ملايين المسلمين يقفون اليوم على صعيد عرفة، يتضرعون إلى الله عزّ وجلّ أن يغفر ذنوبهم، ويرحمهم، وهو مشهد عظيم، يتوحد فيه المسلمون من كل الدنيا، يرجون عفو الله وإحسانه، وأن يحقق مناهم في الدنيا والآخرة.
معهم نحن نتضرع إلى الله، أن يحقن دماء المسلمين، وأن يرد الروح إلى هذه الأمة، روح الوسطية، والاعتدال، وأن يعود الإنسان إلى أولوياته، من حيث التركيز على حياته ومستقبله، وتعليمه والنظر إلى المستقبل بعين التخطيط وعدم الاستغراق في السلبيات وتجاوز الأحقاد والكراهية، من أجل سلامة هذه الأجيال وحياتها.
والمسلمون في جبل عرفات، تتوحد قلوبنا معهم، وترجو أيضاً لهذه البشرية سلاماً، وأن يتوقف انحدار الإنسانية في كل مكان، فالإسلام أيضاً، دين الإنسانية، والعطف والشفقة، الدين الذي يمنح الدم حرمة خاصة، تفوق كل شيء، وما كان الإسلام إلا وسطياً إنسانياً، وهذا يفسر سر امتداده وتوسعه في كل الدنيا، سر يرتبط بإنسانيته، وقيمه العظيمة التي تحث على رحمة الناس، والإحسان إلى الضعفاء، وبث روح المحبة والمودة بين أبناء البشرية في كل مكان.
إننا نأمل أن يأتي موسم الحج المقبل، وقد توقفت شلالات الدم في كل مكان، وعاد كل لاجئ إلى وطنه، وأن يتم حقن دماء المسلمين، وأن يعود العالم الإسلامي إلى إعمار دياره التي تعرضت إلى خراب كبير، وأن يعم الأمن والسلام كل ركن وبيت ومدينة، وأن نسمع تكبيرات العام المقبل، وخلفها مسرة وفرح وقد انجلت كل هموم أمتنا.