تساءلت صحيفة الخليج الاماراتية في افتتاحيتها عن إلى متى ستستمر الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزّة منذ 11 شهراً؟ وهل ستتسع دائرة الصراع لدرجة عدم القدرة على السيطرة عليها؟
وقالت الصحيفة إنه في موازين القوة، لا بد من النظر إلى التكلفة البشرية، والمادية، والسياسية بطبيعة الحال، وفي دورة الصراع الحالية في فلسطين، تبدو المسائل متداخلة، إلى درجة يصعب فيها التكهن بما ستؤول إليه الأمور.
ما الخطوة المقبلة؟ سؤال يبحث عن إجابة، أو إجابات..
حسابات التكلفة على غزة وفلسطين معقدة، فالجرح عميق، والنزف يكاد لا يتوقف.. والأرواح تزهق، والآلاف من العائلات، والأطفال، وكبار السن والعجزة، الكل يعاني.
في الجانب الإسرائيلي، تختلف الحسابات، عند حكومة بنيامين نتنياهو، المقبل على استحقاقات وحسابات متعددة، في حسابات التكلفة المالية، التحديات تتصاعد أمام حكومة تطلب المزيد من الاعتمادات من موازنة تترنح وعجز يتصاعد صعود الصواريخ.
وتتزايد التحذيرات من مسؤولي البنك المركزي ووزارة المالية، فضلاً عن وكالات التصنيف الائتماني، من أن التأخير في إعلان موازنة 2025 سيزيد من المخاطر العالية على الأصول المصرفية.
البنك المركزي يطالب بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب، وبضرورة إجراء تعديلات دائمة على الميزانية تقدر بنحو 8 مليارات دولار لتغطية النفقات الدفاعية المرتفعة والأخرى المتعلقة بالحرب، وضبط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي 2% فقط، وهو نصف التوقعات الأولية قبل اندلاع الحرب، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.4% فقط هذا العام، وفقاً لبنك «جي بي مورجان» الأمريكي.
والقلق بشأن الاقتصاد وإدارة الحكومة للميزانية، وسط مخاطر تصاعد الصراع، وبالتالي التكلفة المالية، فضلاً عن التكاليف الأخرى، يأخذ شكلاً جديداً، حيث ارتفعت عوائد سندات الحكومة الإسرائيلية لأجل 10 سنوات بنحو 90 نقطة أساس هذا العام، بينما وصل الفارق بين هذه السندات وسندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوى له منذ 11 عاماً.
أنفقت إسرائيل 24 مليار دولار على الحرب، ما يعادل تقريباً 5% من ناتجها المحلي الإجمالي، وجمعت أكثر من 52 مليار دولار لتمويل الجيش وسد العجز المالي، الذي ارتفع إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي سيبقى غامضاً وسط الأزمات المتصاعدة، وهو ما حدا بوكالات التصنيف الائتماني العالمية إلى الإعلان عن خفض تصنيف إسرائيل، مع توقعات بمزيد من الخفض إذا ما استمر الصراع للعام 2025، أو توسعت جبهات الصراع أكثر.
وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني حذرت من أن صراعاً عسكرياً شاملاً قد يؤدي إلى عواقب ائتمانية على مصدري الدين الإسرائيليين.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بقولها : في ميزان تكاليف الحروب، تبقى التحديات المالية عاملاً مهماً يلي بالأهمية التكلفة البشرية، أما في حسابات التاريخ، فقائمة تكاليف الحروب والصراعات لها قياسات مختلفة.. وفي حالة إسرائيل تبقى التكلفة الاستراتيجية الأثقل في الميزان. فهل تضع حكومة نتنياهو هذه التكلفة في ميزانية الصراع الدائر؟