في أوقات كثيرة يكون الانسان أحد الأسباب لتدمير كوكب الأرض وغضب الطبيعة نتيجة التصرفات غير المسؤولة التي قد تصدر عنه؛ لكن على الجانب الآخر؛ نجد الإنسان قد يكون أحد الأسباب لإنقاذ كوكبنا من خلال أحدث ما توصل إليه العقل البشري في عصرنا هذا الا وهو الذكاء الاصطناعي “Ai” الذي أصبح لغة العصر؛ وهو يستهدف إعطاء الأنظمة والأجهزة القدرة على أداء مهام معقدة تعتبر سابقة للبشر، ويمكننا أن نعتبرها أنظمة تكنولوجية تمتلك عقلاً اصطناعياً، حيث تسعى إلى محاكاة العمليات العقلية البشرية، مثل الاستنتاج والتعلم واتخاذ القرارات، مما يتيح لنا إستخدام الأنظمة الحاسوبية لفهم وتفسير البيانات والمعلومات بطرق متقدمة جداً.
وفي المقابل؛ هو ليس أداة سحرية ولكنها عامل مساعد ومؤثر في مواجهة الكثير من التحديات خاصة فى مواجهة خطورة التغير المناخى فنتاجات الذكاء الاصطناعى تساعد على تطوير حلول ذكية صديقة للبيئة وتجنب الطرق التقليدية في إنتاج الطاقة التي لها أثر كبير في التغيرات المناخية؛ والتي بدورها تؤثر سلبا في البيئة.
وبالتالي يضع بين يدي صناع القرار المعلومات اللازمة لاتخاذ الخطوات اللازمة لصنع واتباع سياسات تحد من التغيرات المناخية التي تؤثر سلبا على كافة نواحي الحياة ، بجانب استخدامه في العديد من المجالات الأخرى مثل التخلص من النفايات وإستخدامه فى أنظمة الإنتاج الحيواني لزيادة الإنتاجية، وإدارة الموارد المائية ومجالات أخرى كثيرة .
لكن كما يقال “تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن”؛ فبالرغم من كل الفوائد والنقلة النوعية التي يحدثها الذكاء الاصطناعي حاليا والتي ستزداد مستقبلا إلا إن هناك العديد من المخاوف والمخاطر الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي.
وفي التقرير التالي لوكالة أنباء الشرق الاوسط، نتناول أهم مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي والطفرة التي يمكن أن يحققها، وفي المقابل أهم المخاوف والمخاطر التي قد يحدثها ما لم يتم السيطرة عليه .
الذكاء الاصطناعي.. والتغيرات المناخية
يشكل التغير المناخي، أحد أهم التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية في القرن الحالي، إذ بات يثير تساؤلات عن مستقبل كوكب الأرض، ليظهر الذكاء الاصطناعى حلا واعدا يمكن أن يسهم بشكل كبير في مكافحة هذا التحدي.. فكيف يكون ذلك؟
في البداية، يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة إن توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال التغير المناخي يسهل من فهم الظواهر المناخية وتحليلها بشكل أسرع من الطرق التقليدية، كما يساعد في التنبؤ بالظواهر المناخية خلال السنوات القادمة ويمكن من خلال المعلومات المغذية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التعرف على الأسباب وبالتالي تجنبها، وأيضا يمكن التنبؤ بها لتفادي كل تلك الكوارث.
وأضاف شراقي أنه باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بوقوع الفيضانات قبل سبعة أيام من وقوعها، كما حدث مؤخرا في إعصار ملتون بأمريكا وما قام به الذكاء الاصطناعى بدور هام في التنبؤ بالإعصار، وبالتالى إخلاء المناطق المتضررة من السكان فى الوقت المناسب.
وأشار شراقي إلى النشاط الشمسي ورصد ما يحدث باستخدام التليسكوب والأجهزة الدقيقة وتحليل البيانات الهائلة بإستخدام الذكاء الاصطناعى ومتابعة حركة الكواكب والنجوم ورصد النيازك ومدى تأثر الأرض وعمل نماذج رياضية لحماية الكوكب باستخدام الذكاء الاصطناعى والرصد الدائم لحركة الكرة الأرضية حول محورها وتأثره بالأنشطة الزلزالية وتحليل الملوثات البيئية ومعالجة البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعى للحد منها.
