سلطت صحيفة “الخليج” الإماراتية، الصادرة اليوم الجمعة، الضوء على الأحداث الجارية في أفغانستان والتي تعتبر دليلا حيا على مشهد دولي يتحرك ويتجه إلى صياغة توازنات جديدة وموقف الغرب من تلك الأحداث في ظل اتجاه العالم إلى إعادة التشكل وسط تحديات مستجدة وطموحات وأطماع مشروعة وغير مشروعة.
وأكدت الصحيفة في افتتاحياتها تحت عنوان “أفغانستان في السياق الدولي”، اليوم الجمعة – أن العالم يتغير ويختل توازنه، وما جرى في أفغانستان من انهيار مثير للنظام السابق وسيطرة حركة «طالبان» على العاصمة كابول،
وتسريع وتيرة الانسحاب الأمريكي والغربي من البلاد، دليل حي على مشهد دولي يتحرك ويتجه إلى صياغة توازنات جديدة.
وأشارت إلى أن حالة أفغانستان ليست خارج السياق؛ بل هي في قلب هذا الصراع، وقد تكون إحدى محطاته الحاسمة في ظل التقصي المتنامي عن الرابحين والخاسرين، وعمن يكسب وعمن يعاني أزمة وجودية.
ولفتت إلى أن وزير الدفاع البريطاني بن والاس، اعترف بأن سقوط أفغانستان بأكملها في قبضة «طالبان» أضعف مواقف الغرب في عيون خصومه الدوليين، بينما كان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أكثر مباشرة، وأعلن صراحة أن موسكو وبكين بدأتا خطوات دبلوماسية مع «طالبان»، معترفاً بأن ذلك سيغير موازين القوى الدولية , وفي المقابل، فإن روسيا والصين شرعتا في التسويق لتحولات أفغانستان، وتريان أن ما حدث أصبح أمراً واقعاً، وعلى المجتمع الدولي الاعتراف به.
وذكرت “الخليج” أن الحتمية التاريخية لا يمكن نقضها، وبعض الأحداث تخرج عن السيطرة لفائدة حقيقة تتبلور .
وما جرى في أفغانستان بعض من ذلك، ولكن المسار بدأ منذ سنوات حين بدأت قوة روسيا والصين تتصاعد على حساب القوى التقليدية في الغرب التي فقدت كثيراً من نفوذها ومن بريقها الجذاب .. وحين جاءت جائحة «كورونا» دخلت بسرعة في قلب معركة سياسية بين الطرفين، ليبدأ معها الدارسون في البحث والاستشراف، ليؤكدوا بشبه إجماع أن عالم ما بعد «كورونا» لن يكون كما قبلها .. ويبدو أن الغرب وعي المأزق الذي وقع فيه، وهو الآن بصدد تداركه، على أمل أن يحافظ على مركزيته في صناعة القرار الدولي وصياغة المستقبل في المدى المنظور على الأقل.
وأوضحت أنه منذ سنوات قليلة عاد الحديث بقوة عن احتمال نشوب حرب باردة بين المعسكر الغربي والتحالف المفترض بين روسيا والصين .. وعلى الرغم من أن جميع الأطراف تنفي الانزلاق إلى مثل هذه المواجهة، فإن الواقع يؤكدها، حيث تدور معارك في أكثر من ميدان، وأهمها الحروب التجارية والتكنولوجيا فائقة التطور، والصراع على الفضاء، وتبادل العقوبات الاقتصادية، وصولاً إلى التنافس الشرس في صناعة اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا».
واختتمت بالقول إنه مهما كانت التطمينات، فإن العالم يتجه إلى إعادة التشكل وسط تحديات مستجدة وطموحات وأطماع مشروعة وغير مشروعة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )