قالت صحيفة الخليج الإماراتية اليوم إن حدثان متزامنان يؤكدان مدى تأييد الولايات المتحدة لدويلة الاحتلال، ومدى وقوفها ضد الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة، ويفضحان كل ادعاءاتها بشأن حقوق الإنسان والعدالة والديمقراطية. دولة لا تمتثل إلى القانون الدولي والشرعية الدولية طالما تنظر إلى «إسرائيل» على أنها كيان فوق القانون، ولا تخضع لأية محاسبة أو مساءلة، وطالما هي توفر لها كل مستلزمات الممارسات العنصرية ووسائل العدوان والتوسع وارتكاب جرائم الحرب.
الثلاثاء الماضي أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون السياسة الخاصة بالشرق الأوسط، الذي يسمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات على شركات تشارك في حملات مقاطعة «إسرائيل». هذا المشروع هو شكل من أشكال الإرهاب الاقتصادي والسياسي تمارسه هذه الدولة العظمى على الذين يتضامنون مع حركة مقاطعة «إسرائيل»، لأنهم يلتزمون بما تفرضه عليهم ضمائرهم تجاه دولة عنصرية تمارس أبشع أشكال التمييز والقهر تجاه شعب تم احتلال أرضه ويجري تهويدها وإقامة المستعمرات عليها واستثمار أراضيها في الزراعة والصناعة وتصدير المنتجات إلى شتى دول العالم بما يعزز قدراتها ويمكنها من مواصلة الاحتلال وارتكاب الجرائم.
الذين يستهدفهم مشروع قرار مجلس الشيوخ هم مئات المؤسسات الأكاديمية والإنسانية والدينية والجامعات والأكاديميين والفنانين والمثقفين داخل أمريكا وخارجها، ممن قاطعوا «إسرائيل» أو سحبوا استثماراتهم منها.
الحدث الآخر، كان يوم الأربعاء الماضي، ولكن في مجلس الأمن هذه المرة، حيث ذراع «إسرائيل» الدبلوماسية متمثلة في البعثة الأمريكية التي تمتلك حق النقض (الفيتو)، القادرة على إسقاط أي بيان أو مشروع يطال «إسرائيل» من قريب أو بعيد.
الولايات المتحدة هي الحارس الأمين للكيان الصهيوني الذي لا تغمض له عين من أجل حمايته في المنظمات الدولية من أي مكروه.
مجلس الأمن ناقش مشروع بيان بناء على طلب من الكويت وإندونيسيا وراء أبواب مغلقة يعبر عن الأسف، فقط عن «الأسف»، لقرار اتخذه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بطرد بعثة المراقبين الأجنبية من مدينة الخليل التي تعمل فيها منذ 22 عاماً، وتقوم فقط برصد ممارسات المستوطنين اليهود فيها ضد أهل المدينة من الفلسطينيين.
نتنياهو لا يريد أي وجود دولي في الخليل أو غيرها، وكذلك الولايات المتحدة التي منعت صدور البيان عن مجلس الأمن، معتبرة أن البيان في هذه القضية «غير مناسب».
البيان لا يتضمن أية إدانة أو شجب. هو فقط يقر بأهمية البعثة الدولية «وجهودها الرامية إلى تعزيز الهدوء في منطقة شديدة الحساسية والوضع الهش على الأرض، الذي ينذر بمزيد من التدهور».. ثم يعرب البيان عن «الأسف» للقرار «الإسرائيلي».
حتى «الأسف» ممنوع، وتعتبره الولايات المتحدة إدانة لـ«إسرائيل»، بمعنى أن العالم يجب أن يصمت ولا يبدي أي حركة قد يقصد بها «إسرائيل» لا في مجلس الأمن ولا في أي مكان آخر، وهي على استعداد لتدمير دول وإسقاط أنظمة والتآمر على كل من يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته.
هذا ليس افتراء على هذه الدولة العظمى. هي تعلن جهاراً نهاراً، وعلى لسان قادتها في البيت الأبيض وفي كل المؤسسات الأمريكية الأخرى، أن «إسرائيل» جزء من الأمن القومي الأمريكي، وهي خط الدفاع الأول عنها، وأن كل المواقف والخطط والاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة العربية والعالم تأخذ المصالح «الإسرائيلية» في الاعتبار، بل إن «إسرائيل» في قلب هذه المصالح دائماً.
مجلس الشيوخ الأمريكي يقوم بالدور الذي لا يستطيع الكنيست «الإسرائيلي» القيام به من حيث تأثير قراراته وسطوته ونفوذه على السياسات العالمية، ويتخذ القرارات التي لا يستطيع الكنيست القيام بها، مثل قراره الأخير بشأن مقاطعة «إسرائيل»، وغيره من القرارات التي تصب في مصلحة «إسرائيل».
الولايات المتحدة في الأمم المتحدة تشكل الظهير «الإسرائيلي» القوي الذي ينوب عن دويلة الاحتلال في مواجهة أي مشروع قرار، أو بيان يستهدف «إسرائيل» حتى ولو كان على غرار مشروع بيان «الأسف» الأخير الذي لم يبصر النور.
هذه هي الولايات المتحدة من دون رتوش أو «ماكياج». وهذا بعض ما طالعتنا به قبل أيام قليلة من مواقف، أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها حاقدة ولا إنسانية وغير قانونية.. ومعادية لنا بالمطلق كعرب. –