وأكد شراقي على دور الذكاء الاصطناعي كذلك في مجال الطاقة المتجددة كرفيق ومنقذ للبشر حيث أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة المتجددة يسهم في الحصول على مؤشرات وتنبؤات مستقبلية تساعد في إنتاج طاقة الرياح التي تعتمد على تحليل بيانات ومعلومات الطقس، وإنتاج الطاقة الشمسية والتنبؤ بحجم الإنتاج بدقة كبيرة، كما ينتج عن توظيف تلك الخوارزميات التقليل من انبعاثات الكربون، مما يضمن استخدام الطاقة النظيفة إلى أقصى إمكاناتها، وبجانب ذلك تستخدم لتحسين كفاءة الاستخدام البيئي للموارد، عبر تشغيل وتطوير أنظمة وبنى تحتية ذكية تحد من هدر الطاقة.
وطبقا لأحدث الدراسات من المتوقع أن تتجاوز قيمة سوق الذكاء الاصطناعي للطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم 75.82 مليار دولار بحلول عام 2030.
وأوضح شراقي أن الذكاء الاصطناعى هو تكنولوجيا حديثة تعطى أفضل التوصيات والنتائج على كم البيانات التى قام إنسان بتزويدها له، فإذا كانت البيانات صحيحة ستكون التوصية صحيحة، ولكن ماذا لو كانت البيانات خاطئة؟ لذلك هناك بعض المجالات أو المشروعات يجب ألا يكون القرار النهائى للذكاء الاصطناعي؛ فيجب تقييمها بشريًا لتطبيقها.
الروبوتات والذكاء الاصطناعي في إدارة المخلفات
“إمكانات الذكاء الاصطناعي في إدارة النفايات واسعة النطاق”؛ هذا ما يؤكده المهندس محمد حسين مدير عام المخلفات بجهاز تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة، مشيرا إلى أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة المخلفات الصلبة؛ يعد خطوة حتمية نحو تحسين الكفاءة والحفاظ على البيئة من خلال استغلال التكتولوجيا الحديثة حتى يمكن تعزيز الاستدامة وتحقيق مستويات أعلى من الرضا للمواطنين خاصة وأن المستقبل يحمل آفاقا واعدة لمزيد من الابتكارات فى هذا المجال.
وقال المهندس محمد حسين إنه من ضمن أدوات الذكاء الاصطناعى فى إدارة المخلفات أنظمة التحليل الذكي؛ حيث تستخدم أنظمة التحليل الذكي لتحديد أنواع المخلفات وكمية الانتاج مما يساعد فى تحسين برامج الفرز والتدوير وتعمل هذه الأنظمة على جمع البيانات وتحليلها مما يسهل اتخاذ القرارات، وعلاوة على ذلك، يتم تنفيذ الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة معالجة النفايات، وخاصة في مهام الفرز.
وأضاف مدير عام المخلفات أن تقنيات التعلم الآلي تساعد في تحسين استراتيجيات إدارة المخلفات بناء على الأنماط التاريخية من خلال التعلم من البيانات السابقة؛ وبالتالي يمكن لهذه الانظمة توقع الكميات المتوقعة من المخلفات وتعزيز الاستجابة، منوها بأن الذكاءالاصطناعى يؤدى الى تقليل تكاليف جمع ومعالجة المخلفات من خلال تحسين العمليات وتقنيات الفرز ويتم تقليل الحاجة الى العمالة مما يوفر موارد مالية.
وأشار المهندس محمد حسين إلى أن الذكاء الاصطناعي؛ يمكن أن يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين من خلال تتبع المخلفات وتحليل البيانات ويمكن تنفيذ استراتيجيات أكثر كفاءة فى ادارة النفايات، كما يساعد في تحسين ممارسات الاستدامة من خلال التنبؤ بكميات المخالفات وتقليل الفاقد وتعتمد المدن الذكية على هذه التكتولوجيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ ويمكن أن يؤدي – كذلك – إلى تقليل الفاقد من المخلفات من خلال تحسين عمليات اعادة التدوير ويتوقع أن تكون هناك زيادة بنسبة 30% فى معدلات إعادة التدوير فى المدن الذكية.
وأوضح المهندس محمد حسين أنه ينبغي تعزيز الاستثمار فى تقنيات الذكاء الاصطناعى لتطوير ادارة المخلفات؛ وبالتالي تحسين العمليات وتقليل التكاليف على المدى البعيد، كما يجب توفير دورات تدريبية متخصصة للموظفين لتحسين مهاراتهم فى التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعى و تعزيز التعاون وتشجيعه بين القطاعات العامة والخاصة لتبادل المعرفة والتقنيات حول ادارة المخلفات ويجب كذلك على المؤسسات الاستثمار فى البحث والتطوير لتعزيز الابتكارات فى استخدام الذكاء الاصطناعى.
