قالت صحيفة الخليج الاماراتية إن الشتاء في روسيا ومعظم الدول التي كانت تشكّل الاتحاد السوفييتي السابق، مختلف عن شتاء بقية العالم؛ إذ تصل درجة الحرارة إلى ما دون 20 درجة مئوية في معظم هذا الفصل، ما يجعل الثلج هو وحده سيد الأرض. ولأنه كذلك، فقد لعب الشتاء بثلوجه وصقيعه دوراً حاسماً في تحديد مسار الحروب التي جرت هناك، فأطلق عليه اسم «الجنرال ثلج» أو «الجنرال صقيع».
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أن مجرى الحرب الحالية الدائرة على الأرض الأوكرانية منذ تسعة أشهر، ومع ما يكتنفها من معارك كرٍّ وفرٍّ، ومع تصعيد القصف الروسي للبنى التحتية الأوكرانية، وخصوصاً محطات الطاقة، حيث أعلنت كييف تضرر معظمها، واتساع نطاق التقنين الشديد في مختلف المدن الأوكرانية.
وقالت إن هذا الوضع لا بد أن يترك تأثيراً سلبياً في معنويات الجنود والناس العاديين مع بدء تساقط الثلوج وانعدام وسائل الوقاية؛ أي أن «الجنرال ثلج» سيتدخل بقوة، ويضاعف الصعوبات اللوجستية والعمليات العسكرية، وإمدادات الوقود للقوات الأوكرانية، بهدف إنهاكها، وهذا ما تخطّط له موسكو على الأرجح.
وأشارت الصحيفة إلى أن «الجنرال ثلج» تدخل عدة مرات لمصلحة روسيا، ضد المغول أولاً، ثم ضد نابليون عام 1812 بعد حملة عسكرية ضد روسيا استغرقت ستة أشهر انتهت بهزيمة ثقيلة لنابليون، وبالتالي نهاية أحلامه الإمبراطورية، حيث تشير التقديرات إلى أنه من بين 612 ألف جندي دخلوا المعركة عاد 112 ألفاً فقط إلى فرنسا، وذلك جراء الثلوج والبرد القارس الذي خيّم على ساحة المعارك، وحرب الاستنزاف التي برعت فيها القوات الروسية.
وقالت الصحيفة إن نابليون كتب يومها رسالة إلى زوجته الإمبراطورة ماري لويز، يوضّح فيها أسباب هزيمته بالقول: «الشتاء كان كارثياً، وأصبحنا ضحايا الطقس الروسي».
كما ذكرت الطقس الروسي كان كارثياً أيضاً على الجيش الألماني خلال الحملة العسكرية على الاتحاد السوفييتي التي بدأت في أغسطس 1942، واستمرت لنحو ستة أشهر، حيث كانت معركة ستالينغراد هي المعركة الفاصلة التي قضت على الجيش السادس الألماني؛ إذ وقع أكثر من 107 آلاف جندي في الأسر، ولم يعد سوى 6 آلاف جندي أحياء، وبذلك كانت معركة ستالينغراد بداية النهاية للنازية.
وقد لعب الثلج دوراً أساسياً في انهيار الجيش الألماني بسبب البرد القارس، وصعوبة الإمدادات العسكرية واللوجستية.
نقلت صحيفة «تليغراف» البريطانية عن عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، قوله، إن الأوكرانيين «سيتجمدون حتى الموت هذا الشتاء إذا لم يُرسل الأوروبيون على وجه السرعة الأغطية والمولّدات للحفاظ على دفئهم».
ووفقاً لصحيفة «التايمز» البريطانية، يقول الخبراء العسكريون إن «الطقس سيكون عاملاً حاسماً في الحرب الأوكرانية»، ومن شأن انخفاض درجات الحرارة أن يؤدي إلى صعوبة تشغيل المعدّات العسكرية، وتوقف أنظمة الملاحة لبعض الطائرات المسيّرة.
واختتمت الصحيفة بأنه ووفق «الفاينانشال تايمز» فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على ضعف معنويات الأوكرانيين بعد تدمير البنية التحتية ومحطات الطاقة. وأشارت إلى أن استراتيجية بوتين «تعتمد على الطقس البارد لإبطاء وتيرة الحرب؛ لأن ذلك يساعد قواته في خطوط دفاعها والاحتفاظ بالأراضي التي سيطرت عليها».
.. إذاً بدأت حرب «الجنرال ثلج!».