قال رئيس تحرير جريدة “السياسة” الكويتية العميد أحمد الجارالله، أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لن يرحل إلى النسيان، لأن من مثله يبقون في ذاكرة الشعوب، تدل عليهم إنجازاتهم.
وأضاف الجارالله – في افتتاحية الجريدة، اليوم الخميس، تحت عنوان (وداعا حسني مبارك) – “نعم الكويت حزينة، تماما كما هي مصر، على غياب الرجل جسدا، وهو الذي بقى الى آخر أيامه يسطر معاني الانتماء الوطني بتصميم كبير، حتى في أحلك الظروف حين خرجت رياح سموم (الإخوان) بمصر، ووجهت إليه الدعوات من دول عدة للمغادرة والإقامة في المنفى، إلا أنه أصر على البقاء والصمود قائلا: (هنا ولدت وهنا عشت وهنا أموت. ولن أغادر مصر)”.
وأشار إلى أن مبارك ترجم إيمانه بدولة المؤسسات، بدءا من القضاء وصولا إلى أصغر موظف، لأنه كان يدرك أن مصر ولادة، وما بناه طوال 30 عاما من الحكم، لم تقم أساساته على الكيدية، والمصالح الخاصة والانتهازية والنفعية، بل على التفاني في الخدمة العامة.
وأكد أن القضاء شاء أن يري مبارك ثمرات ما زرعه قبل رحيله، في العودة إلى حكم المؤسسات، بعدما أسقط المصريون حكم “مكتب الأوغاد”، وتسلم القيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، نزولا عند رغبة الملايين التي منحته الثقة، أو في استردادها نعمة الأمن، بعدما دحر جيشها العظيم الارهاب.
وتابع الجارالله، أن مبارك واجه الدعاوى التي رفعت ضده ونجليه بصلابة، دون أن يستفيد من أي امتياز، نظرا لإدراكه جيدا، أنه لا سياج لمصر، إلا بحكم المؤسسات والقضاء العادل النزيه، وأن لا قوة للعرب إلا بتضامنهم، أما مشروعات الانقسام والمغامرات، فهي مقتلهم، لذلك حين وقف في وجه نظام صدام حسين، رافضا أي مساومة على الكويت، مهما كانت المبررات والإغراءات، يومها جعل مصر بعظمتها، خندقا أول في الدفاع عن أعدل قضايا القرن العشرين، مشيرا إلى أن القدر شاء أن يطوي صفحة العمر في ذكرى العيد الوطني للكويت، التي مرت حزينة على شعبها بسبب رحيله.
وأردف “الحزن الكويتي كبير جدا على من وقف إلى جانب هذا الشعب، مدافعا عنه تماما كما دافع عن الأمنين القوميين المصري والعربي، فالرجل لم يوظف القضية الفلسطينية في متاهة المصالح الخاصة، ولم يرفع الشعارات، بل سعى إلى أن تكون فلسطين لأهلها إذا أحسنت قيادتهم إدارة أمورها بالطريقة الصحيحة، للأسف قلة الذين أدركوا تلاعب جماعة “الإخوان” بهذه القضية، كي تحقق المخطط الصهيوني المدعوم من إدارة اوباما، وجميعنا نذكر الرسالة التي أرسلها محمد مرسي إلى قادة إسرائيل، والتنازلات الكثيرة التي قدمها لهم، سعيا من أجل ضمان البقاء في الحكم بغطاء أوبامي، غير أن الطوفان الشعبي المصري جرفه، ومعه “الإخوان” أيضا.
واختتم رئيس تحرير الجريدة قائلا “طوال السنوات العشر الماضية، تعرض الرئيس الراحل لشتى صنوف الإذلال من جماعة (إخوان الشياطين)، الذين مارسوا كل أنواع القمع والتنكيل به وبعائلته، لكن كان الحق في جانبه، فكلما كان القضاء يصدر حكم براءة في قضية كيدية، ابتدعوا له أخرى، كي يبقى سجين عدوانيتهم، وها هو يرحل بعد أيام قليلة من براءة نجليه علاء وجمال من دعوى قضائية، ليذهب إلى بارئه بكتاب أبيض ليس فيه أي دنس .. رحم الله الرئيس حسني مبارك الذي لن ينساه الشعب المصري العظيم، ولا الشعوب العربية، ولا الشعب الكويتي، وتعازينا إلى أسرته الكريمة، ومصر قيادة وشعبا”.
المصدر:وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)