وذكر حسين أنه من بين التحديات التى تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعى التكاليف الاولية حيث تتطلب انظمة الذكاء الاصطناعى استثمارا اوليا كبيرا ، وهناك نقص فى الخبرة الفنية فى مجال الذكاء الاصطناعى فى العديد من المنظمات وتحتاج الكوادر الى تدريب متخصص لتسهيل الاستخدام الفعال لهذه الأدوات.
ونوه حسين إلى أن هناك العديد من الأمثلة الناجحة على استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المخلفات مثلا في إحدى المدن الكبرى تم استخدام الروبوتات الذكية لفرز البلاستيك من نفايات المعامل؛ مما أدى إلى تحسين معدلات اعادة التدوير بنسبة 40%، أيضا تستخدم بعض المدن أنظمة الرصد الذكي لمراقبة مستويات المخلفات فى الحاويات مما يحسن جداول الجمع ويقلل من الفوضى.
الذكاء الاصطناعي والإنتاج الحيواني
يقول الدكتور صابر جمعة عبده أستاذ تغذية الحيوان رئيس قسم الإنتاج الحيواني السابق بكلية الزراعة جامعة الأزهر بأسيوط، إن استخدام الحلول التكنولوجية في أنظمة الإنتاج الحيواني تساعد في زيادة الإنتاجية، وأحد هذه الحلول هو الذكاء الاصطناعي .. مشيرا الى إن الذكاء الاصطناعي هو محاكاة للذكاء البشري في الآلات المبرمجة للتفكير والتصرف مثل البشر، ومع تزايد الاهتمام العام بتربية الحيوانات والدواجن ورفاهيتها يتم تطوير حلول لتحسين السيطرة والمراقبة.
وأضاف أن التقنيات الحديثة تساعد العمال في إدارة العمليات عن بعد والتربية الذكية للدواجن ومراقبة الييانات؛ حيث إن إدارة صحة الدواجن ورفاهيتها بكفاءة أمر بالغ الأهمية للوقاية من الأمراض المعدية، خاصة وأن منتجي الدواجن يواجهون العديد من التحديات، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص العمالة الماهرة الكافية والوفيات بسبب الأمراض المعدية وارتفاع تكاليف المضادات الحيوية وإدارة الموارد مثل استخدام المياه والأعلاف والكهرباء.
وتابع صابر “أنه مع تزايد الاهتمام العام بتربية الدواجن والمواشى ورفاهيتها، يتم تطوير حلول لتحسين السيطرة والمراقبة في هذا المجال من خلال استخدام تقنيات مختلفة لجمع البيانات واكتشاف الأمراض في المراحل المبكرة، وتمكين اتخاذ الإجراءات بسرعة كافية لتجنب التأثيرات السلبية على الحيوانات أو الطيور”، لافتا إلى أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في المزارع للتنبؤ بالأمراض ومراقبة الوزن حيث يتم استخدام الكاميرات والتحليلات البيومترية لمراقبة سلوك الحيوانات وتحديد أي علامات على المرض وتقليب الفرشة وجمع البيض وعمليات الذبح والتنظيف والتعليب وإجراء اللقاحات البيطرية، وضبط درجات الحرارة والرطوبة والتهوية لتحسين راحة الحيوانات وذلك بهدف زيادة الإنتاج الحيواني.
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي
أكدت الدكتورة سالي محمد فريد أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد- كلية الدراسات الإفريقية العليا – جامعة القاهرة، أن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم لغة لابد أن يتحدثها الجميع، لذا تم وضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لتشمل إقامة كليات للحاسبات والذكاء الاصطناعي في عدد من المحافظات بما يغطى كافة أنحاء الجمهورية بالإضافة إلى إتاحة التدريب والتعليم، وجمع قدر هائل من البيانات لتدشين تطبيقات تهدف إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات.
وقالت الدكتورة سالى إن الذكاء الاصطناعي يعد أيقونة أحدثت نقلة حقيقية، وطفرة علمية في العديد من الدول المتقدمة، ولعل هذا ما دفع مصر إلى اعتماده في إطار الانطلاق نحو مستقبل أفضل، بالتطوير واستغلال التكنولوجيا لتقديم أفضل خدمة لصالح النهوض بالدولة والمجتمع معا، مشيرة إلى أنه مع التوقعات بنمو نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مصر بمعدل 25.5% سنويا من الآن وحتى عام 2030، ومع تطبيق الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي خلال ثلاث إلى خمس سنوات، فإن تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي من ضمن أولويات الحكومة.
