حسم المدعي العام «الإسرائيلي» أفيخاي ماندلبليت الجدل حول الشبهات التي تتعلق بتورط نتنياهو في ملفات فساد كثيرة كان يجري التحقيق بشأنها منذ عدة سنوات، بتوجيه الاتهام إليه رسمياً بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة وسرقة المال العام، ليكون أول رئيس وزراء «إسرائيلي» يتهم رسمياً وهو على رأس السلطة، ما يعني إحالته إلى المحاكمة للفصل في مستقبله السياسي ومصيره الشخصي.
ومع أن توجيه الاتهام لا يعني الإدانة؛ إذ إن الأمر يتعلق بالقضاء وسير المحاكمة، وما إذا كانت المحكمة ستكتفي بالأدلة والإثباتات التي استخدمها الادعاء العام في توجيه الاتهامات لنتنياهو، فإن معظم الخبراء والمحللين يرجحون إدانته، في نهاية المطاف، وإصدار حكم بحقه قد يدخله السجن، وينهي حياته السياسية بأسوأ طريقة ممكنة على غرار سلفه إيهود أولمرت. وهي نهاية أكثر ما كان يخشاها نتنياهو، الذي قاتل بكل ما يملك من قوة لعدم الوصول إليها، وخاض من أجل ذلك معارك سياسية اعتبرها مسألة حياة أو موت؛ للبقاء في السلطة على أمل الاحتماء بقاعدة شعبية تحصنه من المحاكمة. ولهذا لم يتردد في دفع «إسرائيل» إلى إجراء انتخابات مبكرة مرتين خلال عام واحد، وعرقل بشراسة مساعي خصمه السياسي الجنرال بيني جانتس زعيم حزب «أزرق -أبيض» لتشكيل حكومة والدفع باتجاه انتخابات مبكرة ثالثة هي بالفعل قادمة في الطريق خلال ثلاثة أشهر؛ لكن وسط إصرار نتنياهو على التشبث بالسلطة التي تربع على عرشها عشر سنوات متواصلة، يبدو أن كل محاولاته للبقاء غير مجدية، على الرغم من استجلاب الدعم والهدايا المجانية من حليفه في البيت الأبيض؛ لتعزيز بقائه، ويبدو أن «الإسرائيليين» اكتشفوا أخيراً أن نتنياهو بالذات هو سبب أزمتهم، ففي أحدث استطلاع للرأي أجرته القناة 13 للتلفزيون «الإسرائيلي» عقب توجيه الاتهام له مباشرة، أعرب الكثير من «الإسرائيليين» (56 %) عن رغبتهم برحيله، بينما أيد (35 %) بقاءه في منصبه.
أما على صعيد القوى السياسية، فلم يتردد حزب جانتس في مطالبة نتنياهو بالاستقالة من كل مناصبه الوزارية استناداً إلى قرار للمحكمة العليا، بأنه «لا يجوز لوزير متهم أن يستمر في منصبه». ومعروف أن نتنياهو يتولى عدة حقائب وزارية، إضافة إلى رئاسة الوزراء، فيما أعلنت أحزاب أخرى منها «حزب العمل» بأنها كلفت فريق محامين؛ لرفع دعوى أمام المحكمة العليا لإجباره على الاستقالة من رئاسة الوزراء. الأهم من ذلك هو ما يتردد عن بدء تحركات داخل حزب «الليكود»؛ لإزاحة نتنياهو عن رئاسة الحزب، وأشارت وسائل إعلام «إسرائيلية» إلى أن مشاورات واجتماعات مغلقة في غرف سرية تجرى بين أعضاء حزب «الليكود» يتقدمهم خصمه اللدود جدعون ساعر؛ لإقصائه عن رئاسة الحزب خلال مهلة ال21 يوماً التي منحها الرئيس «الإسرائيلي» رؤفين ريبلين ل«الكنيست»، في محاولة لتلافي الذهاب إلى انتخابات ثالثة.
المصدر: وكالات