قالت صحيفة الخليج الاماراتية في افتتاحيتها إن لكل أزمة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أمنية تداعياتها، ووفقاً لنتائجها يتم وضع الخطط لاستيعابها. لكننا أمام أزمة وباء كورونا المستفحلة منذ أشهر وتضرب العالم بعنف غير مسبوق، فمن المستحيل حتى الآن تقدير التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛ لكنها ستكون كارثية بكل المقاييس، لأن العالم لا يزال يعيش محنتها.. وعداد خسائرها لم يتوقف بعد، ما يضع العالم أمام مصير مجهول.
وتضيف الصحيفة أن الأرقام التي تصدر عن الهيئات الدولية المختصة حول التداعيات الحالية للوباء صادمة ومرعبة على مختلف المستويات؛ خصوصاً أن لا أحد يستطيع التكهن بما يمكن أن ينتهي إليه الحال، طالما أن العالم يقف عاجزاً حتى اللحظة عن إيجاد اللقاح الشافي من هذا الوباء.
ماذا تقول الأرقام؟
تقول منظمة العمل الدولية، إن العالم سيخسر ما يعادل 195مليون وظيفة بدوام كامل، من بينها 5 ملايين وظيفة في الدول العربية.
هذا التحذير جاء بعد فرض الإغلاق الجزئي أو الكامل في معظم دول العالم، وما حمله ذلك من تأثير في نحو 2.7 مليار عامل، أي 4 من كل 5 من القوى العاملة في العالم.
ماذا يعني ذلك؟ هناك آلاف المصانع والمؤسسات سوف تتوقف عن العمل، وهذا سيؤدي إلى صرف ملايين العمال، كما أن عجلة الاقتصاد العالمي سوف تصاب بالوهن والضعف، وقد يشهد العالم أزمة اقتصادية أشد وأعنف من أزمة عام 2008- 2009، بل يذهب البعض إلى الحديث عن تجدد أزمة الكساد العظيم التي اجتاحت العالم أواخر عشرينات القرن الماضي واستمرت حتى أواخر الثلاثينات.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن المنظمة لا تستبعد أن يفقد مليارا شخص حول العالم يعملون في وظائف غير رسمية وظائفهم؛ أو انخفاض أجورهم في حال لم تنته هذه الأزمة في وقت قريب.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) فتتوقع أن يدفع وباء كورونا نصف مليار إنسان إلى الفقر، وقد يقلص التجارة الدولية إلى الثلث.
ويقول مدير المنظمة شو دونيو: قبل كورونا كان هناك 820 مليون جائع.. ويتساءل: كيف سيكون عليه الحال بعد تعافي العالم من هذه الوباء، خصوصاً أنه كان قد تعهد بوضع حد للجوع في العام 2030.
برنامج الأغذية العالمي من جانبه يحذر من أن يؤدي الوباء إلى مجاعات جماعية في بعض الأجزاء من العالم مع إغلاق الدول حدودها حيث أصبحت عمليات نقل المواد الغذائية أكثر صعوبة من أي وقت مضى؛ وأصبح جني المحاصيل الزراعية محفوفاً بالمخاطر.
لن نتحدث عن الضحايا البشرية لهذا الوباء الذي أصاب أكثر من مليوني شخص حتى الآن، أو عن عدد الوفيات الذي يتصاعد يومياً.. أو عن تحول العالم إلى سجن إجباري لأكثر من نصف سكان المعمورة؛ فهذه الأرقام قابلة للتغيير في كل لحظة.
وانتهت الصحيفة بانه لم تعد الحياة على الكرة الأرضية كما كانت.. فقد فرض الوباء علينا نمطاً جديداً من العلاقات الإنسانية والاجتماعية؛ وأجبرنا على تغيير الكثير مما اعتدنا عليه سياسياً واقتصادياً، ما يفرض علينا صياغة مفاهيم جديدة لنمط العلاقات الدولية أكثر تسامحاً وتعاوناً، وقدرة على الحوار والمشاركة، للتغلب جماعياً على التداعيات الكارثية لهذا الوباء. –