لا ينكر أحد الدور الروسي في دعم النظام السوري، منذ اندلاع الثورة السورية، وتصاعد هذا الدعم بصورة مطردة، مع تقدم المعارضة السورية على الأرض، ونجاحها في دحر الأسد وهزيمته في أكثر من معركة، حتى باتت المعارضة تسيطر على قرابة 70% من التراب السوري، وباتت قوات الأسد تترنح وتتراجع، حتى انحصرت في منطقة الساحل، آخر معاقل الأسد.
أدركت روسيا أن أيام النظام الأسد باتت معدودة، وأن الدعم الذي تقدمه للنظام عبر التسليح ودعم ترسانته العسكرية غير كاف، بسبب الهزائم المتوالية التي مني بها.
هنا قررت موسكو التدخل مباشرة في الصراع السوري، حيث رصدت الأقمار الصناعية تشكيلات عسكرية روسية في منطقة اللاذقية، فيما يبدو بأنها قاعدة عسكرية، قامت روسيا ببنائها، تحوي خياما تتسع لأكثر من ألف عائلة من عائلات القوات الروسية، مما يعني أن تعداد الحشود العسكرية الروسية، التي وصلت سوريا للاستقرار في هذه المخيمات، يتجاوز العشرة آلاف.
كما أكد فلاديمير بوتين في أكثر من تصريح، أنه لا يقبل الإطاحة بالأسد، وأنه يجب أن يكون جزءا من الحل السياسي في سوريا، هذه التصريحات التي تحمل ضمنيا اعترافا بهزيمة الأسد، وأنه لولا الدعم الروسي لسقط الأسد منذ أمد بعيد.
جاء التدخل الروسي في سوريا، ضمن صراع النفوذ في الشرق، ومحاولة من روسيا للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، خاصة مع تنامي الدور الإيراني في بلاد الشام، خاصة أن المليشيات الإيرانية تقاتل نيابة عن الأسد، بل وتتفاوض مباشرة مع المعارضة، مما يعني أن النظام السوري بات في مرحلة الاحتضار.
أدركت روسيا ذلك، وسارعت لحجز مقعد لها في بلاد الشام، بعد زوال النظام السوري، للمساومة بعد ذلك على مستقبل سوريا.
وسرعان ما انهالت التعليقات والتحليلات، حول التدخل الروسي في سوريا، وأن هناك مطامع من موسكو في منطقة الشرق الأوسط، انطلاقا من الأراضي السورية، الأمر الذي دفع بوتين للخروج على وسائل الإعلام بتصريحات، أهمها أن روسيا ليس لديها خطط لنشر قوات مقاتلة في سوريا.
وفي مقابلة مع شبكات تلفزيون أمريكية، سُجلت قبل اجتماع مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال بوتين إن الهدف من الوجود العسكري الروسي في سوريا، هو دعم حكومة الرئيس بشار الأسد، ضد من وصفهم بالجماعات المتطرفة.
وقال بوتين في مقابلة مع شبكتي “سي بي إس” و “بي بي إس” التلفزيونيتين الأمريكيتين، إن “روسيا لن تشارك في أي عمليات ميدانية على أراضي سوريا، أو في دول أخرى.. على الأقل لا نخطط لذلك الآن”.
تصريحات بوتين حاول خلالها حفظ ماء وجهه، وإبعاد شبهة القتال نيابة عن الأسد في سوريا، ولكن الأحداث على الأرض تكذب بوتين، خاصة أن ترسانة الأسد العسكرية، كلها ممولة من الجيش الروسي، والطائرات الروسية هي التي تقوم بقصف الأحياء والمدن، وتسببت في قتل الآلاف من المدنيين، وحولت سوريا إلى دمار.
كما أن الخبراء الروسيين، يتولون تدريب القوات السورية وتوجيهها، فضلا عن انتشار السفن والبوارج الحربية الروسية في ميناء طرطوس، والذي يعتبر القاعدة العسكرية الوحيدة لروسيا في منطقة الشرق الأوسط.
خلاصة القول: الدور الروسي والإيراني في سوريا، يدخل ضمن صراع النفوذ وبسط الهيمنة، واستغلال حالة الوهن والضعف التي وصل إليها النظام السوري، ولكن صمود المقاومة واستبسالها ودعمها، هو السبيل لإجهاض خطط ومؤامرات الروس والفرس في بلاد الشام المباركة.