مع احتدام الاحتجاجات، التي تجري كل يوم سبت في العاصمة باريس ومختلف مدن فرنسا الأخرى، برزت وجوه عدة تقدمها وسائل الإعلام المحلية باعتبارها مؤهلة للحديث عن أصحاب “السترات الصفراء”، إلا أن تساؤلات دارت بشأن من الشخص الذي يقف وراء إطلاق شرارة الغضب؟
ففي البداية كان ناشطو “السترات الصفراء” في بداية الاحتجاجات ضد سياسة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يرفضون أن يتحدث هذا الشخص أو ذاك باسمهم، إلا أنهم أجمعوا على أن بريسيليا لودوسكي كان لها دورا بارزا في إطلاق هذه الحركة.
فهذه المرأة تدير محلا تجاريا صغير الحجم في قرية سافيني لوتومبل قرب باريس، وكانت من قبل موظفة صغيرة في أحد البنوك، وفقا لوسائل الإعلام الفرنسية.
وفي 29 مايو 2018، أطلقت بريسيليا لودوسكي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عريضة موجهة إلى السلطات الفرنسية تشرح فيها الأسباب، التي تثقل كاهل الأشخاص ذوي الدخول المحدودة أو أصحاب المؤسسات الصغرى وتخنقهم بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
وبسرعة كبيرة، لقي نص العريضة أصداء إيجابية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما بعد أن تجاوز، الذين يشاطرون لودوسكي كثيرا من الأفكار والمقترحات الواردة فيها مليون شخص.
وفي سياق العريضة التي قدمتها لودوسكي، أرفقت طلباتها بسلسة من المقترحات العملية، التي بإمكانها مساعدة الحكومة الفرنسية على إيجاد مقاربة إيجابية تأخذ في الحسبان الاعتبارات الاجتماعية وأوضاع ذوي الدخول المحدودة من جهة والاعتبارات البيئية التي تستدعي خفض الاعتماد على مصادر الطاقة الملوثة من جهة أخرى.
إلا أن هذه العريضة لم تجد من الحكومة الفرنسية آذانا صاغية، وباتت بمثابة شرارة الغضب التي ألهبت أصحاب “السترات الصفراء” ودفعتهم إلى الاحتجاجات والمواجهات في قلب باريس ومدن فرنسية أخرى.
من هم أصحاب “السترات الصفراء”؟
إن حركة “السترات الصفراء” تضم مجموعة غير متجانسة من المتظاهرين، الذين تختلف أعمارهم ووظائفهم والمناطق الجغرافية، التي ينتمون إليها.
وتضم الحركة شبابا عاطلين عن العمل ومتقاعدين من ذوي المعاشات المنخفضة وأشخاصا يحصلون على الحد الأدنى للأجور فقط، وهناك أيضا نشطاء ينتمون إلى اليمين المتطرف واليسار المتطرف انضموا إلى الحركة الاحتجاجية.
وأثارت إجراءات الحكومة الفرنسية الرامية إلى زيادة أسعار الوقود وفرض ضريبة مباشرة على الديزل، فضلا عن ضريبة الكربون، استياء كبيرا في الأوساط الفرنسية، وخاصة في صفوف أولئك الذين يستخدمون سياراتهم بشكل يومي للذهاب إلى العمل بسبب بعدهم عن وسائل النقل العام.
في المقابل لم يقم الرئيس الفرنسي، بأي جهود لفرض ضريبة على الثروة، والتي طبقت فقط على الأشخاص، الذين يمتلكون أصولا صافية خاضعة للضريبة تزيد قيمتها على 1.3 مليون يورو.
وعلى هذا الأساس أصبح ينظر إلى إصلاحات ماكرون الاقتصادية على أنها تخدم الأثرياء دون الطبقة المتوسطة، التي تحولت مع طبقة فقيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الضرائب.
المصدر : وكالات