وصفت صحيفة (البيان) الإماراتية الصادرة، صباح اليوم الثلاثاء، المرحلة التي يعيشها العراق هذه الأيام بأنها من أشد وأخطر مراحله نظرا لانسداد الآفاق السياسية وتزايد الشعور بالمظلومية من قبل شريحة مهمة من العراقيين وتنامي مخاطر تنظيم “القاعدة” الذي استغل الوضع القلق وسعى لبسط سيطرته على المدن العراقية في المنطقة الغربية.
وأكدت الصحيفة – تحت عنوان “محنة العراق” – أن اتخاذ بعض السياسات أسهم بشكل أو بآخر في تأجيج هذا الوضع، فالعملية السياسية التشاركية بات الكثيرون يشككون في جديتها والتعامل الحزبي مع القضايا الوطنية أسهم في تأجيج الصراع بين مكونات الشعب العراقي سياسيا وغير سياسي.
وقالت إن “الدستور العراقي الذي توافقت القوى عليه ضمن هامشا ديمقراطيا واسعا وحرية في تقرير المصير واختيار شكل الحكم المحلي الذي اعتمد على فكرة الأقاليم، وهذا كان في الأساس حلا لمشكلة مركزية السلطة وتحكم لون سياسي معين، ولكن الكثير من السياسات أفرغ هذا النص من مضمونه وعرقل آليات تطبيقه في محاولة لإعادة فكرة المركزية الشديدة التي أثبتت أنها لا تحقق الاستقرار مع وجود مجتمع فسيفسائي من جميع النواحي الدينية والعرقية.
ونبهت إلى أن العراق بحاجة إلى حوار في هذه المرحلة لا العودة إلى مربع الاقتتال الأول خصوصا أن هنالك من يتربص بأمن العراق واستقراره ويسعى لإقامة كيانات مصطنعة تهدد استقرار المنطقة برمتها وليس العراق وحده.
وأوضحت أن الحل هو في الدستور العراقي الذي ضمن الحقوق لجميع المكونات وليس التغول على هذا الدستور بدعاوى الديمقراطية والاقتراع ونسبة المصوتين، فكل هذه الأشياء وسائل لتحقيق الديمقراطية والاستقرار والسلم الأهلي وليست وسيلة للهيمنة والاستئثار والتهميش.
أضافت أن “تجارب الشعوب تمدنا بالكثير من الحلول عندما تصل الأمور إلى حافة الانسداد السياسي.. فبدل اللجوء إلى العنف والحلول العسكرية هناك مؤتمرات الحوار الوطني التي يعتمد على نتائجها في رسم مستقبل البلاد، وهناك تطبيق الدستور بروحه وليس بنصوصه، وهناك تنظيم استفتاءات محلية من شأنها أن تحدد اتجاهات الحلول السياسية المقبولة.
وأكدت (البيان) – في الختام – أن التشاركية هي السبيل الوحيد للخروج من مأزق الفوضى الذي يهدد المنطقة عموما، هذه الفوضى التي تمنع التنمية واستثمار المواد والثروات وتوقف عجلة التطور وتعيد عقارب الساعة إلى الخلف.
فيما حذرت صحيفة (الوطن) القطرية من مجزرة وشيكة في مدينة الفلوجة العراقية، نتيجة صراع غير متكافئ بين الطرفين الحكومة العراقية وسكان المدينة الذين لا علاقة لهم بهذه المجموعات الإرهابية، مشددة في هذا الصدد على ضرورة القيام بعملية سياسية حكيمة، تؤدي إلى ضمان سلامة المدنيين في هذه المدينة.
وقالت إن “خيار الهجوم الشامل على المدينة بدلا من حوار الحكماء بين طرفين وطنيين يؤمن حياة المدنيين، لن يفضي إلى النتائج المتوخاة، ولن يكون حلا مستداما، فمدينة لا ترفع راية استسلامية بيضاء، وسبق لها عدم الإذعان لمحتليها ليس من المتصور أن تكون فريسة سهلة لأحد، وليس من المتخيل أن اقتحامها براجمات الصواريخ ونخب من الوحدات الخاصة لن يكون له ضحايا من المدنيين”.
ونبهت الصحيفة إلى أن خطورة الهجوم الذي يرتب له الجيش العراقي الذي يحاصر المدينة، لا تقتصر فقط على خسائره البشرية من الطرفين، ولكن في أن هذا الهجوم سيرسم خط تماس يقتسم العراق اقتساما طائفيا بغيضا، ويكرس توزيعة طائفية ضد حاضر العراق ومستقبله ووحدة أراضيه، ويهدم جسور حوار ليس من مصلحة أحد أن تتهدم وتسقط، ليكون البديل قتالا ضاريا لا شك أنه سيطيل من عمر الأزمة في هذا البلد.
وشددت على أن العراق بحاجة إلى صوت حكيم وعاقل يستعيد الوئام بين مكوناته، وليس بحاجة إلى الانزلاق إلى أنفاق القتال المظلمة، الذي يضع المدنيين والمجموعات الإرهابية الكريهة في سلة واحدة.
وأكدت الصحيفة أن الحل بحرب على الفلوجة والرمادي هي حرب خاسرة بكل المقاييس، إذا لم توفر ما يكفي من الأمن والاستحقاقات لسكانهما، كون هذه الحرب تصنع جذور أزمة ستكون مستعصية يصعب حلها بعد فوات أوان هذا الحل.
المصدر:أ ش أ