في محاولة لإحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية المتوقفة منذ ربيع ٢٠١٤، يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم نظيره الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض للبحث في آلية وخطوات تحفيزية تعززان مناخ أي محادثات وتساعد واشنطن في وضع استراتيجية للسلام، بعد شهور من الاستشارات و «لقاءات الاستماع» التي قادها المبعوث الأميركي جايسون غرينبلات.
اللقاء الأول بين ترامب وعباس يصاحب تحولاً جذرياً في مواقف الرئيس الأميركي قبل توليه الرئاسة، انعكس تحفظاً في شأن التوسع الاستيطاني وتراجع موقت عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وقال الخبير في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» غيث العمري لـ «الحياة» إن لقاء ترامب – عباس هو «لقاء تعارف واستماع» وهو «يستخلص الاجتماعات الاستشارية التي قامت بها الإدارة أخيراً»، وبينها كان لقاء ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وبعض القيادات العربية في واشنطن، وجولتين لغرينبلات في المنطقة.
وإذ استبعد العمري، الذي شارك سابقاً في فريق المفاوضات الفلسطينية، أي اختراق فعلي في اللقاء، أكد أن انعقاد القمة «بحد ذاته نجاح لعباس» في تعزيز موقع السلطة الفلسطينية وإعادة الملف إلى الواجهة الدولية، إلى جانب الانفتاح على الإدارة الجديدة، فيما اعتبر السفير الفلسطيني في واشنطن حسام زملط أن اللقاء «يشكل فرصة تاريخية للسلام» وأن الجانب الفلسطيني يتطلع «لشراكة استراتيجية» مع إدارة ترامب.
وسبق اللقاء زيارة لرئيس هيئة المفاوضات الفلسطينية صائب عريقات ورئيس جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية ماجد فرج واشنطن للتحضير لقمة ترامب – عباس.
واعتبر العمري أن زيارة عريقات وفرج تعني تركيزاً على الجانب الأمني، وقال إن واشنطن «تتطلع إلى خطوات من السلطة أكثر تشدداً في التعامل مع حركة حماس»، مشيراً إلى أن الوثيقة السياسية الجديدة التي أعلنتها «حماس» قبل يومين «لا تغير الكثير في حسابات الإدارة الأميركية أو موقفها من حماس. ولذلك، سيكون البحث بخطوات أمنية واقتصادية مبدئية على الطاولة».
وذكر العمري أن هناك أفكاراً متداولة في واشنطن في شأن عملية السلام، تتقاطع جميعها مع تشجيع جهود إقليمية وعربية لدعم الجانب الفلسطيني. وأوضح أن أي مظلة عربية من هذا النوع سيكون لها مقابل، بينها خطوات أميركية جدية في التصدي لدور إيران في المنطقة. وإحدى الأفكار المطروحة إمكان رعاية واشنطن للقاء بين عباس ونتانياهو، وهو ما قد يتم في حال زيارة ترامب المنطقة قبل نهاية الشهر.
وسيشارك في القمة ابنة الرئيس الأميركي ومستشارته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، إذ يتولى صهر ترامب الإشراف على عملية السلام وله علاقة جيدة بنتانياهو.
وفيما يأمل عباس بأن تؤدي زيارته إلى إيجاد مسعى أميركي جديد لإعادة إحياء العملية السياسية بما يعزز حل الدولتين ويمنعه من الانهيار، أعرب مسؤولون في حركتي «فتح» و «حماس» عن توقعات ضعيفة لنتائج هذا الاجتماع.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن إن «فتح لا تبني آمالاً كاملة على نتائج هذه الزيارة. وذكر الدكتور نبيل شعث المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني لـ «الحياة» أن عباس «سيحذر من نتائج انهيار حل الدولتين»، فيما أعرب جبريل رجوب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عن «التفاؤل بدور أميركي أكثر فاعلية في تحقيق حل الدولتين».
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية: «لا نتوقع أي شيء من هذه الزيارة، لأن المواقف الأميركية واضحة ومنحازة بالكامل إلى الكيان الصهيوني».
وقال المحلل الفلسطيني هاني المصري إن «عباس لديه نقاط قوة تبدأ بأن القضية الفلسطينية عادلة ومتفوقة أخلاقياً، وأن الشعب الفلسطيني مُستعد للصمود والكفاح من أجل تحقيق أهدافه. لكن نقطة الضعف الكبيرة جداً هي في استمرار الانقسام الفلسطيني وتفاقم أوضاعه في الأيام الأخيرة، ما سيجعل الرئيس في موقف ضعيف».
واستبعد استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت علي الجرباوي أن يمارس ترامب أي ضغط على نتانياهو، ورجح أن «يتوجه هذا الضغط إلى عباس للعودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، من دون وقف الاستيطان». وأضاف: «من الواضح أن ترامب يسعى إلى إقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل والدول العربية، وما نخشاه أن يتم ذلك على حساب القضية الفلسطينية».