أكد ميشيل بوك، السفير الألماني بالقاهرة، أنه يتعين علي الحكومة المصرية أن تتعاون مع السلطات الأمنية في الدول الأخري، وأن تطلعها علي ما لديها من معلومات حول اعتبار جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا حتي يتسني لهذه الدول أن تتخذ نفس الموقف منها.
وقال – في مؤتمر صحفي عقده في السفارة – “لست عضوًا في جهاز استخباراتي أو أمني، لكننا كنا نسمع في الماضي أن الإخوان جماعة لا تتخذ من الإرهاب والعنف وسيلة لها لتحقيق أهدافها السياسية ، لكنها باتت توصف اليوم بهذا الوصف كتنظيم إرهابي”.
وتابع أنه “إذا كانت لدي الحكومة معلومات بهذا الخصوص وأدلة تثبت أن الإخوان جماعة تمارس العنف وأنها جماعة إرهابية فعليها أن تشرك أجهزة دول أخري معها حتي تصل الي نفس هذه النتيجة والحكم في التعامل مع الجماعة ، وقال إن معالجة مثل هذه القضايا لا ينبغي أن تتم عبر وسائل الإعلام.
جاء ذلك ردا علي أسئلة حول إصرار الغرب بما فيه ألمانيا علي الحوار وإشراك الإخوان بالعملية السياسية برغم انتهاجهم للعنف منذ سقوط حكم مرسي في 30 يونيو الماضي، وكذا الضبابية في الموقف الغربي في التعامل مع الأحداث التي تشهدها مصر.
وأضاف بوك ، أننا لا نقصد من المشاركة بالعملية السياسية الدعوة إلي عودة الإخوان إلي سدة الحكم أو إشراكهم به أو تولي مناصب معينة وإنما قصدنا هو إرادة الذين دعموهم وكان لديهم ثقة بهم أو علقوا آمالًا معينة عليهم، وأن هؤلاء لم يعد لديهم أمل في مستقبل أفضل.
وتابع قائلاً إنه علي الحكومة الاهتمام بهم وأن تعطيهم الأمل وأن تعمل علي تحسين أوضاعهم وهذا ما نقصده من دعوتنا للمشاركة والحوار.
ووجه السفير الألماني انتقادات حادة إلي بعض وسائل الإعلام المصرية واتهمها بأنها كانت وراء التحريض ضد الغرب بما فيه بلاده وتهييج الرأي العام ، في الوقت الذي تجاهلت نشر تصريحات ألمانية أدانت جريمة الاعتداء علي مديرية أمن القاهرة، وساق علي ذلك مثلا بما حدث خلال تغطية أجهزة إعلام ألمانية للحادث، حيث تعرضت للاعتداء علي العاملين بها من جانب مواطنين مصريين ومحاولة الفتك بهم لولا حماية الأمن لهم.
وتعرض السفير بوك لبيان الاتحاد الأوروبي الصادر الأربعاء، بشأن الأوضاع في مصر والذي اعترضت عليه وزارة الخارجية واعتبرته وصاية مرفوضة.
وقال إن هذا البيان حاول أن يعطي تحليلًا شاملاً لجميع الجوانب في مصر، لافتًا إلي أن هناك اختلافًا في رؤية دول الاتحاد لما يجري في مصر ، وفقا لما عبر عنه المتحدث الرسمي ذاته واعتبر أن به نقاط متوازنة.
وأكد بوك ، عندما نتناول شئ نتناوله في إطار الحرية التي نتمتع به لاسيما إذا كانت تتعلق بحقوق الإنسان، منوها إلي أن حقوق الإنسان لم تعد شئ داخلي يتعلق بالشئون الداخلية للدول.
وحول الوضع في مصر – خلال الفترة الماضية – قال بوك حدث كثير من الأمور الطيبة وأخري سيئة؛ لافتًا إلي أن الأشياء الطيبة تتمثل في أن القيادة المصرية أوفت بوعودها فيما يتعلق بخارطة الطريق من خلال انتهاء أعمال الدستور والاستتعداد للانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية وهي خطوات رأي أنها بالغة الأهمية لعودة الاستقرار في مصر.
