قالت صحيفة الخليج الإماراتية إن لبنان يواجه أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متشابكة ومعقدة، فلم تفلح كل الجهود التي بذلت في فتح ثغرة ولو بسيطة يمكن أن تعطي أملاً بانفراج قريب. فلا رئيس جديد للجمهورية بدلاً من الرئيس ميشال عون الذي انتهت ولايته أواخر الشهر الماضي، ولا رئيس أصيل للحكومة بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يترأسها نجيب ميقاتي، ولا حلول في الأفق لأزمات خانقة يعانيها المواطن اللبناني في حياته المعيشية اليومية، حيث ارتفاع الأسعار، وشبه انهيار للعملة الوطنية، وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وعجز في توفير الكهرباء، وارتفاع مستوى البطالة والفقر. وكلها أزمات متراكمة جراء الفساد المستشري في المؤسسات، ونهب المال العام.
وأضافت الصحيفة أن هذه هي الصورة الموجزة للوضع اللبناني الذي تفاقم منذ عامين بعد أن تم الإعلان عن فشل الدولة في سداد الديون، وما رافق ذلك من السطو على ودائع المواطنين في المصارف.
وتساءلت الصحيفة أين العلة ومكمن الخلل؟ لقد فشلت على مدى السنوات الماضية كل محاولات الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي، لأن هناك قوى تقف في وجه الإصلاح لإبقاء لبنان رهينة في يدها. هذه القوى تتمثل بالإقطاع السياسي الذي يتألف من وجهاء تقليديين، وزعماء طوائف تحولوا إلى سياسيين، وطبقة أصحاب الصفقات. وتشكل الطائفية رأسمال القوى الثلاث، وبواسطتها يحافظون على السلطة ويتناقلونها في ما بينهم، إلى درجة أن لبنان أصبح أسير كل هؤلاء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل أيام عقد مؤتمر دعت إليه السفارة السعودية في لبنان بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لمؤتمر الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية الدموية التي استمرت 15 عاماً، بحضور ممثلين لمختلف القوى السياسية والدينية تقريباً، وبمشاركة بعض «أمراء» تلك الحرب أيضاً.
وأكدت الصحيفة أن هذا المؤتمر كان مناسبة لتذكير اللبنانيين بأن هناك اتفاقاً تم إبرامه قبل 33 عاماً شكل جسر عبور من حالة الحرب إلى السلم الأهلي، وأن التمسك به يظل الأمل الوحيد للإنقاذ، لأنه يضمن الاستقرار والميثاقية وصيغة العيش المشترك ويحافظ على هوية لبنان وعروبته، بمعزل عن الدعوات التي تصدر من حين إلى آخر لتعديله أو وضع صيغة اتفاق بديل من خلال مؤتمر تأسيسي جديد.
كما أكدت أن الحقيقة أن المشكلة ليست في اتفاق الطائف، فهناك إجماع عليه، لكن المشكلة في الطبقة السياسية التي تعلن تمسكها به لكنها لا تطبقه بكل مندرجاته، لأنها في حال تطبيقه قد تخسر كل مكاسبها ومواقعها.
واختتمت الصحيفة بأن ما تم تنفيذه من اتفاق الطائف الذي أصبح جزءاً من الدستور، لا يتناول النصوص الأساسية التي تخرج لبنان من الاستقطاب الطائفي أو تضعه على سكة الإصلاح السياسي. فالبنود المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية التي تمهد للدولة المدنية، وإقامة اللامركزية الإدارية التي توفر للمناطق شيئاً من الاستقلالية في اتخاذ القرارات بمعزل عن المركز، وتشكيل مجلس للشيوخ يمثل الطوائف، لا تزال معلقة لأن أرباب السلطة إياهم يرفضون الانتقال من الطائفية السياسية إلى رحاب المواطنة.
