أطلقت مصادقة قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل على اتفاق لخروج المملكة المتحدة من التكتل (بريكزيت)، وعلى إعلان يحدّد علاقات الجانبين مسيرة طويلة وشائكة، يُفترض أن تنهي علاقة باردة بدأت قبل 45 سنة.
وحرصت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على تأكيد أن الاتفاق «هو الوحيد الممكن»، وشدد رئيسا وزراء جمهورية إرلندا وهولندا على أنه «لن تكون هناك خطة بديلة». لكن ماي تواجه تحدياً هائلاً لتسويقه، إذ يعارضه قياديون في حزبها الحاكم وفي «الحزب الوحدوي الديموقراطي» في إرلندا الشمالية، الداعم الرئيس لحكومة ماي في مجلس العموم (البرلمان).
ووصفت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الاتفاق بأنه «تحفة فنية ديبلوماسية» أُنجزت «في وضع صعب جداً»، بعد 17 شهراً من مفاوضات صعبة وأكثر من سنتين على استفتاء «بريكزيت». وأضافت: «إنه أمر مأسوي أن تنسحب بريطانيا من الاتحاد بعد 45 سنة».
لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث عن «لحظة حرجة بالنسبة إلى الاتحاد»، معتبراً أنه يحتاج إلى «إعادة تأسيس». ووصف الاتفاق مع لندن بأنه «جيد»، مستدركاً أن العلاقات المستقبلية معها «لا تزال تتطلّب تحديداً». وتطرّق الرئيس الفرنسي إلى إمكان رفض البرلمان البريطاني اتفاق «بريكزيت»، قائلاً: «سيكون على بريطانيا تقديم اقتراحات. ولكن علينا مسؤولية أن نكون مستعدين لكل الخيارات، وهذا ما فعلناه».
في السياق ذاته، حذرت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي من أن «طريق عملية الخروج ما زال طويلاً». وأشارت إلى أربعة احتمالات في حال رفض البرلمان البريطاني المصادقة على الاتفاق، بينها تنظيم استفتاء ثانٍ على «الطلاق» وتنظيم انتخابات جديدة والعودة إلى بروكسيل لمحاولة التفاوض مجدداً، إضافة الى خروج بريطانيا من الاتحاد في 29 آذار (مارس) 2019 من دون اتفاق.
وبعد نحو نصف ساعة على بدء قمة استثنائية لزعماء التكتل في بروكسيل أمس، أقرّ هؤلاء الاتفاق الذي يحدّد شروط «بريكزيت»، كما تبنّوا «إعلاناً سياسياً» يحدّد مستقبل علاقات التجارة الحرة بين الطرفين، يؤكد العمل لإرساء «أقرب علاقة ممكنة» مع لندن بعد «الطلاق».
وهناك وثائق ملحقة بالاتفاق، تتضمّن تأكيدات لإسبانيا في شأن دورها في المفاوضات حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد وجبل طارق، بعدما كاد خلاف حولها يطيح القمة الأوروبية. وقال مصدر حكومي إسباني إن بلاده هي الدولة «الوحيدة التي تملك مفتاح» هذه العلاقات، متحدثاً عن «نصر كبير».
واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن الدول الـ27 «توصلت في نهاية الأمر إلى أفضل تسوية ممكنة» و»اجتازت بنجاح اختبار الوحدة والتضامن». وأضاف: «هناك أمر واحد أكيد: سنبقى أصدقاء إلى الأبد».
وتحدث رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن «مأساة»، وزاد: «إنه افضل اتفاق ممكن، والاتفاق الوحيد الممكن. وأدعو جميع مَن سيصادقون عليه في مجلس العموم إلى أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار».
أما ميشال بارنييه، أبرز المفاوضين الأوروبيين في ملف «بريكزيت»، فشدد على أن الاتحاد سيبقى «شريكاً وصديقاً وحليفاً» للمملكة المتحدة بعد «الطلاق»، داعياً «الجميع إلى الاضطلاع بمسؤولياته».
في المقابل، جدّدت ماي دفاعها عن الاتفاق، قائلة: «إنه الأفضل والوحيد الممكن». ووجّهت «رسالة إلى الأمّة» ورد فيها «إنه اتفاق لمستقبل أكثر إشراقاً، يُتيح لنا اغتنام الفرص أمامنا. ستكون لدى البرلمان الفرصة لفعل ذلك خلال أسابيع، من خلال تصويت مهم. سأنفذ حملة بكلّ ما أوتيت من قوة، للفوز بهذا التصويت».
لكن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت أقرّ بأن حسابات البرلمان للموافقة على الاتفاق تبدو «عويصة»، مستدركاً أن رفضه سيثير «أخطاراً كبرى».
في المقابل، يصرّ «الحزب الوحدوي الديموقراطي» في إرلندا الشمالية على رفض الاتفاق، مهدداً بـ «مراجعة» تحالفه مع حزب المحافظين الحاكم.
المصدر: الحياة اللندنية