اشتدت الضغوط الدولية على السعودية لوقف الحرب في اليمن مع استئناف المبعوث الدولي مساعيه لعقد جولة جديدة من مباحثات السلام قبل نهاية الشهر الجاري.
في مقري الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، واجهت المملكة العربية السعودية انتقادات حادة بسبب الحرب في اليمن؛ حيث تقف منظمات غربية كثيرة إلى جانب الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح في نقدهم للحرب، التي تقودها الرياض في اليمن، وتحميلها مسؤولية سقوط ضحايا مدنيين، واستهداف البنى التحتية المدنية.
في جنيف، وخلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان، دافعت السعودية ومعها الجانب الحكومي اليمني عن أدائها في اليمن، واستعرضت جهود الإغاثة، وعرضت ما يقوم به الحوثيون، وقوات صالح في تعز. لكنها قوبلت بانتقادات بشأن الغارات الجوية، التي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين، واستهدفت منشآت مدنية، بينها مستشفيات تديرها منظمة “أطباء بلا حدود”.
وخلال جلسة عقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني، طالب المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المجلس بـ”الضغط على أطراف الصراع اليمني، بغية حماية المدنيين، وتسهيل الوصول الإنساني المستدام، وغير المشروط إلى أرجاء البلاد كافة، واستئناف مباحثات السلام، والموافقة على وقف الأعمال العدائية”.
المبعوث الدولي، الذي سيتوجه خلال أيام إلى الرياض، في مسعى لاستئناف مباحثات السلام، اتهم، وللمرة الأولى، “أنصار الله” والرئيس السابق “بتعمد تأخير، ومنع، وصول المساعدات الإنسانية، حين رفضت وزارة الداخلية في صنعاء، (الخاضعة لسيطرتهم)، منح تصاريح انتقال لثلاث بعثات أممية بالتوجه من صنعاء إلى إب وتعز (وسط البلاد)”.
وذكر إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن ما يقلقه هو وضع ملايين اليمنيين، الذين يواجهون قصفاً “متصلباً” من قبل أطراف الصراع جميعها. وقال “إن الوضع الأمني في اليمن، في غياب نهاية تفاوضية للصراع، يشهد تدهوراً متسارعاً في الأرجاء كافة”.
ومع تزايد نفوذ وقوة العناصر الإرهابية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، أشار المبعوث الأممي إلى ما يقوم به “تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب”، وكذلك فرع تنظيم “داعش” في أبين وعدن والمجاميع المسلحة المحلية في عدن، من شن هجمات متكررة. وقال إن غياب القانون في المدينة لا يزال يحول دون نشر موظفي الأمم المتحدة هناك؛ كما أن القصف الكثيف في صنعاء ومأرب وتعز وصعدة يعوق المنظمة الدولية عن إيصال المساعدات إلى المحتاجين هناك.
أما وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة ستيفن أوبراين، فحذر من اتخاذ أي خطوات من شأنها إبطاء وتيرة تدفق المساعدات إلى اليمن، والتي تزداد مؤخرا عبر الموانئ. وأكد أوبراين أن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، والحوثيين، طرفي الصراع في اليمن، يقيدان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين؛ حيث يحتاج أكثر من 80% من السكان إلى المساعدة.
وشدد أوبراين في إحاطته أمام مجلس الأمن على ضرورة السماحباستمرار وصول الواردات إلى اليمن، واستمرار التجارة داخله؛ ودعا كل الأطراف إلى ضمانحماية البنية التحتية المدنية، بما يشمل موانئ الشحن والمعدات الخاصة بها.
مسؤول الشؤون الإنسانية قال إن أكثر من ألفي طفل قُتلوا أو أصيبوا في الحرب. وهي إفادة تؤكد ما قاله مراقبون تابعون للأمم المتحدة، يتابعون تنفيذ العقوبات، في تقرير في وقت سابق من هذا العام، إن التحالف، الذي تقوده السعودية، والحوثيين، استهدفا المدنيين، وإن بعض الهجمات يمكن أن تصنف كجرائم حرب.
وقد تزامنت هذه التطورات مع نشر وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) رسائل لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، أظهرت اهتمامه الكبير باليمن؛ حيث كتب في إحدى رسائله الموجهة إلى أول أمير قاعدي على جزيرة العرب، أبي بصير، إن «استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان؛ فاليمن بالنسبة للأعداء، كالذي هدّده الخطر داخل بيته. فهي في قلب الخليج أكبر مخزون نفطي في العالم.
وأوصى ابن لادن “القاعدة” بألا يزج بنفسه في الثورة ضد نظام حكم الرئيس السابق في ذلك الوقت، وقبل أن تتهيّأ الأوضاع، وكتب: “سنكون، كالذي يبني في مجرى سيل، فإذا سال – اجتاح ذلك البناء وأسقطه، ثم إذا ما أردنا بناء البيت مرة ثانية، نفر الناس وانفضوا عن مساعدتنا في البناء. فإني أرى أن تبقى اليمن هادئة، وإنا ندّخرها كجيش احتياطي للأمة”.