يسدل الستار يوم الخميس المقبل على فعاليات المؤتمر العالمى للتنوع البيولوجى، الذى استضافته مدينة شرم الشيخ تحت شعار “الاستثمار فى التنوع البيولوجى من أجل صحة ورفاهية الإنسان وحماية الكوكب “.
ويعد المؤتمر واحدا من أكبر مؤتمرات الأمم المتحدة فى مجال التنوع البيولوجي، وقد شدد على مدى أيام انعقاده أن البشر هم من يحتاجون للبيئة وليس العكس، وأن الحفاظ عليها بتنوعها البيولوجى الرباني حتمية يفرضها احتياج البشر لمواردها واتزانها الطبيعي.
استضافة مصر للمؤتمر أكد أهتمام الدولة بقضايا التنمية المستدامة ، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى هذا القطاع بما يحافظ على البيئة ويدعم الحركة السياحية ، ويعزز الإهتمام بالمحميات الطبيعية التى تشكل حوالى ١٥ فى المائة من مساحة مصر موزعة على ٣٠ محمية طبيعية تستقبل آلاف الزوار سنويا.
ويمثل اختتام أعمال المؤتمر الذى تولت مصر رئاسته كأول دولة عربية وإفريقية تترأسه ، إيذانا ببدء مهمة قيادتها إتفاقية التنوع البيولوجى على مدى العامين القادمين “حتى عام ٢٠٢٠” ، كما يمثل شعار المؤتمر منهاج العمل الذى ستعمل مصر على تنفيذه على أرض الواقع، حيث عكس الشعار أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجى ، وأثر ذلك فى التعايش السلمى المتوازن بين الإنسان والبيئة.
الحفاظ على التنوع البيولوجى يعد كل إنسان على سطح الأرض بالحق فى الحياة ، إذا أحسن الاستثمار فى هذا المجال ، فهو القادر على توفير الطعام والدواء والحفاظ على الكنوز والثروات المدفونة فى باطن الأرض، بالإضافة إلى تأثيره الايجابى فى كبح جماح التغيرات المناخية والحد من تحول الأرض من مستودع للكربون لباعث للكربون ، إذ أنه من المؤكد أن تنوع الحياة على وجه الأرض لو احسن استغلاله واستثماره بالشكل الأمثل بعيدا عن الاحتكار وجمع الثروات ، فإن ذلك سيحد من معدلات الفقر والبطالة والمرض فى العالم.
وبحسب ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته خلال افتتاح المؤتمر ، فإن استهلاك العالم يزيد سنويا بنسبة ٣٠ فى المائة عما تنتجه النظم البيئية من موارد ، وأن التنوع البيولوجى يواجه مخاطر غير مسبوقة تتطلب تضافر الجهود حول العالم لحمايته ، مطلقا مبادرة مصرية للتنوع البيولوجى من شرم الشيخ تتضمن دمج أنشطة ثلاث اتفاقيات دولية ” التنوع البيولوجى والتغيرات المناخية والتصحر ” لارتباطها وتأثيرها المشترك والمتداخل فى حياة الشعوب مما يعزز الاستفادة منها خاصة وان كل منها يختص بجزء حيوى يؤثر فى اختصاص الإتفاقيتين الأخريين.
أنشطة بشرية ساهمت فى انحدار كبير فى التنوع البيولوجى على كوكب الأرض بوتيرة هى أسرع من أى وقت مضى، وخيارات قاسية ستكون مفروضة اذا استمر تدمير الطبيعة بهذا المعدل ، ودعوة متجددة لحث دول العالم على انقاذ التنوع البيولوجى والحفاظ عليه ، وعدم ممارسة ما يخل بتوازنه الطبيعى وانقاذ موارد الطبيعة المهددة بالإنقراض ، حيث كشفت الاحصائيات أن كوكب الأرض يفقد يوميا عددا من الكائنات الحية ، فهناك 150 نوعا من الكائنات الحية من 12 مليون نوع يتم اختفاؤها من على سطح الأرض يوميا ، وتتعرض ٨٧ فى المائة من مصائد العالم للتناقص الشديد، ويؤدى إزالة الغابات إلى فقد أنواع من النباتات والجينات الحيوية بما يؤثر سلبا على دورة الحياة البيولوجية فى العالم ، بالإضافة إلى التهديد بإنقراض الشعاب المرجانية فى البحار والمحيطات نتيجة زيادة نسبة الملوحة التى تعد أكبر خطر على النظم البيئية ، كما يعد استخدام الأكياس البلاستيك من أعداء التنوع البيولوجى سواء بحرقها أو القائها فى المياة فتدمر الثروة البحرية والنظم البيئية بكل أنواعها.
وتزامن عقد المؤتمر مع مرور ٢٥ عاما على توقيع اتفاقية التنوع البيولوجي ، إحدى المعاهدات متعددة الأطراف التى ينظر إليها على أنها وثيقة رئيسية بشأن التنمية المستدامة ، وكانت مصر قد بادرت بتوقيعها ، إدراكا منها بأهميتها فى حفظ التنوع البيولوجي “أو التنوع الحيوى “، والاستخدام المستدام لمكوناته، والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية “الجينية”، وبعبارة أخرى فإن الهدف من الإتفاق هو وضع استراتيجيات وطنية للحفاظ والاستعمال المستدام للتنوع البيولوجي، حيث فتح باب التوقيع على الاتفاقية في مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو الذى عقد فى البرازيل فى عام 1992 ، ودخلت حيز التنفيذ آخر عام 1993.
الاتفاقية تذكر صناع القرار أن الموارد الطبيعية ليست نهائية، وتحدد فلسفة الاستخدام المستدام، فيما تهدف جهود المحافظة الماضية إلى حماية الأنواع والموائل المعينة التي تعترف بالاتفاقية، وأن النظم البيئية “الإيكولوجية”، والأنواع والجينات يجب أن تستخدم لصالح البشر.. ومع ذلك ينبغي أن يتم ذلك بطريقة وبمعدل لا يؤدي إلى انخفاض على المدى الطويل للتنوع البيولوجي، وتقر الحاجة إلى استثمارات كبيرة للحفاظ على التنوع البيولوجي تجلب للبشر الحفاظ على الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية الهامة في المقابل.
والهيئة الإدارية للاتفاقية هو مؤتمر الأطراف الذي يتألف من جميع الحكومات “ومنظمات التكامل الاقتصادي الإقليمية” التي صدقت على المعاهدة.. وتستعرض هذه السلطة المطلقة التقدم المحرز في إطار الاتفاقية وتحدد أولويات جديدة ومجموعات عمل خطط للأعضاء.. ويمكن للأطراف إجراء التعديلات على الاتفاقية وإنشاء هيئات استشارية من الخبراء واستعراض التقارير المرحلية من قبل الدول الأعضاء والتعاون مع المنظمات والاتفاقات الدولية الأخرى.
إعادة التنوع البيولوجى لوضعه الطبيعى بات ضرورة ملحة لان الخلل فيه يشكل تهديدا لاتقل جسامته عن التغير المناخى ، وليكن الحفاظ على التنوع البيولوجي هو “الاهتمام المشترك للبشرية” ، وجزءا لا يتجزأ من عملية التنمية، الذى يجب أن يراعى فيه التوازن بين جهود المحافظة التقليدية إلى الهدف الاقتصادي من استخدام الموارد البيولوجية على نحو مستدام ، ويدعو إلى التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية “الجينية “، لا سيما الموجهة للاستخدام التجاري.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)