سلطت صحيفة “التلجراف” البريطانية الضوء على الحيرة التي انتابت العلماء البريطانيون حيال لقاح استرازينيكا المضاد لفيروس كورونا، وسط توقف مزيد من الدول عن استخدام اللقاح بعد الإبلاغ عن حالات الإصابة بجلطة دموية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء، أن حملة الاتحاد الأوروبي للتطعيم ضد فيروس كورونا تغرق في فوضى جديدة بعد أن علقت الدول الأوروبية الكبرى استخدام لقاح استرازينيكا بسبب مخاوف من تجلط الدم.
ورأت الصحيفة البريطانية أن هذه الخطوة – التي وصفها علماء بريطانيون بأنها “محيرة” – تتعارض مع نصيحة الجهة التنظيمية المعنية بالأدوية في الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية، اللتين قالتا إن اللقاح آمن.
ووفقا للصحيفة البريطانية، أعلنت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وقف استخدام لقاح استرازينيكا مؤقتا حتى انتهاء تحقيق وكالة الأدوية الأوروبية – التي من المقرر أن تعقد اجتماعًا أوليًا في وقت لاحق من اليوم.
وكانت الدنمارك وهولندا وأيرلندا وبلغاريا قد علقت بالفعل استخدام اللقاح ، وكذلك أيسلندا والنرويج وتايلاند وإندونيسيا من خارج الاتحاد الأوروبي، بعد تقارير عن وفيات بسبب تجلط الدم.
وأوقفت النمسا وإستونيا ولاتفيا ولوكسمبورج وليتوانيا حملة التطعيم ضد الفيروس التاجي بلقاح استرازينيكا.. وكانت هذه الجرعات جزءا من مجموعة من مليون جرعة أرسلتها الشركة إلى 17 دولة أوروبية.
وأفادت التلجراف بأن بريطانيا استخدمت حتى الآن أكثر من 11 مليون جرعة من لقاح استرازينيكا، وقالت الجهة التنظيمية المعنية بالأدوية ومنتجات الرعاية الصحية إن عدد الجلطات التي سجلتها لم يكن أكثر مما كان يحدث بشكل طبيعي، وأضافت أن فوائد اللقاح تفوق المخاطر.
ونقلت عن فيل بريان رئيس إدارة سلامة اللقاحات في وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، قوله إن “عدد الجلطات الدموية المبلغ عنها بعد الحصول على اللقاح ليس أكبر من العدد الذي يحدث بشكل طبيعي بين الأشخاص الذين تلقوا التطعيم.. ولا يزال يتعين على الأشخاص الذهاب للحصول على اللقاح المضاد لكوفيد-19 عندما يُطلب منهم ذلك”.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الأزمة هي الأحدث التي تضرب حملة التطعيم ضد فيروس كورونا في الاتحاد الأوروبي – الذي عانى من التأخيرات ونقص الإمدادات – وأحدث تطورا في علاقات استرازينيكا المتوترة مع كتلة الاتحاد الأوروبي.
من جانبها، قالت وكالة الأدوية الأوروبية أمس إن آلاف الأشخاص يصابون بجلطات دموية سنويًا في الاتحاد الأوروبي لأسباب مختلفة، وذلك تعقيبا على التقارير حول تسجيل سبع حالات لجلطات دماغية لدى أشخاص تناولوا اللقاح.
وأضافت أن وكالة الأدوية الأوروبية حاليًا ما زالت متمسكة بالرأي القائل بأن فوائد لقاح استرازينيكا في الوقاية من كوفيد-19 وما يرتبط به من مخاطر تفوق الآثار الجانبية.
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى سوميا سواميناثان كبيرة العلماء بمنظمة الصحة العالمية، القول إن على الدول الاستمرار في استخدام اللقاح “في الوقت الحالي”… ومع ذلك، أعلنت الدول الأوروبية الكبرى عن تعليق “احترازي” لاستخدام لقاح استرازينكا.
وقال وزير الصحة الألماني ينس سبان ” لم يكن قرار تعليق التطعيمات مع استرازينكا سهلاً بالنسبة لنا .. إنه إجراء احترازي بحت”.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “تعليق التطعيمات بلقاح استرازينيكا كإجراء احترازي، على أمل استئنافه بسرعة إذا سمح قرار وكالة الأدوية الأوروبية بذلك”.
وقالت إيطاليا أيضًا إن تعليقها لجرعات استرازينيكا كان إجراء احترازيًا في انتظار تقييم وكالة الأدوية الأوروبية، التي ستعقد اجتماعًا استثنائيًا بعد غد الخميس لمناقشة ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من الإجراءات.
وأعلنت وكالة الأدوية النرويجية أمس وفاة أحد العاملين الصحيين الثلاثة الذين تم نقلهم إلى المستشفى في النرويج الأسبوع الماضي بسبب “جلطات دموية خطيرة أو نزيف في المخ”.. والاثنان الآخران مازالا فى حالة صحية خطيرة .. وتوفي عامل صحي نرويجي ثان كان قد تلقى اللقاح الجمعة الماضية.
وقالت شركة استرازينيكا إنها على علم بـ 37 حالة فقط من جلطات الدم المرتبطة باللقاح من بين 17 مليون جرعة.
ونسبت التلجراف إلى مايكل هيد الزميل الباحث في الصحة العالمية بجامعة ساوثهامبتون، القول إن: “قرارات فرنسا وألمانيا ودول أخرى تبدو محيرة”، محذرا من عواقب وقف طرح اللقاح في حالة الجائحة على استعداد الناس للتطعيم.
وأشارت إلى إحجام الناس وترددهم في فرنسا وألمانيا في قبول لقاح استرازينيكا بعد أن قال ماكرون في يناير الماضي إن اللقاح كان “شبه غير فعال” في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، وزعمت بعض التقارير في وسائل الإعلام الألمانية أنها كانت فعالة بنسبة 8 % فقط في كبار السن.
وتجاهلت سلسلة من دول الاتحاد الأوروبي نصيحة وكالة الأدوية الأوروبية وفرضت حدودًا عمرية لاستخدام اللقاح، قبل السماح لها لاحقًا باستخدامها على كبار السن.
وقالت كندا وأستراليا وبلجيكا – الأعضاء في الاتحاد الأوروبي – إنها ستواصل استخدام لقاح استرازينيكا.. وأصبح رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أوشا أول شخص يتلقى لقاح استرازينيكا في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا اليوم الثلاثاء قائلاً إنه يفعل ذلك “لتعزيز الثقة لدى عامة الناس”.
ووفقاً لتقديرات شركة (إيرفينيتي)، وهي شركة أبحاث مقرها لندن، يمكن أن يتسبب التطور الجديد في علاقة استرازينيكا المتوترة مع الاتحاد الأوروبي في تأجيل لمدة شهر واحد هدف الكتلة المتمثل في تطعيم 75 % من سكانها البالغين بحلول 21 سبتمبر.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)