قالت صحيفة “التايمز” في مقال نشرته بعنوان “لماذا قد تضطر الولايات المتحدة لقصف إيران؟”.
تستهل الصحيفة مقالها مشيرة إلى تهديد إسرائيل والولايات المتحدة بقصف إيران منذ سنوات عدة، مسترجعا التصريح الذي أدلى به جون ماكين عام 2007، أثناء ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية، عندما قال مازحا إنه يريد “قصف إيران بالقنابل …”، مرددا كلماته بمحاكاة لحن أغنية أمريكية بعنوان “بيتش بويز” لباربرا آن.
وفي عام 2015، دعا جون بولتون، وكيل وزارة الخارجية السابق لشؤون الحد من التسلح في عهد جورج دبليو بوش، إلى شن عمل عسكري، وذلك في مقال بعنوان “لوقف القنبلة الإيرانية، (يلزم) قصف إيران”، وقال حينها: “الوقت قصير للغاية، لكن لا يزال بإمكان الضربة أن تنجح”.
وتولى بولتون منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بيد أنه أخفق في تنفيذ مراده. بل إن ترامب سخر من ميوله العدوانية، قائلا إن بولتون أراد “ضرب” كل بلد لا يعجبه بالسلاح النووي، حتى أنه سأله ذات مرة عما إذا كانت أيرلندا “على قائمته” للدول التي يريد غزوها.
وتتحدث الصحيفة عن أنباء مسربة تفيد بأن القادة العسكريين الأمريكيين والإسرائيليين يخططون لمناورات مشتركة تهدف إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وتهدف محادثات فيينا إلى إحياء اتفاق عام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل استئناف تخفيف العقوبات المفروضة عليها، لكن هذه المرة، تغيرت الأمور بالفعل.
أولا، اتخذت إيران خطوات تفضي بشكل لا لبس فيه إلى بناء سلاح نووي، بعد أن قامت بتخصيب يورانيوم بنسبة نقاء 60 في المئة، وهي نسبة لا تقل كثيرا عن نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع القنبلة، وتتجاوز بكثير أي نسبة تستخدم في تطبيقات غير عسكرية، كما اعترفت مؤخرا، ولأول مرة، علانية بأن برنامجها النووي يحتوي على عناصر عسكرية.
ثانيا، اتخذت إسرائيل خطوات نشطة عسكريا لمنع حدوث ذلك، إن صدقت التسريبات. ففي أكتوبر نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحكومة الجديدة، برئاسة نفتالي بينيت، خصصت ما يُعادل 1.1 مليار جنيه إسترليني لطائرات وطائرات مسيّرة وقنابل خارقة للتحصينات لمواجهة إيران إذا لزم الأمر.
كما أعلنت القوات الجوية الأمريكية قبل أيام عن نجاح اختبار لقنبلة خارقة للتحصينات موجهة بالليزر، وهذا النوع من القنابل له أهمية قصوى، فهو مصمم لاختراق حواجز صلبة من النوع الذي بنته إيران حول مواقعها النووية، والعديد منها مدفون في أعماق الجبال.
وأشارت الصحيفة إلى تصريح أدلى به وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأسبوع الجاري، عندما قال إنه “غير متفائل” بمحادثات فيينا.
وتضيف الصحيفة أن المتأمل لهذه التصريحات يرصد عدم تنصل أي إدارة أمريكية على الإطلاق من الاحتمال النظري لمهاجمة إيران. وقد أوضح بلينكن وفريقه أن “الخيارات الأخرى” إلى جانب المحادثات مطروحة على الطاولة.
حتى روبرت مالي، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، قال إن الولايات المتحدة “لن تقف مكتوفة الأيدي” إذا تقدم البرنامج النووي الإيراني، كما نُقل عن “مسؤول أمريكي” مؤخرا، في إفادة بشأن القرارات الأمريكية وما سيحدث إذا فشلت المفاوضات، قوله: “عندما يقول الرئيس بايدن إن إيران لن تحصل أبدا على سلاح نووي، فهو يعني ذلك”.
وتقول الصحيفة إن البيت الأبيض في عهد بايدن والنظام في طهران يؤمن كل منهما رسميا باتفاق 2015، وأنه يجب إحياؤه الآن، وكلاهما يتنصل من قرار الرئيس ترامب بانسحابه الأحادي وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران.
وتقول الصحيفة إن السؤال بالنسبة للأمريكيين يظل ما إذا كان التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط ممكنا في الواقع، عسكريا أو سياسيا. كما يوجد شك واسع النطاق في أن إسرائيل، رغم كل تهديدات رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، والتصريحات الغاضبة من خليفته، بينيت، ووزير الدفاع، بيني غانتس، مستعدة أو مسلحة لحرب كهذه.
وتضيف الصحيفة أن بعض المصادر تصر على أن الهجوم يجب أن يكون “سهما في القلب”، ليس فقط لإلحاق الضرر بالبرنامج النووي بل تدميره، بيد أن المشككين يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يقول أفنير كوهين، وهو مؤرخ إسرائيلي وخبير في سياسات الردع النووي في البلاد، إنه إذا كانت إيران مصممة على امتلاك القنبلة، فسوف يتطلب الأمر تغيير النظام في طهران لوقفها.
وتضيف الصحيفة انه في صحيفة “هاآرتس” اليومية: “جاهل من يعتقد أن قوة خارجية، سواء كانت وكالة استخبارات (الموساد أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية) أو الجيش، يمكنها ردع بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة، ببنية تحتية نووية وصناعية من النوع الموجود الآن في إيران”.
ويقول كوهين: “صحيح أنه من خلال الخداع، من الممكن إحداث ضرر وتأخير ما لا مفر منه، وفي أفضل الأحوال كسب عام وربما أكثر على نحو ما، لكن علينا أن نفهم أنه لا توجد قوة خارجية يمكن أن تمنع إصرار إيران على صنع أسلحة نووية، إلا من خلال غزو عسكري شامل”.
وهذا بالتأكيد يفوق قدرة إسرائيل وإرادتها. كما أنه يتجاوز إمكانية الولايات المتحدة، على الأقل حتى عودة جون بولتون.
المصدر: وكالات