ولفتت سالى إلى أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر ترتكز على 3 محاور أساسية، التعليم والتدريب ثم الاستفادة العملية من حجم البيانات الكثيفة الموجودة في مصر وإتاحة تلك البيانات للقطاع الخاص كل في موقعه للاستفادة منها وفقا أهميتها لكل قطاع منفصل، منوهة بأن الاستراتيجية تتضمن خططا لجعل مصر رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تطوير منظومة متكاملة توظف الذكاء الاصطناعي في المجالات الحيوية للدولة.
وأوضحت أنه بحسب التقرير الصادر عن مؤسسة” Oxford Insights” ومركز أبحاث التنمية الدولية الذي شمل نحو 172 دولة، جاءت مصر في المرتبة الثانية أفريقيَا بعد موريشيوس وجنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة، فقد ظهرت موريشيوس كأول دولة ممثلة للقارة الأفريقية في الترتيب إذ جاءت في المركز 45 عالميا ب 53.9 نقطة، تلتها مصر في المركز 56 بـ49.2 نقطة، تلتها جنوب أفريقيا في المركز 59 بـ48.3 نقطة، وتذيلت اليمن الترتيب حيث احتلت المركز 172 على المؤشر بـ19.1 نقطة.
وأضافت سالي أن الابتكارات الرقمية هى تحولات في جميع قطاعات الاقتصاد تقريباً عن طريق إدخال نماذج عمل جديدة، ومنتجات وخدمات وطرق جديدة لخلق القيمة وفرص العمل وقد بدأت نتائج هذا التحول في الظهور حيث تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وأشارت إلى أنه وفقًا لتقرير مؤشّر المعرفة العالمي الصادر من برنامج الأمم الـمتحدة الإنمائي (UNDP)، والذي يدرج مُؤشرات أخرى مُتعدّدة مثل التعليم والابتكار والبيئة، فقد تقدّمت مصر من الـمركز 72 من بين 138 دولة عام 2020 إلى الـمركز 53 من بين 154 دولة عام 2021 ، ووفقا كذلك لتقرير التنمية البشرية لمصر 2021، كشف عن تقدّم مصر 47 مركزًا في مؤشر شفافية الموازنة، من المركز 110 عام 2018، إلى المركز 63 عام 2019، وكذا تقدمها 55 مركزًا في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي”، والذي يَقيس مدى استعداد الحكومة لاستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة لمواطنيها.
وقالت إن دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي يبرز كعامل محفز لحل مشاكل البيئة والتحول إلى بيئة نظيفة (Green) ، وكذلك يتم إستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية..مشيرة الى انه في إطار الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تتعاون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة من أجل تنفيذ مشروعات في البحوث التطبيقية باستخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات الدولة المختلفة مع نقل المعرفة إلى الشباب المصري؛ أي أنه يتم التعاون مع كبرى المؤسسات التعليمية والجامعات الدولية المرموقة من أجل إعداد كوادر رقمية متخصصة في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.
وتابعت: “من هنا تعمل الإستراتيجية على تعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل قد يصل إلى 100% بالإضافة إلى الارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئة عمل مبتكرة وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، فضلا عن استثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة فعلى سبيل المثال تستهدف الإستراتيجية في قطاع النقل تقليل الحوادث والتكاليف التشغيلية، وفى قطاع الصحة تقليل نسبة الأمراض المزمنة والخطيرة، وفى قطاع الفضاء إجراء التجارب الدقيقة وتقليل نسب الأخطاء المكلفة بالإضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة عبر إدارة المرافق والاستهلاك الذكي، أما قطاع المياه فتستهدف إجراء التحليل والدراسات الدقيقة لتوفير الموارد بالإضافة إلى قطاع التكنولوجيا لرفع نسبة الإنتاج والمساعدة في الصرف العام، وقطاع التعليم من خلال التقليل من التكاليف وزيادة الرغبة في التعلم، وبالنسبة لقطاع البيئة تستهدف زيادة نسبة التشجير وزراعة النباتات المناسبة وتطوير المرور من خلال آليات وقائية كالتنبؤ بالحوادث والازدحام المروري، ووضع سياسات مرورية أكثر فاعلية وذلك في إطار رؤية مصر 2030 التي تسعى إلى جعل الاقتصاد المصري اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، وقادر على تحقيق نمو احتوائي مستدام، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة.
