من المبكر جداً الحكم على النتائج العملية لمؤتمر برلين حول ليبيا، ولكن المؤكد أنه عزز التوجهات الداعية إلى توخي الحل السلمي الذي تسعى إليه الأمم المتحدة، وهو ما عبرت عنه
التصريحات الصادرة على هامش المؤتمر، وتعكس رغبة واسعة في إنهاء الفوضى العاصفة بالشعب الليبي منذ سنوات.
أولى الخطوات الرامية إلى تحقيق الاستقرار، تستدعي وضع حد للتدخلات الأجنبية في هذه الدولة، وأول هذه التدخلات الدور التركي الذي ما فتئ يعكر الأجواء ويزيد من شدة الاحتقان
والفتنة بين أبناء الشعب الليبي. ولوقف هذا الدور المخرب، دعا أكثر من زعيم دولي أمس إلى ضرورة وقف إرسال أنقرة للمرتزقة الموالين لها إلى طرابلس لمساندة الميليشيات التابعة لحكومة «الوفاق».
وقبل انطلاق مؤتمر برلين، توالت الأدلة عن حجم التدخل التركي وخطورته، لا سيما أن أنقرة تريد استغلال الوضع الليبي لمحاربة أكثر من طرف ومنها أوروبا التي تخشى تدفق موجات جديدة من المهاجرين على سواحلها. كما أن هذا التدخل من شأنه أن يذكي الصراع ويقود إلى حرب أهلية ليبية طاحنة تكون نسخة من سوريا، بحسب أكثر من مسؤول.
رغبة الدول المسؤولة في وقف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي تصب في جهود تعزيز السلم ومحاربة الإرهاب والتطرف، وهو ما يلمس المؤتمر الصحفي الذي عقدته المستشارة
الألمانية أنجيلا ميركل والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، إذ أكد المسؤولان على ضرورة الحل السياسي ودفع الأطراف الليبية إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، بينما صدر
من الرئيس الفرنسي دعوة إلى الوقف الفوري لإرسال المرتزقة في إشارة صريحة للدور التركي المخل بالأمن والاسقرار.
لقد انتهى مؤتمر برلين بنتائج تبدو «طيبة»، أما المطلوب لاحقاً فيتمثل في المتابعة والحرص على تجسيد التفاهمات في الواقع من أجل إرساء سلام حقيقي يحفظ كرامة الشعب الليبي
ويصون ثرواته من النهب والتفويت لصالح الميليشيات.
المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية