الحريري: صيغة الحكومة التي قدمتها من الخبراء غير الحزبيين وبلا “ثُلث معطل” لإنقاذ لبنان
أكد رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، اليوم الأحد، أن التشكيلة الحكومية المقترحة التي قدمها إلى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، جميع الوزراء بها من الاختصاصيين (الخبراء) غير الحزبيين، وتخلو من “الثُلث الوزاري المعطل” باعتبار أن هذا الأمر هو السبيل الوحيد لإنقاذ لبنان وانتشاله من الأزمات التي تعصف به.
وقال الحريري، في كلمة متلفزة اليوم بمناسبة حلول الذكرى الـ16 لاغتيال والده رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري، إن من يمنع تشكيل الحكومة الجديدة، إنما يحول دون إطلاق مسيرة الإصلاحات الضرورية التي يحتاجها لبنان، ويساهم في تعميق الأزمات الاقتصادية ويُسرع الانهيار القائم على نحو من شأنه إطالة معاناة اللبنانيين ودفعهم نحو انفجار مجتمعي كبير.
ونفى الحريري، بصورة قاطعة، أن يكون قد استأثر بعملية تشكيل الحكومة الجديدة، أو الاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية على نحو من شأنه “تهميش الموقع المسيحي الأول في لبنان”، مشيراً إلى أن جميع هذه الادعاءات غير صحيحة بالكامل، وأن التشكيلة الحكومية التي سبق وقدمها للرئيس اللبناني ميشال عون، تضم 4 وزراء رشحهم رئيس الجمهورية بصورة مباشرة، إلى جانب وزير خامس مقرب بشكل كبير من الرئيس.
وشدد على أنه لن يقبل مطلقا أن تكون الحكومة المقبلة، حاملة لثُلث معطل، باعتبار أن كافة التجارب الحكومية السابقة، أظهرت أن هذا الأمر يعرقل العمل الحكومي والمضي قدما في الإصلاح والإنجاز، ويجعل الحكومة خاضعة للمقايضة والأهواء السياسية المعطلة.
وأشار الحريري إلى أنه لمس خلال اللقاءات والاتصالات التي أجراها مؤخرا مع زعماء الدول العربية والأجنبية، حرصا على دعم لبنان ومساعدته على النهوض وإعادة الإعمار، شريطة البدء في الإصلاح، مؤكدا أنه يزور الدول العربية والعالم لحشد الدعم لصالح لبنان، وترميم العلاقات اللبنانية – العربية وجلب المساعدات باعتبار ألا مخرج للبنان من أزماته الكبيرة بدون الأشقاء العرب، مع التوقف عن استخدام لبنان منصة للهجوم على الدول الخليجية.
وقال الحريري، إن سليم عياش (أحد الكوادر العسكرية بحزب الله) الذي أدانته مؤخرا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال رفيق الحريري، هو “أحد قتلة” رئيس الوزراء الراحل، وأن الحكم يجب أن يُنفذ عبر تسليم عياش إلى العدالة، إلى جانب ضرورة أن يتوقف “مسلسل الاغتيالات” الذي يشهده لبنان.
وأضاف “غضب الناس انفجر منذ 16 شهرا (انتفاضة 17 أكتوبر 2019) ويتفاقم كل يوم، ومن حقه أن يكبر، ويجب أن يكبر. الحل موجود ومعروف وجاهز. في كل لقاءاتي العربية والدولية وفي كل اتصالاتي التي أجريها، هناك جاهزية واستعداد بل وحماس لمساعدة لبنان لوقف الانهيار ولإعادة إعمار بيروت، لنعطي أفقا للبنانيين، وليعرفوا كيف سيكون الحل لسعر صرف الليرة ولأموالهم بالبنوك ولأكلهم وللدواء وللأقساط ولمستقبلهم ومستقبل أولادهم”.
وتابع “كل ذلك ينتظر كبسة زر، عبر تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، قادرة أن تحقق الإصلاحات المطلوبة، والتي فصلتها ووضعت لها خريطة طريق مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. غير ذلك، لا أحد مستعد، ولا أحد سيساعد، والانهيار سيكمل حتى الانفجار الكبير”.
وأكد أن كل مستثمر لبناني أو غير لبناني يطالب أن يبدأ الإصلاح قبل أن يبادر إلى الاستثمار في لبنان، وأن تتغير آليات العمل وعقلية إدارة الدولة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الراهن، مشيرا إلى أن هذين الشرطين يشكلان جوهر المبادرة الفرنسية لدعم وإنقاذ لبنان.
وأشار إلى أنه اجتمع برئيس الجمهورية ميشال عون على مدى 16 لقاء منذ تكليفه بترؤس وتشكيل الحكومة الجديدة، وأن “عون” سلمه يدا بيد خلال اللقاء الثاني بينهما، لائحة بالأسماء التي يجدها مناسبة برأيه للتوزير، وأنه (الحريري) حينما التقى به لاحقا قدم له تشكيلة من 18 وزيرا من الاختصاصيين غير الحزبيين، القادرين على أن ينفذوا كفريق متكامل الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار وإعادة إعمار العاصمة بيروت.
وأوضح أن التشكيلة الحكومة التي أعدها، ليس بها ثُلث وزاري معطل، وتتضمن 4 وزراء من اللائحة الرئاسية التي تسلمها من “عون” تنطبق عليهم مواصفات الاختصاص وعدم الانتماء الحزبي والكفاءة.
واستنكر الحريري “الحملة” التي شُنت ضده عبر وسائل الإعلام من قبل الفريق السياسي لرئيس الجمهورية (التيار الوطني الحر) والتي اعتبرت أنه اعتدى على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين.
وقال “من ينتمي لمدرسة سياسية، استشهد من 16 سنة في مثل هذا اليوم مؤسسها، رفيق الحريري، وهو يقول أوقفنا العد، والمسيحيون نصف الدولة اللبنانية بغض النظر عن الأعداد، لا يُمكن أن يُتهم بالاعتداء على حقوق المسيحيين”.
وأضاف “ذهبت منذ يومين إلى الرئيس ميشال عون وقلت له، إذا كنت تريد تغيير أسماء بين الحقائب الخمسة فقل لي. أنا جاهز. سمّ لي لكل حقيبة 3 أو 4 أسماء تنطبق عليها المواصفات، وأنا مستعد أن أختار الأفضل من بينها للحقيبة.. أكثر من ذلك، قلت له إذا كانت هناك حقيبة لا تناسبك، أو اثنتين، وتريد أن تغيرهما، فقل لي. أنا منفتح لأبحث بالأمر وأجد حلا”.
وتابع “قلت أيضا للرئيس إذا كنت لا تريد الاسم الذي اقترحته لوزارة الداخلية فأنا مستعد أن أقترح على فخامتك 3 أو 4 أسماء لهذه الوزارة، وأن تختار الأنسب لك من بينهم.. أين الاعتداء على صلاحيات الرئاسة لا سمح الله؟ وأين الاعتداء على حقوق المسيحيين لا سمح الله ألف مرة؟”.
وتوجه الحريري إلى التيار الوطني الحر قائلا “أين كنتم أنتم من حقوق المسيحيين حين بقيت الرئاسة شاغرة حوالي 3 سنين؟ هذا الكلام لا يقال لسعد الحريري الذي قام بكل شيء ليضع حدا للفراغ في المنصب المسيحي الأول بالدولة وصولا لانتخاب الرئيس ميشال عون.. تريدون أن تتحدثوا عن حقوق المسيحيين؟ إن لم يكن هناك اقتصاد واستقرار، ولم تكن هناك دولة، فليس هناك حقوق لا للمسيحيين ولا لغيرهم.. حقوق المسيحيين هي ببساطة حقوق اللبنانيين. حقوقهم أن نوقف الانهيار ونعيد إعمار بيروت ونوقف الكارثة التي تعصف بالجميع مسلمون ومسيحيون”.
وأكد أن حقوق اللبنانيين، بغض النظر عن طوائفهم، أن يتم القيام بالإصلاحات وتغيير طريقة العمل والعقلية بكاملها وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم، وتوفير الكهرباء وتحقيق استقلال القضاء.
وشدد الحريري على أنه لن يفقد الأمل بإمكانية وقف الانهيار وإعادة لبنان على طريق التعافي. مضيفا: “وبانتظار الفرج، كما رأيتم، أنا أزور الدول العربية، والدول بالمنطقة وبالعالم، لأحشد الدعم للبنان ولأرمم العلاقات وخصوصا العربية، حتى ينطلق الحل بسرعة عندما تتشكل الحكومة، وستتشكل الحكومة، لأنه ليس هناك مخرج من الأزمة بمعزل عن العرب والمجتمع الدولي ومن دون مصالحة عميقة مع الأشقاء العرب والتوقف عن استخدام البلد منصة للهجوم على دول الخليج العربي وتهديد مصالح اللبنانيين”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)