يومًا بعد آخر، يزداد التقارب بين القوات الأميركية والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، داخل العراق، ووصل الأمر حد التشارك في قاعدة، في الوقت الذي تستغل إيران هذه الميليشيات في توسيع دائرة نفوذها داخل العراق والقتال إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وأكد لنا مسؤولان بالإدارة الأميركية رفيعا المستوى أن الجنود الأميركيين والميليشيات الشيعية يستغلون قاعدة «تقدم» العسكرية في الأنبار، وهي ذات القاعدة العراقية أرسل إليها الرئيس باراك أوباما 450 فردًا عسكريًا أميركيًا إضافيا للمعاونة في تدريب القوات المحلية التي تقاتل ضد «داعش».
يذكر أن بعض الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتي تستغل القاعدة سبق وأن تورطت في قتل جنود أميركيين فيما مضى.
ويخشى البعض داخل إدارة أوباما من أن يسفر التشارك في القاعدة عن خلق مخاطر تهدد الجنود الأميركيين. وبعثت وكالات الاستخبارات الأميركية بتقرير إلى واشنطن حول تجسس ممثلين لبعض أكثر الميليشيات تطرفًا على العمليات الأميركية داخل قاعدة «تقدم»، حسبما أخبرنا مسؤول بارز في الإدارة. وقد يتمخض هذا الوضع عن نتائج كارثية حال انهيار العلاقات الهشة بين القوات الأميركية والميليشيات الشيعية واتخاذ القوات المدعومة من إيران قرارًا باستهداف القوات الأميركية مجددًا.
ويصف الأميركيون المنتقدون لهذا التعاون المتزايد بين القوات الأميركية والجماعات المسلحة التي تدعمها طهران الأمر، بالخيانة للجنود الأميركيين الذين حاربوا هذه الجماعات خلال الاحتلال الأميركي للعراق الذي دام 10 سنوات.
من هؤلاء جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، الذي قال لنا: «هذه إهانة لأسر الجنود الأميركيين الذين جرحوا وقتلوا في معارك كانت الميليشيات فيها هي العدو». وأضاف: «ومن الصعب للغاية على هذه الأسر تفهم إمداد هذه الجماعات بالسلاح والدعم الآن».
يذكر أن واشنطن لا تضطلع بتدريب الوحدات الشيعية المعروفة باسم «قوات الحشد الشعبي» بصورة مباشرة، لكنها تنظم طلعات جوية قريبة لتنفيذ مهام دعم لها.
وتتضمن هذه القوات عشرات الآلاف من العراقيين المتطوعين لقتال «داعش»، علاوة على الآلاف من المسلحين المخضرمين الذين يتلقون أوامرهم من قادة عسكريين موالين لطهران.
المعروف أن واشنطن تقدم الأسلحة بصورة مباشرة فقط إلى الحكومة العراقية وقوات الأمن العراقي، لكن الخطوط الفاصلة بين هذه القوات والميليشيات غير واضحة، وغالبًا ما تسقط الأسلحة الأميركية بأيدي ميليشيات مثل «حزب الله العراقي». وأحيانا، يصبح التعاون العسكري أكثر وضوحًا، حيث يشارك قادة بعض الميليشيات المتشددة في الاجتماعات التي تعقدها القوات الأميركية لتوضيح آخر تطورات عملياتها في البلاد، وهي اجتماعات موجهة إلى قوات الأمن العراقية الخاضعة لسيطرة الحكومة، حسبما ذكر مسؤول رفيع بالإدارة.
وأضاف المسؤول أن «هذا التعاون مع جماعات إرهابية قتلت أميركيين بدا أمرًا حتميًا مع تحفيز واشنطن للعراقيين في مواجهة داعش. إلا أنه قد يؤتي بنتائج عكس المرجوة للمصالح الأميركية على المدى البعيد».
تتألف الميليشيات في معظمها من متطوعين شيعة ويرأسها زعيم «حزب الله العراقي»، أبو مهدي المهندس. كان المهندس قد تعرض لعقوبات من قبل وزارة الخزانة بسبب عمله على زعزعة استقرار العراق. جدير بالذكر أن المهندس معاون مقرب من قاسم سليماني، قائد قوة القدس الإيرانية.
كما تولت طهران نشر أعضاء هذه الجماعات للدفاع عن نظام الأسد في سوريا المجاورة. من جانبه، أكد جيمس كلابر، مدير «الاستخبارات الوطنية»، في خطاب بتاريخ 3 يونيو بعث به إلى سبعة أعضاء في جمهوريين في مجلس الشيوخ، والذي حصلنا على نسخة منه، أن «إيران وحزب الله عملا أيضا على دعم جماعات شيعية عراقية مسلحة وإرهابية – والتي تتلقى تدريبا في إيران – للمشاركة في عمليات لصالح الأسد».
كما تواجه هذه الميليشيات اتهامات بارتكاب انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان ومذابح في ميادين القتال داخل المناطق السنية التي يحاربون فيها. من جانبها، وجهت وزارة الخارجية الأميركية نقدًا شديدًا للدعم الإيراني للميليشيات العراقية وسلوك هذه الميليشيات
و الجدير بالذكر ان في العراق، تقاتل واشنطن بجانب ميليشيات مدعومة من طهران. في سوريا، تحارب القوى المدعومة أميركيًا ضد الميليشيات ذاتها. وتكمن مأساة هذه السياسة في أن «داعش» نجح في السيطرة على مناطق في العراق وسوريا، بل وتوسيع دائرة سيطرته، بينما نجحت إيران في إحكام قبضتها على بغداد.
المصدر: وكالات