وأوضح أنه من الأشياء السيئة التي حدثت مؤخرا ارتفاع وتيرة الإرهاب في مصر بشدة واستهداف أفراد الشرطة وهذا غير مقبول بالمرة أيا كان دوافعه السياسية ، لافتا إلي أن اجتماع المجلس الوزاري الأخير للاتحاد الأوروبي أدان بشدة الارهاب الجاري في مصر ، لافتا إلي أن مكافحة الإرهاب واجب إنساني لأن الارهاب يهدد كيان الدولة والمجتمع والمهم أن تكون عملية المكافحة ناجحة.
وأوضح أنه سيكون هناك رد قريب علي زيارة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إلي برلين وسوف يقوم نظيره الألماني بزيارة القاهرة في وقت ليس ببعيد ، لافتًا الي أن التعاون التنموي بين البلدين يسير بشكل طيب.
وحول ما يتردد بشأن انتظار الحكومة الألمانية للانتخابات الرئاسية في مصر حتي تنشط التعاون الاقتصادي مع القاهرة، قال بوك: لا ننتظر أي انتخابات حتي تقوم بتنشيط العلاقات الاقتصادية رغم أن الحكومة المصرية انتظرت بصورة زائدة عن الحد؛ لافتا إلي أن ألمانيا من مصلحتها استقرار مصر، موضحًا أن قدوم الاستثمارات الألمانية الخاصة تتم من جانب أصحاب رؤوس الأموال وهم الذين يقررون ذلك بأنفسهم.
وأضاف “نحن يمكننا مساعدتهم معتبرا أن تحقيق الأمن ومكافحة الفساد وتبسيط الاجراءات تمثل عوامل لتشجيع المستثمرين علي القدوم الي مصر”.
وحول موقف ألمانيا من ترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة، قال السفير الألماني بالقاهرة “ليس لدينا أي مشكلة مع أي رئيس مصري يتم انتخابه بطريقة ديمقراطية”.
وحول مشاركة بلاده في مراقبة الانتخابات الرئاسية المقبلة ، أكد بوك أن مراقبة الانتخابات مصطلح شديد التعقيد وكان لدينا مجموعة من الخبراء تابعوا الانتخابات السابقة دول الاتحاد الاوروبي عازمة علي متابعة هذه العملية بدقة شديدة بعد دعوتها من قبل الحكومة المصرية.
وأوضح أن صعوبة الأوضاع في مصر ستستمر لفترة قادمة وهذا لابد أن يواجه بدعم دولي وليس دعم ألماني فقط؛ موضحًا أن تحقيق الاستقرار علي المدي القصير لابد أن يتحقق بالقضاء علي الإرهاب وعودة عجلة الإنتاج؛ أما الاستقرار علي المدي البعيد فهذا لن يتم إلا بإشراك كل الاطياف السياسية في العملية الديمقراطية ؛ موضحًا أن ألمانيا قلقه من عزوف عدد من الشباب عن العملية السياسة مؤخرا.
وحول دعوة الاتحاد الأوروبي مراراً لإشراك الإخوان في العملية السياسية، قال بوك، إنه عندما نتحدث عن ذلك لا نقصد عودة الإخوان إلي الحكم ولكن نقصد إشراك الناخبين الذين أيدوا الإخوان قبل عام وقادوهم إلي السلطة ، ونحن نري أن مهمة أي حكومة هي الاهتمام بهم.
وقال “أنا رجل دبلوماسي ولست عضوا في أي جهاز استخباراتي وهناك خبراء يقيمون هذا الأمر”.
وتابع”في الماضي كنا نسمع من الحكومة المصرية أن الإخوان ليست جماعة إرهابية لأنها لا تتخذ من العنف وسيلة لها لتحقيق أهدافها السياسية واليوم نسمع العكس .. ولذلك إذا كان لدي الحكومة المصرية أسباب لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية فإنها لابد أن تمد الأجهزة الأخري بها حتي تتضح الصورة لها .. وعموما نحن ندين الإرهاب بكل صوره”.
