صحيفة الخليج الإماراتية فى افتتاحياتها حول الراهنات الخاطئة للأكراد فى سوريا وما وصلت إليه الأوضاع هناك وقالت:
“يمكن للمرء أن يرثي لحال أكراد سوريا، خصوصاً للذين صدّقوا قياداتهم ووثقوا بالوعود الأمريكية، وراهنوا على الولايات المتحدة باعتبارها «المخلص» الذي يأتي لهم بالدولة أو ب «الدويلة»، أو بالحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية”.
صدّقوا ما كان يراود أحلامهم، ووضعوا كل بيضهم في السلة الأمريكية، ولم يتعلموا دروس غيرهم من الأكراد ورهاناتهم الخاسرة، بل والقاتلة على مدى عقود، على الأمريكيين وغيرهم ولم يحصدوا في النهاية إلا الخذلان والخيبة.
لم يأخذوا بالمثل «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، بل استمرأوا أن يلدغوا مرتين وثلاثاً وأكثر. لم يصدقوا النصائح التي تليت على مسامعهم من هنا وهناك، بأن لا تثقوا في الأمريكيين.
ففي يونيو العام 2018 وجه السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد تحذيراً واضحاً للأكراد، قال فيه «سوف تدفعون غالياً ثمن ثقتكم في الأمريكيين».
ربما غاب عن أذهان القيادات الكردية السورية ما حصل لأشقائهم في العراق بعد أن صدقوا الوعود الأمريكية بالانفصال وإقامة «دولة كردية»، فأجروا استفتاء على الانفصال في 25 أيلول /سبتمبر 2017، انتهى إلى ما انتهى إليه.
أخذتهم «العزة بالإثم» في الرهان على الولايات المتحدة وناصبوا الدولة السورية العداء، وأرادوا الانسلاخ من وطنهم، ورفضوا كل ما قدم إليهم من ضمانات كي يكونوا جزءاً أصيلاً من مكونات الوطن السوري، بانتظار الحل السياسي النهائي للأزمة السورية .
أرادوا قطف الثمار قبل أن تنضج طالما وعدتهم الولايات المتحدة بالدعم والتأييد، وبأنها ستكون الضامنة لأمنهم في مواجهة تركيا، وها هي أمريكا تخذلهم، وتتخلى عنهم وتتركهم لقمة سائغة على مأدبة أطماع الرئيس التركي أردوغان.
وعندما يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – فيما يعد أردوغان لحملة عسكرية داخل الأراضي السورية ضد الكرد – أنه سيسحب قواته من شرق الفرات، وأنها لن تدعم أو تشارك في تلك العملية.. لأن الولايات المتحدة انخرطت أكثر وأكثر في حرب بلا هدف في الأفق.
وقوله: لقد حارب الأكراد معنا، لكنهم حصلوا مقابل ذلك على كميات هائلة من الأموال والمعدات.. فإن ترامب أراد أن يقول للأكراد، «انتهى استخدامكم. لم يعد لكم من لزوم. انتهت مهمتكم بالنسبة لنا، سوف أترككم لأردوغان».
عند أهل السياسة والعسكر هناك تكتيك واستراتيجية، والعلاقات بين الأكراد والولايات المتحدة لم تكن استراتيجية بالنسبة لواشنطن. هي كانت في العمق تكتيكية، حيث تم استخدام الأكراد لتحقيق هدف استراتيجي، وعندما انتهى هذا الاستخدام انتهت ضرورة الأكراد، وهو ما لم يدركه قادتهم فارتكبوا خطأ قاتلاً.
المصدر : صحيفة الخليج