رغم مرور أكثر من عامين على الاستفتاء الشعبي في بريطانيا الذي انتهى بفوز مؤيدي الانسحاب في الإتحاد الأوروبي، واتخاذ خطوات ملموسة نحو الخروج من دائرة اليورو، ما زال نشطاء بريطانيون ومعارضون لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، غير راضين عن ما تتخذه رئيسة الوزراء البريطانية تجاه هذا الأمر ، وانعكس ذلك فى حجم المظاهرة الضخمة التى شهدتها العاصمة لندن أمس الأول السبت ، وشارك فيها الآلاف من المطالبين ببقاء بلادهم في الاتحاد ، وهى الثانية بهذا الحجم خلال أربعة أشهر حيث نزل المحتجون إلى ساحة البرلمان فى شهر يونيو الماضى تزامنا مع الذكرى الثانية للاستفتاء رافضين الانسحاب، ومطالبين بإجراء استفتاء ثان بشأن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر المحتجون أن عامين كاملين من المناقشات البرلمانية الغامضة مضيا دون نتيجة ملموسة ، وهو ما دفع في وقت سابق وزير الخارجية بوريس جونسون للاستقالة احتجاجا على خطة ماى بشأن الإنسحاب من الإتحاد .
وجاء خروج المتظاهرين للساحات تلبية لدعوة العديد من قادة الاحزاب السياسية بالاحتشاد والمطالبة بإجراء استفتاء ثان لإقرار الخروج او البقاء فى الاتحاد الأوروبى بسبب اعتراضهم على الاتفاق ، واصفين اياه باتفاق الخروج السيئ ،ومطالبين بحقهم فى أن يحصلوا على فرصة أخرى لتغيير رأيهم لأن القرار سيؤثر على حياتهم على مدى أجيال .
ويأتي هذا في ظل إصرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على التمسك بخطتها التي رفضها الاتحاد الأوروبي ، والتي تلقي انتقادا واسعا من داخل حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ، حيث بدأت بريطانيا فى شهر مارس الماضي رسميا عملية الخروج من الاتحاد، عبر تفعيلها “المادة 50” من اتفاقية لشبونة التي تنظم إجراءات الخروج طبقا لما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء الشعبى .
ودفع تفاقم تدفق اللاجئين والذين يقدر عددهم في البلاد بـ863 ألف مهاجر، بالإضافة إلى الخوف من تكرر الهجمات الإرهابية بريطانيا للتفكير فى الخروج من الاتحاد الاوروبى ، باعتبار أن هذا الخروج سيبطل اتفاقية الحدود المفتوحة بين الدول، ويحول دون مجيء الإرهابيين إلى بريطانيا ، ومن ضمن الاسباب التى أدت إلى التأييد الشعبى للإنسحاب أن جبهة المعارضين قدمت تصورا عن اوضاع التجارة عقب الخروج من الاتحاد أقنعت بها البريطانيين أن الرحيل من دائرة اليورو سيمكنهم من إقامة علاقات اقتصادية مع الاتحاد الأوروبى دون الخضوع لقوانينه ، بالإضافة إلى إمكانية إبرام اتفاقيات تجارية مع دول قوية مثل أمريكا والهند والصين، وتمهيد الطريق أمام محاولات إقامة مناطق تجارة حرة .
ولهذه الأسباب تم الموافقة فى الاستفتاء الأول على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكن مع بطء الإجراءات وفشل محاولات الاتفاق لأكثر من مرة ثارت حفيظة البريطانيين ، وباتت مسألة البقاء أو الإنسحاب من الإتحاد إشكالية تؤرقهم ، خاصة بعد أن لمسوا على أرض الواقع التداعيات الإقتصادية لهذا الأمر.
المصدر : أ ش أ