وحول تأثر موقف ألمانيا إزاء مصر بالموقف الأمريكي أو التركي ، أوضح أن الحكومة الألمانية مستقلة وتقيم الأمور بصورة بعيدة عن الضغوط ومواقف الدول الأخري.
وأضاف أن هناك أزمة حقيقية في مصر تتعلق باستهداف كل ما هو أجنبي والصحافة الأجنبية في مصر؛ لافتا إلي أنه بالرغم من ذلك هناك اتصالات مستمرة مع الحكومة المصرية لتنشيط السياحة الألمانية إلي مصر التي لا ترضي طموحاتنا حتي الآن وهذا يرجع إلي ما يلاقيه الأجانب في مصر.
وحول ما تردد بشأن طلب مصر معدات لوجيستية ألمانية لمراقبة الحدود في سيناء، قال بوك إن مصر لها حدود مع منطقة ليست لها كيان أو دولة معتبرة واعتقد أن مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة هي مهمة كبيرة أما فيما يتعلق بكيفية مساعدة مصر فيما يتعلق بمراقبة الحدود فالاتصالات بشأن هذا الأمر لا تتم عبر السفارة الألمانية في الوقت الحالي، لافتًا إلي أننا في ألمانيا علي تعاون وثيق مع الدول التي تساعد مصر في مكافحة الإرهاب.
وأوضح أن مسألة عقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب يواجه بكثير من المشاكل لاختلاف تعريفات الإرهاب فما هو إرهابي في مكان قد يكون أمرا كفاحيا أو جهاديا في مكان آخر، ولذلك سيثير الكثير من الجدل والخلاف ولفت إلي أن مكافحة الإرهاب تحتاج دقة شديدة ضاربا مثال بمنطقة شمال سيناء قائلا:”هذه المنطقة بها مواطنون مصريون ليسوا بإرهابيين وهو ما يجعل الجيش المصري في مهمة صعبة للغاية حتي ينجح في مكافحة الإرهاب دون استهداف الأبرياء فتزداد مشاعر الكراهية ضد الأجهزة الأمنية”.
وحول ما أثير عن دخول اثنين من الألمان هرم خوفو والهروب بقطع أثرية، أوضح بوك “ماعلمته أمس أن جهات التحقيق الألمانية فتحت تحقيقا موسعا واستطاعت النيابة العامة الألمانية أن تضبط العينات المهربة”.
وحول الأخبار التي أشارت إلي عقد اجتماع حضره ممثلون ألمان في تركيا بشأن الأوضاع في مصر، قال السفير الألماني بالقاهرة”هذه الأنباء عارية عن الصحة وليس لها أي سند من الواقع ومثل هذه الأنباء تغضبنا بشدة ليس فقط لأنها خاطئة ولكنها في منتهي الخطورة وتعبر عن نظريات المؤامرة التي يحب الكثير الاستماع إليها “.
وحول تأخر إنجاز صفقة الغواصتين الألمانيتين مع مصر ، قال بوك “إن مسائل التسليح لا يمكن أن نعلن عنها في وسائل الاعلام فهو شئ يتم في منتهي السرية وعندما تتخذ الحكومة الألمانية قرارا فإنها تتخذه بعد دراسة عميقة وتلتزم به في النهاية لكن حتي الآن ليس هناك جديد في هذا الشأن”.
وردًا علي سؤال حول تزايد تواجد التيار السلفي من أصول تركية وغيرها في ألمانيا، قال بوك”نحن لدينا حرية العقيدة مكفولة ومطلقة والدين الاسلامي ليس استثناء من هذا الأمر بكل طوائفه ومذاهبه ولكن تنتهي هذه الحرية عندما يظن هؤلاء أنه يمكن المساس بالاستقرار الألماني والوصول إلي غرض ما بالعنف وهنا تتحرك الدولة وتواجهه بكل حزم”.
المصدر : وكالات