لبنان، والهجمات الإسرائيلية المستمرة في سوريا ضد إيران، واستغلال الضعف الإيراني، والتحذيرات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للرئيس الأسد، كلها عوامل مهدت الطريق أمام ما جرى.
وبالنسبة إلى مستقبل القوات الأمريكية في سوريا، يقول بسام إسحاق إنه لا يتوقع سحبها من قبل إدارة ترامب.
ويقول إسحاق إن ما نسمعه من مستشاري ترمب يؤكد أنه يريد مواصلة الضغط على إيران وليس الانسحاب، وعلى الأقل سيبقى في الحد الأدنى نحو 400 جندي أميركي، ولن يتم التخلي عن «قسد»، وانتشار القوات الكردية في حلب دليل على أن هناك توافقاً على عدم حدوث مواجهات.
المصدر : الشرق الأوسط