أشعلت قضية التصويت عبر البريد حدة التنافس على الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن، وباتت مسألة خلافية بسبب جائحة كورونا، إذ يدعو الديمقراطيون إلى استخدام بطاقات الاقتراع البريدية على نطاق أوسع، لكن الرئيس ترامب يعارض هذا الأمر بزعم أنه يؤدي إلى مزيد من التزوير في الانتخابات.
ويقول المراقبون إن معركة التصويت البريدي ستكون إحدى أهم القضايا التي يتجاذب أطرافها من الجمهوريين والديمقراطيين، من أجل العبور الآمن لرئاسة البيت الأبيض، وستكون قضية مثار جدل كبير.
ورغم استخدام هذه الآلية في انتخابات 2016، التي فاز فيها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، لكنه يعارضها، ويعمل على الانتقاص من كفاءة الخدمات البريدية وشيوع حالة من عدم الثقة في قدرتها على استيعاب الانتخابات الرئاسية.
وفي الثالث من سبتمبر الجاري، بدأت عمليات الاقتراع بالبريد في ولاية كارولاينا الشمالية للاختيار بين الرئيس دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، في معركة انتخابية ساخنة من المقرر أن تضع أوزارها في الثالث من نوفمبر المقبل.
وبدأت كارولاينا الشمالية في إرسال أكثر من 600 ألف بطاقة اقتراع بريدية، وهو إجراء تعتمده تسع ولايات أمريكية، لتلبية الطلب الكبير على التصويت بالبريد لتجنب الذهاب إلى مراكز التصويت، خوفا من الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، الذي أصاب حتى الآن أكثر من 6.4 مليون أمريكي وأودى بحياة نحو 193 ألفا آخرين.
ويشترط قانون الانتخابات الأمريكي وصول بطاقة الاقتراع إلى مكتب البريد بفترة كافية ليتم البدء بحصرها وفرزها قبل أسبوع على الأقل من الموعد الرسمي للتصويت في الثالث من نوفمبر، وهو ما شكك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جدواه، وصولا به إلى القول بأنه يفتح نافذة واسعة لتزوير الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
فقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن جميع الانتخابات التي أجريت عبر البريد كانت كارثية وفاشلة، واتسمت بعدد كبير من أوراق الاقتراع المفقودة والتزوير.
وأضاف ترامب في تغريدة على “تويتر” قائلا: “معظم الانتخابات الأخيرة التي استخدمت النظام على الرغم من أنه كان هناك عدد أقل من بطاقات الاقتراع لفرزها انتهى بكارثة، حيث ضاع عدد كبير من بطاقات الاقتراع وتعرضت للتزوير”.
كان الرئيس ترامب قد شن حملة ممنهجة ضد عملية التصويت بالبريد، تمثلت في رفضه التوقيع على 25 مليار دولار قيمة تمويل طارئ لخدمة البريد، لكن مجلس النواب الأمريكي نجح في تمرير مشروع “قانون التوصيل من أجل أمريكا” في إطار تمويل طارئ لمواجهة آثار فيروس كورونا، كان مجلس محافظي خدمة البريد الأمريكية قد طلبه.
وبموجب ذلك سيتعين على هيئة البريد التعامل مع كل الرسائل الخاصة بعملية الاقتراع باعتبارها من فئة بريد الدرجة الممتازة.
وحتى يناير 2021، سيكون محظورا على هيئة البريد إدخال أي تغييرات على عمليات أو مستويات الخدمة من شأنها التقليل من سرعتها أو كفاءتها أو موثوقيتها، بما في ذلك إغلاق مكاتب بريد أو تقليص عدد ساعات العمل بها، أو إزالة ماكينات الفرز وصناديق البريد، أو وقف العمل بنظام الساعات الإضافية، ومن شأن هذا التشريع أن يوقف استقطاعات وتغييرات في خدمة البريد الأمريكية.
كان المتحدث باسم بايدن “أندرو بيتس”، قد انتقد معارضة ترامب لإصلاح وتهيئة الخدمة البريدية من أجل الانتخابات معتبرا أن الرئيس الأمريكي يريد أن يحرم الأمريكيين من حقهم الأساسي في التصويت بأمان خلال أشد أزمة صحية عامة كارثية منذ أكثر من 100 عام”.
الجدير بالذكر أن خدمة البريد الأمريكية تعاني منذ فترة طويلة من تراجع أداء الخدمة رغم الثورة التكنولوجية والتقنيات السريعة، ويُرجع معارضو الرئيس ترامب، تدهور الأداء إلى السياسات التي اختارها ترامب لتشغيل الخدمة، حيث يواجه مدير عام البريد، لويس ديجوي، الذي تبرع بملايين لحملة ترامب ولجمهوريين آخرين، اتهاما بتعمد تقويض ثقة الجمهور في الخدمة لمنع الناخبين من التصويت بالبريد.
ولم يقتصر الجدل حول التصويت على الديمقراطيين فقط بشأن رفضه عمليات التصويت البريدي، إنما امتدت لتصل إلى انتقادات موجهه من الجمهوريين أنفسهم، وهنا جاء تحذير كيفين مكارثي، زعيم الكتلة البرلمانية الجمهورية في الكونجرس الأمريكي للرئيس ترامب من عدم الاستفادة من التصويت البريدي، والتي قد تتسبب في خسارة حصة كبيرة من الأصوات، خصوصاً من كبار السن باعتبارهم الأكثر عرضة للإصابة بعدوى فيروس كورونا.
كما نبه مكارثي ترامب من أن معركته ضد التصويت بالبريد قد تأتي بنتائج عكسية، وأنه إذا قرر الناخبون الجمهوريون، البقاء في المنزل يوم الانتخابات، بسبب كورونا، ربما يخسر الجمهوريون، لإصرار الديمقراطيين على عملية التصويت البريدي.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)