ولفتت “سالي” إلى أنه من المناسب أن يكون هناك وزارة متخصصة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لتتولى مسئولية هذا الملف وتكون مسئولة عن التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة، وتكون هذه الوزارة مسئولة عن تنفيذ المشروعات القومية للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، حتى تتوحد الجهود الرامية للإسراع في تنفيذ المشروعات والخطط التي تسعى الدولة للإسراع في تنفيذها، واللحاق بركب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، وأخيراً ضرورة رفع كفاءة أداء الشركة المصرية للاتصالات وتمكينها من إنشاء بنية تحتية رقمية تلبى احتياجات الدولة والمجتمع في التحول الرقمي والمشروعات القومية الكبرى مثل مشروع تطوير التعليم قبل الجامعي، إضافة إلى أهمية الإسراع في التشريعات التي تكون بمثابة الأطر المطلوبة لمرحلة التحول الرقمي.
مخاوف ومخاطر الذكاء الاصطناعي
يزداد الذكاء الاصطناعي تعقيدًا وانتشارًا، وتزداد الأصوات التي تحذر من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، ومؤخرا ، أصدر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أول قاعدة بيانات عالمية حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، والتي سلطت الضوء بشكل مكثف على 700 خطر مرتبط بالذكاء الاصطناعي، بدءا من الأعطال الفنية ومرورا بنقاط ضعف الأمن وانتهاء بالمخاوف الأخلاقية والتأثيرات الاجتماعية.
ويؤكد الدكتور صابر جمعة عبده أستاذ تغذية الحيوان رئيس قسم الإنتاج الحيواني السابق بكلية الزراعة، أن من أبرز المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هو فقدان الوظائف خاصة في الوظائف الروتينية.
وقد لا يتمتع الجميع بالمهارات اللازمة للتكيف مع الوظائف الجديدة التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي ما يعني فقدان ملايين الوظائف وانتشار البطالة وارتفاع معدلاتها حتى في الدول المتقدمة ،إضافة إلى المخاطر الأخلاقية المتعلقة بفقدان الخصوصية أو باستخدام تقنياتها في مجالات مثل الحرب أو الطب أو الهندسة الوراثية، بجانب مخاطر نفسية من أن تُؤدي أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الشعور بالوحدة أو العزلة لدى البشر، أو إلى الإدمان أو اضطرابات نفسية أخرى.
أما الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، فيرى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تصبح قوية للغاية يصعب التحكم بها، مما قد يُشكل خطرًا على البشرية، وقد تُصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي ذاتية التشغيل، مما يجعل من الصعب التنبؤ بسلوكها أو التحكم بها.
أفكار الشباب
أوصى الشباب العربي المشارك بالمنتدى العربي الثالث عشر الذي نظمه الاتحاد العربى للشباب والبيئة مؤخرا برئاسة الدكتور ممدوح رشوان أمين عام الإتحاد تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي ودوره في التنمية المستدامة”بضرورة التحول الرقمي وتفعيل الاستراتيجية المصرية في تطوير الذكاء الاصطناعي وتطوير الاقتصاد من خلال مشاريع مبتكرة تعتمد على التحول الرقمي وتحسين الانتاجية وتقليل الفجوة التعليمية في المناطق الريفية والحد من الكوارث الطبيعية من خلال التنبؤ بالكوارث وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات التكنولوجيا.
كما أوصى الشباب العربي – وفي مقدمتهم الطالب أحمد عماد الدين جامعة MSA و الطالب مصطفى شعبان حفنى الجزار جامعة المنوفية الأهلية – بأهمية التركيز على تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات البيئة والتنمية المستدامة بما يتوافق مع التحول الرقمي والثورة التي تحدث في عالم التكنولوجيا ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17 ، خاصة في توفير الأمن الغذائي والمائي والتصدي لمخاطر تغير المناخ والإدارة الأمثل للمخلفات ونظم اعادة التدوير وتفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي من اجل التنمية المستدامة وتعزيز التعاون بين المؤسسات البيئية والجامعات العربية لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي و توفير برامج تدريبية وتأهيلية للشباب وتشجيع إقامة ورش عمل ومنتديات عربية سنوية لتبادل الخبرات في مجال الذكاء الاصطناعي والعمل علي التنمية المستدامة.
وفي النهاية، تكشف كل هذه المعطيات أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية متقدمة، وإنما أداة يمكن أن تنقذ الكوكب من العديد من المخاطر، إلا أن ذلك ما هو إلا معزز للعنصر البشري الذي تقع على عاتقه مسؤولية تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليه.
أ ش أ