ودع الليبيون أمس، السنة الثالثة من عمر “ثورة 17 فبراير” (2011) التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، بعدما قرر استخدام القوة آنذاك لمواجهة متظاهرين تجمعوا لإحياء ذكرى شباب ليبيين قتلوا برصاص الأمن أمام القنصلية الإيطالية في بنغازي عام 2006 خلال احتجاجهم على نشر رسوم غربية تسيء إلى الإسلام.
وبدل احتواء المتظاهرين والاقتصاص من قتلة أقاربهم عام 2006، أرسل القذافي ارتالاً من القوات لقمع المحتجين.
ويشير التقرير الذى أورده موقع جريدة الحياة، أن الاحتجاجات لم تتوقف، والتي حصلت لاحقاً على دعم دولي بقرار مجلس الأمن حماية المدنيين وفرض حظر جوي على نظام العقيد. وبعد كر وفر بين كتائب القذافي والثوار، استمر أكثر من 8 أشهر ألقي القبض على القذافي وقتل في مدينة سرت مسقط رأسه في 20 أكتوبر 2011. أتى ذلك بفضل تخلص الليبيين من عقدة الخوف، واستجابتهم لأصداء ثورتين في الجارتين: تونس (غرباً) ومصر (شرقاً).
ومع دخول “ثورة 17 فبراير” سنتها الرابعة اليوم، بدأت المقارنات مع تونس ومصر اللتين نجحتا في وضع اللبنات الأولى لإعادة بناء الدولة واجتياز المرحلة الانتقالية وصياغة دستور، في حين يرى كثير من الليبيين أن ثورتهم التي قدموا من أجلها آلاف الشهداء، فشلت في اللحاق بركب نظيرتيها في الدولتين الجارتين.
لم يتسن للمؤتمر الوطني العام (البرلمان الموقت) بعد 18 شهراً على انتخابه، إنجاز مهمته بصياغة الدستور قبل الموعد المفترض لنهاية ولايته في 7 الشهر الجاري، وذلك نتيجة “تجاذبات ومماحكات بين القوى داخل المؤتمر والميليشيات التي تدعم هذا الجانب أو ذاك”.
ورغم تمسك الشباب برمزية المناسبة ومحاولة بعضهم إحياء ذكرى “17 فبراير” بوسائل تعبيرية خلاقة ومبتكرة، فإن الشارع الليبي يوجه سهام النقد إلى المؤتمر الوطني، ويتهمه بإهدار الوقت وتبديد الأموال. وفي المقابل، لم تجد نفعاً محاولات البرلمان الانتقالي تقديم ذرائع ووعود لتمديد ولايته بضعة اشهر إضافية لاستكمال مهماته.
ومع اقتراب موعد انتخاب “لجنة الستين” (المكلفة صياغة دستور) في 20 الشهر الجاري، بدا الشارع الليبي ومعه الطبقة السياسية، في حال حيرة، يعاني كثرة التساؤلات عن “خريطة طريق” مفترضة تقوده إلى نهاية المرحلة الانتقالية، أو إلى مرحلة انتقالية جديدة يعود معها إلى نقطة الصفر، وهمه الأول والأخير استتباب الأمن والحد من انتشار السلاح، واستعادة أجواء الوحدة والألفة التي شهدتها البلاد في الأيام الأولى للثورة.
المصدر: وكالات