وقالت الصحيفة إن الحوثيين استفادوا من الهزة والفوضى، اللتين أحدثتهما الاحتجاجات، التي شهدها اليمن عام 2011، ودخول القوى السياسية في أتون صراعات دامية على السلطة، ولم تمنع الجهود، التي بذلها العديد من القوى السياسية الداخلية في منع الانفجار الكبير، الذي بدأ بتحالف بين الحوثيين وبعض التكتلات القبلية، المحيطة بالعاصمة صنعاء قبل أشهر من سقوطها في أيديهم، رغم أن مقررات مؤتمر الحوار الوطني، لم يكن قد جف حبر التوقيع عليها بعد، وكان من بين الموقعين الحوثيون أنفسهم، الذين ظلوا يناورون خلال فترة الحوار؛ للتملص منها، وإفراغها من الداخل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحوثيين لم ينتظروا اتفاقاً سياسياً متكافئاً بين القوى والتكتلات الحزبية والوطنية في البلاد، فتمكنوا من الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، وأجبروا الأحزاب السياسية على توقيع ما عُرف ب«اتفاق السلم والشراكة»، تنصلوا عبره من الالتزامات والترتيبات الأمنية، وأبقوا على الشق السياسي منه، قبل أن ينفردوا بالقرار كاملاً. ورغم مشاركة حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في تحالف ثنائي مع الحوثيين، إلا أنهم غدروا به، كما غدروا بمن سبقه، وأقدموا على اغتياله في الرابع من ديسمبر من العام الماضي.
وبحسب الصحيفة فإنه لمواجهة مشروع الحوثي التدميري، لم يكن من خيار أمام السلطة الشرعية سوى الاستنجاد بأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي، ومثلما كان تدخل الأشقاء سريعاً في عام 2011 عبر مبادرة المجلس، التي عرفت لاحقاً ب«المبادرة الخليجية»، تم بموجبها حل الصراع بإجراء انتخابات رئاسية جاءت بالرئيس عبدربه منصور هادي إلى السلطة عام 2012، كانت استجابتهم سريعة لنداء الشرعية، المعترف بها دولياً، فكانت «عاصفة الحزم» في شهر مارس/آذار 2015؛ بهدف إعادة الشرعية، أعقبتها مرحلة «إعادة الأمل»؛ حيث كان هذا التدخل ضرورياً؛ لمنع انزلاق اليمن إلى حواضن مشروع مذهبي وطائفي كان الحوثيون يعدون له، بالتنسيق الكامل مع إيران.
وقد أفصح الحوثيون، خلال السنوات الأربع الماضية، أن هذا المخطط كان يعد له منذ وقت مبكر، وجاءت الكلمة التي ألقاها، أول أمس، زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، بمناسبة عاشوراء؛ لتؤكد الارتباط بين مشروع الحوثيين والنظام الإيراني، وهو ما ذهب إليه وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، الذي أشار إلى أن الحوثي ردد في كلمته
«الخطاب الطائفي المعتاد بحذافيره»، وهو خطاب يستدعي التاريخ الانقسامي ويكرّسه في أوساط أتباعه، الذين حولهم إلى وقود لمعارك لا طائل منها، تحت وهم أن لديه وعداً إلهياً يحكم فيه البلاد، ويتسلط عبره على رقاب العباد، مقسماً اليمنيين بين فئتي «السادة» و«العبيد».
أربع سنوات منذ انقلابهم على السلطة، لم يقدم الحوثيون لليمنيين خلالها إلا الخراب والدمار، فقد امتدت حروبهم من صعدة حتى عدن، وأشعلوا نار الفتنة الطائفية في كل قرية؛ بل وفي كل بيت، وربطوا مشروعهم بالخارج، في مسعى واضح لتجريد اليمن من هويته الدينية؛ عبر الارتباط بالمشروع الطائفي والمذهبي، الذي تريد إيران تعميمه في كل البلدان، التي توجد فيها، خاصة العراق وسوريا ولبنان.
وقالت الصحيفة إن اليوم يجد الحوثيون أنفسهم في مواجهة شاملة مع الشعب، الذي انتفض في وجه مشروعهم الطائفي النتن، وبدأوا يفقدون ما كان تحت أيديهم قبل أربع سنوات؛ لأنه تأكد لليمنيين أن الجماعة الحوثية بلا مشروع سوى مشروع الهدم والتدمير، وأنها تقاتل ليس من أجل تقدم ورخاء اليمن، بقدر ما تقاتل من أجل تثبيت المشروع الإيراني، الذي يلفظه اليمنيون، ويناضلون من أجل إسقاطه بأي ثمن كان، وهو ما صار يدركه الحوثيون، الذين يرون أن انتفاضة اليمنيين في كل مكان؛ تؤكد أن مشروعهم الطائفي إلى زوال.