منذ توليه رئاسة البلاد، والرئيس عبد الفتاح السيسي يعمل جاهدا لاستعادة دور مصر ومكانتها في القارة الأفريقية، والتشديد على أن مصر منفتحة على أفريقيا، بعد توقف سنوات عن ممارسة دورها الريادي في القارة السمراء.
ونجح السيسي خلال 10 أشهر في استعادة دور مصر في محيطها الأفريقي بعد غياب امتد لعشرات السنين بسبب إهماله من قبل الرئيس الأسبق حسني مبارك في أعقاب تعرضه لمحاولة اغتيال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
وأعاد السيسي الحياة للعلاقات المصرية الأفريقية في فترة قياسية، فالتقى أكثر من 21 رئيسا أفريقيا كما قصدت العديد من الوفود الأفريقية الرسمية القاهرة وتم عقد لقاءات مع السيسي وكبار مسئولي الدولة إضافة إلى رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب.
وفي إطار جهوده المتواصلة منذ توليه الرئاسة لاستعادة مكانة مصر في أفريقيا، يبدأ الرئيس السيسي اليوم الجمعة زيارة إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا للمشاركة في أعمال القمة الأفريقية العادية السادسة والعشرين التي ستُعقد يومي 30 و31 يناير الجاري.
وكان مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي قرر في يونيو2014 عودة مصر إلى ممارسة جميع أنشطتها في الاتحاد، وذلك بعد أن علّق مشاركتها في جميع الأنشطة لحين “استعادة النظام الدستوري” بعد يومين من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013.
والقاهرة كانت مركز القمة المصرية الأفريقية التي جمعت الرئيس المصري بالزعماء الأفارقة حيث التقى السيسي مؤخرا بالقاهرة رؤساء جمهوريات السودان وجنوب السودان والرئيس التشادي إدريس ديبي، ورئيسة أفريقيا الوسطى كاترين سامبا بانزا ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما وعددا من وفود وصحفيي الدول الأفريقية استعرض الرئيس العلاقات الثنائية التي تجمع مصر مع القارة الأفريقية فضلا عن أهم القضايا الراهنة.
وأكد الرئيس السيسي مرارا أن البعد الأفريقى يمثل أحد أهم ثوابت سياسة مصر الخارجية، مشيرا إلى أن مصر تتجه إلى تعزيز انفتاحها على أفريقيا بعد ثورتي الشعب المصري.
ويدرك السيسي جيدا أن انفصال مصر عن محيطها الأفريقي أضر بها كثيرا، لا سيما فيما يخص أزمة سد النهضة الإثيوبي ويسعى الرئيس الآن إلى تطويق الأزمة الليبية، لا سيما أنها تشكل خطرا على دول الجوار الأفريقية ومنها مصر والنيجر وتشاد والسودان.
وتحقق اليوم الخميس ما كان يهدف له السيسي من وراء تعزيز العلاقات مع دول أفريقيا إلى ضمان حصول مصر على مقعد أفريقيا الموقت في مجلس الأمن.
ونوه الرئيس إلى أن أفريقيا غنية بالموارد الاقتصادية ولديها ثروات هائلة وتسعى مصر إلى الاستفادة من هذه الاقتصاديات في إطار شراكة حقيقية مع مختلف دول القارة.
وشدد الرئيس على أهمية الحفاظ على استدامة الموارد الطبيعية لدول القارة، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد على تحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر وتنفيذ الأهداف الإنمائية الأخرى وتعزيز السلام والاستقرار في أفريقيا.
تاريخيا، وقال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان في تصريحات صحفية أن علاقة مصر بأفريقيا بدأت منذ عام 1503 ق.م وتجسد ذلك فى رحلات قدماء المصريين إلى بلاد بونت، وهى فى رأى الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى ..لافتا إلى أنه قد وجدت أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وغرب أفريقيا وبين القبائل النيلوتية في أعالي النيل وفى محور شمال أفريقيا.
وقال ريحان إن الملكة حتشبسوت، التي حكمت من عام 1503 إلى 1482 ق.م ، أرسلت فى العام السادس أو السابع من حكمها خمس سفن ضخمة إلى بلاد بونت أرض البخور لإحضار منتجات تلك البلاد إلى مصر تحت قيادة القائد نحسي وقد بدأت رحلتها من أحد موانئ البحر الأحمر قرب وادى الجاسوس بالصحراء الشرقية.
وأضاف أن رحلاتها تعد دراسة متكاملة عن ثروات بلاد بونت صورتها على جدران معبدها الشهير بالدير البحري.
وأشار إلى أن هناك تقارب ثقافي بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة الإفريقية سجلها كتاب من إفريقيا في كتاباتهم عن ملامح التشابهه بين الفن المصري القديم والفنون الأفريقية ومنهم الكاتب السنغالي “شيخ أنتا ديوب” فى كتابه الأصول الزنجية للحضارة المصرية الذى صدر عام 1995.
وأسهم الدور المصري في دعم حركات التحرير إلي استقلال الدول الأفريقية من تحت نير الاحتلال، وكانت مصر من الدول الرائدة في العمل الأفريقي المشترك، حيث استضافت أول قمة أفريقية في القاهرة في عام ١٩٦٤، والتي شهدت إطلاق منظمة الوحدة الأفريقية. لكن أكثر ما ركزت عليه مصر هو تجمع دول الأندوجو الذي أنشئ في عام ١٩٨٣ وتجمع التيكونيل عام ١٩٩٢ ومبادرة حوض النيل في عام ١٩٩٩، لأن تلك الدول شرق القارة هي الامتداد الجغرافي والتاريخي الأقرب لمصر،
وركزت مصر في سياستها علي تنمية القارة واحتواء الصراعات بين السنغال وموريتانيا عام ١٩٩٢ واستقلال ناميبيا عام ١٩٩٠، وإطلاق سراح الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عام ١٩٩٠، كما تقوم مصر بدور رائد في إطار المنظمات التكاملية مثل تجمع الكوميسا لدول شرق وجنوب أفريقيا علي الرغم من تراجع قوة مصر فيها اقتصاديا وتجاريا،
وأفادت دراسة حديثة للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية أن المجالات الإنسانية أهم جوانب التعاون بين مصر في أفريقيا، حيث قدمت المساعدات الطبية ومواد الإغاثة والغذاء من قبل الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا التابع لوزارة الخارجية، والذي تأسس عام ١٩٨٠ وبلغت مساهماته ١.٥مليار جنيه وتوسعت أنشطته لتشمل العمليات التنموية من خلال إيفاد أكثر من ٤٠٠ خبير في ٤٥دولة وتقديم منح دراسية لأبناء القارة، وتتركز هذه المساعدات علي دول حوض النيل.
المصدر: وكالات