من جريدة الحياة اللندنية و من صحيفة الرأي نقرأ مقالا للكاتب جهاد الخازن تحت عنوان أي طريق ستسلك إيران الآن .. حيث يقول الكاتب “رفع العقوبات المكبِّلة على إيران يعني عودتها من منفى اختارته لنفسها إلى حظيرة الدول، ولكن هل تعود إيران جديدة تلتزم المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية أو إيران القديمة بما تُضمِر من طموحات فارسية؟ الجواب في بطن الغيب.
تخلي إيران عن برنامجها النووي إلى حين لا يعني شيئاً، وأطالب الدول العربية مرة أخرى ببدء برامج نووية عسكرية. أطالب تحديداً مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ببدء برامج عسكرية معلنة، فهي الطريقة الوحيدة لتنشط الولايات المتحدة ودول الشرق والغرب وتحاول تجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فلا تبقى إسرائيل، وهي دولة إرهابية محتلة تقودها حكومة مستوطنين، تملك وحدها ترسانة نووية مؤكدة تخيف بها الدول القريبة والبعيدة.
لو كان الحكم في إيران بيد الرئيس حسن روحاني وحكومته لشعرت ببعض الطمأنينة، غير أن الجمهورية الإسلامية يقودها مرشد غير مُنتَخَب، وآية الله علي خامنئي مسنّ ويعاني من أمراض، وليس في وضع أن يدير سياسة بلد بجحم إيران ويختار له ما ينفعه.
مع ذلك أغلِّب الأمل والرجاء على الواقع والتجربة، وأرجو أن تثبت إيران حسن نيتها ببدء مفاوضات مع الإمارات على مستقبل الجزر المحتلة الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وأن توقف تدخلها في سورية والعراق واليمن ولبنان.
أعرف إيران منذ أيام الشاه، وتجربتي في العمل تقول أننا لن نرى إيران جديدة، فما أخشى هو أن إيران، وقد صمدت لأربع سلال من عقوبات مجلس الأمن الدولي وعقوبات إضافية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد تشعر بأنها انتصرت ما يشجعها على الاستمرار في سياسة يشكو منها الجيران، وربما خوض مواجهات جديدة. مع ذلك الرئيس باراك أوباما يقول أن الاتفاق انتصار للديبلوماسية الصبورة، ويردّ خصومه بأنه استسلم لإيران. لا أصدقه ولا أصدقهم. الأميركيون رفعوا عقوبات ثم فرضوا عقوبات جديدة بسبب برنامج الصواريخ الإيراني.
إيران دفعت ثمن الاتفاق فهي صدَّرت 98 في المئة من وقودها النووي إلى روسيا، وفككت 12 ألفاً من أنابيب الطرد المركزي المستعملة في تخصيب اليورانيوم، وصبَّت الإسمنت فوق مفاعل رئيسي لوقفه عن العمل.
كان واضحاً في الأيام الأخيرة أن إيران تريد صفقة، فهي أعادت جنوداً أميركيين دخلوا مياهها الإقليمية بسرعة، وأطلقت خمسة رجال يحملون الجنسية الأميركية في مقابل إفراج الولايات المتحدة عن سبعة إيرانيين مسجونين بتهم كسر العقوبات على إيران، وسحب أسماء 12 آخرين من قائمة المطلوبين للعدالة في تهم مماثلة.
البرنامج النووي الإيراني العسكري ربما يكون قد أرجئ عشر سنوات أو 15 سنة، إلا أن إيران ستحصل فوراً على نحو 50 إلى مئة بليون دولار من أموالها المجمدة في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يجعلها قادرة على تمويل طموحات أخرى من نوع دعم أنظمة تؤيدها أو ميليشيات بالسلاح والمال.
ما أقول عن نفسي كمواطن عربي أن الصفقة مع إيران أثبتت أن الولايات المتحدة ليست حليفاً استراتيجياً لأي بلد عربي، ليست حليفاً لمصر وليست حليفاً للمملكة العربية السعودية أو غيرهما. حتى باراك أوباما، صاحب النوايا الحسنة، لم يستطع أن يغير شيئاً من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، فإسرائيل تديرها لمصلحتها بمساعدة الكونغرس وكل حديث آخر ضحك على العقول… والذقون. هذا يعني «شيك على بياض» لها من الولايات المتحدة لتتصرف إسرائيل كما تريد، تحتل وتقتل وتدمر بحماية أميركية.”
المصدر: جريدة الحياة