ظهرت نتائج فرز 97% من الأصوات في الاستفتاء العام الذي أجري في الدنمارك أمس الأربعاء أنّ غالبية ساحقة من الناخبين، بلغت نسبتها 67%، صوّتت لصالح انضمام البلاد إلى السياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي في ظلّ المخاوف الأمنية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت رئيسة الوزراء الوزراء ميتي فريدريكسن إنّه “هذا المساء، بعثت الدنمارك برسالة قوية إلى حلفائنا في أوروبا وفي حلف شمال الأطلسي وإلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين نحن نبيّن أنّه عندما يغزو بوتين بلداً حرّاً ويهدد استقرار أوروبا فإننا نحن الباقين نتجمّع سوياً”.
ورحب كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لايين بنتيجة الاستفتاء في الدنمارك.
وكان من المرجح فوز مؤيدي الانضمام في الاستفتاء الذي دعي اإليه 4,3 ملايين ناخب، فيما أظهرت نتائج آخر استطلاع للرأي الأحد أن أكثر من 65% منهم مع انضمام بلادهم إلى هذه السياسة.
وفي بلدية كوبنهاجن، توافد الناخبون منذ ساعات الصباح الأولى للإدلاء بأصواتهم. ويقول مادس آدم (24 عامًا) الطالب في العلوم السياسية: “التاريخ يتغيّر وهذا يؤثر فينا هنا في الدنمارك، ويجب أن نردّ على ذلك طبعًا”.
وتقول مولي ستينسجارد وهي كاتبة سيناريو تبلغ من العمر 55 عامًا: “اعتقد أن هذا النوع من التصويت أصبح أكثر أهمية اليوم. في زمن الحرب، من المهم طبعًا أن نحدّد ما إذا كنّا نريد الانضمام إلى هذا النوع من التجمّعات أم لا”.
لكن الحذر لا يزال قائما بسبب توقع نسبة امتناع عن التصويت عالية في بلد اعتاد على قول: “لا” في الاستفتاءات بشأن أوروبا، وكان آخرها في 2015. وقالت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن خلال آخر مناظرة تلفزيونية للحملة، مساء الأحد: “يجب علينا التصويت دائما، حين يكون هناك اقتراع”.
وكانت الدنمارك الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي منذ 1973، سجلت أول تشكيك بالوحدة الأوروبية عبر رفضها عام 1992 معاهدة ماستريخت بغالبية 50,7% من الأصوات وهو أمر لم يكن قد حصل سابقا.
من أجل رفع هذه العقبة التي كانت تهدد دخول المعاهدة التأسيسية حيز التنفيذ في كل دول الاتحاد الأوروبي، حصلت كوبنهاغن على سلسلة من الاستثناءات أطلق عليها اسم “أوبت آوت” (خيارات رفض) بحسب المصطلحات الأوروبية. وعادت الدولة لتوافق على المعاهدة في استفتاء آخر نظم في العام التالي.
منذ ذلك الحين، بقيت الدنمارك خارج منطقة اليورو، وهو ما رفضته عبر استفتاء في 2000، لكن أيضا خارج السياسة الأوروبية المعنية بالشؤون الداخلية والعدل بعدما رفضتها في استفتاء عام 2015، وكذلك الدفاع.
بموجب هذا الاستثناء الأخير، لم تتمكن الدولة الاسكندنافية، العضو المؤسس لحلف شمال الأطلسي، من المشاركة في أي مهمة عسكرية للاتحاد الأوروبي.
الدنمارك هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لديها “خيارات رفض”، مع أن مالطا هي بحكم الواقع خارج التعاون الدفاعي. وقد لجأت إلى هذه الاستثناءات 235 مرة منذ 29 عاما بحسب إحصاء لمركز الأبحاث “يوروبا”.
بعد أسبوعين على غزو أوكرانيا، أعلنت رئيسة وزراء الدنمارك عن اتفاق مع غالبية الأحزاب في البرلمان، على عرض إنهاء هذه الاستثناءات على التصويت في استفتاء، وكذلك استثمارات عسكرية كبيرة لتجاوز عتبة 2% من إجمالي الناتج الداخلي التي يرغب بها حلف شمال الأطلسي (ناتو). ودعا 11 من الأحزاب الـ14 إلى التصويت ب”بنعم” وهو ما يشكل أكثر من ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان.
من جانب آخر، يقوم تشكيلان من اليمين المتطرف يشككان في الوحدة الأوروبية هما “حزب الشعب الدنماركي” و”المحافظون الجدد”، وكذلك تنظيم من اليسار الراديكالي من “لائحة الوحدة”، بحملة من أجل رفض الانضمام.
مع ترشيح السويد وفنلندا التاريخي للانضمام اإلى الحلف الأطلسي والاستفتاء الدنماركي، ستتمكن هذه الدول الثلاث أن تجمع قريبا بين سياسة الدفاع الأوروبية والمشاركة في حلف شمال الأطلسي.
المصدر : وكالات