دعا حلف شمال الأطلسي الجمعة روسيا إلى “وقف أعمالها العسكرية غير المشروعة” في أوكرانيا وهي أعمال تنفيها موسكو في حين صرح الرئيس فلاديمير بوتين انه يتعين “إرغام” سلطات كييف على التفاوض مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وندد الأمين العام للحلف اندرس فوج راسموسن في ختام اجتماع طارىء لسفراء الدول الأعضاء ببروكسل “بأشد العبارات بازدراء روسيا الدائم بالتزاماتها الدولية” داعياً إياها إلى “وقف أعمالها العسكرية غير المشروعة ووقف دعمها للانفصاليين المسلحين واتخاذ الإجراءات الفورية التي يمكن التحقق منها بهدف وقف تصعيد هذه الأزمة”.
وبعد أكثر من أربعة أشهر من هذا النزاع بين الجيش الأوكراني ومتمردين مؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا ، سقط نحو 2600 قتيل بحسب الأمم المتحدة إضافة إلى آلاف الجرحى ومئات آلاف النازحين واللاجئين.
وكان الحلف الأطلسي أكد الخميس إن أكثر من ألف جندي روسي يقاتلون في أوكرانيا وانه تم حشد 20 ألف جندي روسي على الحدود.
ونفت وزارة الدفاع الروسية أي وجود لقوات روسية في شرق أوكرانيا. وقالت وفق ما أوردت وكالة انترفاكس ان اتهامات كييف ومسؤولين غربيين “لا علاقة لها البتة بالواقع” وهي “معلومات خاطئة”.
وطلب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الجمعة ان “يتوقف التهديد الروسي في شرق أوكرانيا” فيما نددت برلين بـ “التدخل العسكري” الروسي.
ويعقد القادة الأوروبيون السبت اجتماعا يبحثون فيه عقوبات جديدة محتملة ضد روسيا. وسيكون الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو حاضرا في بروكسل حيث سيستقبله رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته هيرمان فان رومبوي.
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته جوزيه مانويل باروزو الجمعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي من ان “أي عمل يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في أوكرانيا والمنطقة سيكون ثمنه باهظا” وندد بـ “التدخل والعمليات التي تنفذها وحدات عسكرية روسية على أرض أوكرانيا”.
على صعيد الميداني ، احكم الانفصاليون الجمعة قبضتهم على مدينة نوفوزفوسك قرب الحدود مع روسيا بعد يومين من الانسحاب السريع للجيش الأوكراني إثر هجوم مضاد للمتمردين. وجاب متمردون المدينة في سيارات بيك-اب.
وباتت الأنظار موجهة إلى ماريوبول (460 ألف نسمة) المرفا الاستراتيجي المهم على بحر ازوف الذي تطل عليه أيضا روسيا والقرم.
وإزاء تدهور الوضع أعلنت كييف الجمعة نيتها إعادة إطلاق عملية الانضمام إلى الحلف الأطلسي في الوقت الذي أعلن فيه راسموسن إن الحلف لم يغلق الباب أمام انضمام أوكرانيا التي كانت أعلنت في 2010 في عهد الحكومة المؤيدة لروسيا تخليها عن هذه العملية.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك في اجتماع لمجلس الوزراء إن “الحكومة ستقدم إلى البرلمان مشروع قانون يهدف إلى إلغاء وضع أوكرانيا كدولة خارج الحلف والعودة إلى طريق الانضمام إلى الأطلسي”.
من جانبه صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة انه يجب “إرغام” كييف على التفاوض حول “جوهر” القضية مع الانفصاليين الموالين لروسيا الذين يقاتلون الجيش الأوكراني في شرق البلاد.
وقال بوتين خلال قمة للشباب الروسي “يجب اجبار السلطات الأوكرانية على بدء مفاوضات حول جوهر القضية. لا حول مسائل تقنية (…) بل حول الجوهر (…): ماذا ستكون حقوق سكان دونباس ولوغانسك جنوب شرق البلاد”.
وتوجه بوتين في بيان بالخطاب إلى “ثوار روسيا الجديدة”، وهي عبارة يستخدمها منذ ابريل للإشارة إلى مناطق عديدة في شرق أوكرانيا وجنوبها.
ومصطلح “روسيا الجديدة” يعود إلى عهد القياصرة ويشير إلى أراض تخضع لسيطرة غير مباشرة لروسيا التي يمكن أن تكتفي بعمليات توغل عسكرية تهدف إلى دعم التمرد المؤيد لموسكو بما يزعزع بشكل دائم استقرار كييف ويكبح توجهها للتقارب مع الغرب.
وقال بوتين “إن الشعب الروسي والشعب الأوكراني هما تقريبا شعب واحد” وأكد أن القرم “الموقع المقدس” بالنسبة للروس لن تعود أبدا إلى هيمنة كييف.
وطلب الرئيس الروسي من المتمردين الانفصاليين فتح “ممر إنساني” للجنود الأوكرانيين المحاصرين منذ أكثر من أسبوع في مدينة ايلوفايسك الواقعة على بعد 40 كلم جنوب شرق دونيتسك معقل المتمردين.
من جهة أخرى ، وصف بوتين نظيره الأوكراني بعبارات إيجابية قائلا ان بترو بوروشنكو “شريك يمكن التحاور” معه ، لافتاً إلى انه توصل معه إلى اتفاق حول المساعدة الإنسانية في أوكرانيا ، وذلك في مقابلة بث التلفزيون الرسمي مقتطفات منها الجمعة.
وقال بوتين في هذه المقابلة التي سجلت الجمعة على ان تبث الأحد كاملة على القناة الأولى للتلفزيون الروسي الرسمي إن الاجتماع مع بوروشنكو الثلاثاء في مينسك كان “جيدا جدا ، هذا هو انطباعي ، كان صريحا جدا”.
وأكد الرئيس الروسي في مقتطفات بثت مساء الجمعة ان بوروشنكو “هو في رأيي نوع من الشركاء الذين يمكن التحاور معهم”.
وأوضح انه وافق على اقتراح من بوروشنكو يقضي بأن تنقل روسيا مساعدة إنسانية إلى شرق أوكرانيا من طريق السكة الحديد بعدما أدخلت الأسبوع الفائت قافلة إنسانية من طريق البر.
وقال بوتين “قررنا إن ننفذ خطة اقترحها الرئيس بوروشنكو لتقديم المساعدة (…) للأشخاص الذين يحتاجون اليها في لوغانسك ودونيتسك”.
ولوغانسك ودونيتسك هما المعقلان الرئيسيان للانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا والذين لا يعترفون بالسلطات في كييف منذ الاطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في فبراير.
وكانت روسيا أرسلت الأسبوع الماضي قافلة مساعدات إنسانية برا إلى لوغانسك بدون موافقة أوكرانيا.
وأضاف بوتين “سنسلم مواد غذائية وسلعا (أخرى) يحتاج اليها السكان عبر السكة الحديد. كان هذا اقتراحه (الرئيس الأوكراني) وقد وافقت على ذلك”.
المصدر: أ ف ب