بعد شهرين من «مسيرات العودة»، قرر الفلسطينيون فتح «جبهة» جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي، تحديداً توسيع المسيرات من البر إلى البحر، من خلال إطلاق سفن من ميناء غزة غداً لكسر الحصار الإسرائيلي.
فبعد الجمعة التاسعة من مسيرات العودة المتواصلة على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، قتلت خلالها قوات الاحتلال نحو 120 مدنياً وأصابت حوالى 13 ألف آخرين، أعلنت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار» أمس، إطلاق أول رحلة بحرية من ميناء غزة إلى العالم «بهدف كسر الحصار الإسرائيلي».
ومن المقرر أن تنطلق الرحلة عند الساعة 11 من صباح غد تزامناً مع الذكرى الثامنة لمجزرة سفينة «مافي مرمرة» التركية، والتي ارتكبتها قوات البحرية الإسرائيلية قبالة شواطئ قطاع غزة في 31 (مايو) 2010، وأسفرت عن استشهاد عشرة متضامنين أتراك جاؤوا لرفع الحصار عن غزة.
وتأتي المحاولة الجديدة في وقت تواصل مجموعة من سفنِ كسرِ الحصار إبحارَها باتجاه القطاع، بعدما انطلقت قبل نحو أسبوع من ميناء العاصمة الدانمركية كوبنهاغن. ومن المتوقع أن تصل هذه السفن التي تحمل على متنها مساعدات وناشطين ومتضامنين مع الشعب الفلسطيني، بعد نحو شهرين.
وأعلن عضو هيئة مسيرات العودة العليا صلاح عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي في ميناء غزة أمس بمشاركة ممثلين عن الهيئة وقادة فصائل العمل الوطني والإسلامي، إطلاقَ «سفينة الحرية لكسر الحصار… من ميناء غزة إلى العالم، لتحمل أحلام شعبنا وتطلعه إلى الحرية والاستقلال، وأحلام إنهاء الحصار وظلم غزة».
ولم يوضح وجهة السفينة، لكنها المرة الأولى التي يعلن فيها الفلسطينيون تسيير رحلة بحرية من ميناء غزة إلى الخارج. وشدد عبد المعطي على أن «هذه الخطوة تأتي تطبيقاً لكل معايير حقوق الإنسان التي تكفل حرية التنقل والسفر»، داعياً المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظمات عالمية إلى «توفير الحماية للرحلة البحرية التي ستُقل مجموعة من الطلاب والخريجين والمرضى»، على اعتبار أن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 12 عاماً، «يمثل خرقاً واضحاً وفاضحاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعقوبات جماعية محظورة بمجمل الاتفاقات الدولية».
وعرض إلى ما نتج عن الحصار والحروب الإسرائيلية الثلاث على القطاع من «تدهورٍ خطيرٍ ولا سابق له في الأوضاع الإنسانية لمليوني فلسطيني، ومزيدٍ من التدهور في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية». واعتبر أن القطاع «تحوّل إلى سجنٍ كبيرٍ محرومٍ من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفِلها القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي»، فيما «زادت نسبة الفقر بشكل لا سابق له، وارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 50 في المئة» ومعها «أعداد الخريجين العاطلين من العمل التي ارتفعت إلى 150 ألفاً»، كما تسبب منع إصدار تصاريح لمئات المرضى بوفاتهم، في حين أن هناك «أكثر من 300 ألف طفل يحتاجون إلى دعم معنوي ونفسي واجتماعي».
وأضاف أن «الهيئة وغزة، بكل مكوناتها، قررت أن تأخذ زمام المبادرة، فجاءت مسيرات العودة خطوة جادة لتأكيد حقوقنا الوطنية والإنسانية وكسر الحصار»، و»ستواصل جهودها في مسيرات العودة وكسر الحصار حتى تحقق أهدافها الوطنية»، بعد أن اتخذت «قراراً لا رجعة عنه بكسر الحصار». وفيما طالب «الأسرة الإنسانية بإجبار الاحتلال على وقف حصاره غزة»، طالب «الرئاسة والحكومة برفع الإجراءات العقابية وغير القانونية عن غزة، لتعزيز صمود المواطنين واستعادة الوحدة على أساس الشراكة».
يُذكر أن ناشطين فلسطينيين وعرباً وأجانب سيّروا سفناً لكسر الحصار عن القطاع للمرة الأولى عام 2008. ولم يتمكن سوى عدد قليل منها من الوصول، في حين اعتقلت قوات الاحتلال معظمهم وأعادته إلى بلاده، باستثناء «مافي مرمرة»، التي هاجمتها وقتلت فيها عشرة من المتضامنين الأتراك.
المصدر: الحياة اللندنية