قالت مصادر إيرانية مطلعة لـصحيفة الحياة اللندنية أن الزعيم الديني العراقي مقتدی الصدر حذّر مَن التقاهم من المسؤولين في طهران وقم من ممارسة ضغط عليه، لأنه لن يغيّر قناعاته «الوطنية»، وإلا سيضطر إلى الانتقال للإقامة في تركيا أو السعودية.
وألغى أنصار الصدر تظاهراتهم «المليونية» إلى أن يلتئم البرلمان، واكتفوا بالاحتجاج في بعض المدن العراقية والأحياء، فيما أبدى رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يواجه أزمة حادة، بسبب مقاطعة وزراء جلسات الحكومة، موقفاً حازماً من التحركات المعارضة.
ووصل الصدر إلى طهران الإثنين الماضي، والتقی الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني، ومسؤولين في «الحرس الثوري»، قبل إن ينتقل الی مدينة قم، حيث يقطن بعض أفراد عائلته، كما أعلن رئيس المكتب السياسي للتيار الصدري ضياء الأسدي.
وأفادت المصادر بأن الصدر زار خلال وجوده في قم مرشده الروحي المرجع الديني كاظم الحائري، إضافة إلی نائب رئيس مجلس خبراء القيادة الإيرانية عالم الدين محمود هاشمي شاهرودي. وقالت أن هدف زيارته هو إبلاغ رسالة إلى المسؤولين الإيرانيين، مفادها أن عليهم وقف الضغط عليه لتغيير قناعاته التي يعتبرها من «الثوابت الوطنية» وإذا لم يفعلوا سيكون «مضطراً لمغادرة إيران والإقامة في تركيا أو السعودية».
وكان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد علي خامنئي، استبق زيارة الصدر بتوجيه انتقاد حاد إلى تحركه واقتحام مجلس النواب العراقي، وما رافق ذلك من هتافات ضد إيران. وأصدر رئيس المكتب السياسي للتيار الصدري ضياء الأسدي بياناً الإثنين الماضي، قلّل فيه من أهمية زيارة الصدر طهران، وقال: «على الجميع أن يطمئن إلى أن سماحة السيد لو بقي في إيران نصف قرن لن يخضع لأي ضغط في أي أمر لا يراه من مصلحة العراق. وهو ما زال علی فتوی أبيه الشهيد المرجع في احترام الجمهورية الإسلامية والتعاون معها، كما يحترم أي دولة عربية أو إسلامية ويتعاون معها».
من جهة أخرى، أظهرت الحكومة العراقية التي تعاني الترهل ممانعة شديدة لعودة التظاهرات إلى أبواب المنطقة الخضراء، وتحركات كتل سياسية لإطاحة العبادي، ما يعني أنه يمر بأكثر الظروف السياسية حرجاً منذ توليه المنصب عام 2014.
وأغلقت الأجهزة الأمنية أمس كل مداخل بغداد، فضلاً عن معظم شوارعها، وانتشرت تشكيلات عسكرية قرب المؤسسات الحكومية، ولكن أُعيد فتح الطرق والجسور بعدما أعلن أنصار الصدر إلغاء تظاهراتهم ظهر أمس.
وكان العبادي حذّر في خطاب متلفز ليل الخميس من «استغلال» التظاهرات لجر العراق إلى «الفوضى والسلب والنهب»، معتبراً «الاعتداء» الذي تعرّض له مجلس النواب وأعضاؤه «مؤشراً خطيراً» إلى عدم احترام مؤسسات الدولة. وهدّد بمعاقبة كل من تسوّل له نفسه «الاعتداء» على حقوق المواطنين وأمنهم.
ودعا زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي النواب إلى الحوار والبحث عن مخرج توافقي لإنهاء الأزمة. واقترح المرجع الديني محمد تقي المدرسي تشكيل برلمان «شعبي» من «الحوزات العلمية وأساتذة الجامعات وشخصيات عشائرية وسياسية لمناقشة أوضاع البلاد، وفق مبدأ الشورى»، وطالب السياسيين بالتزام الدستور.